يجري ترکيز إعلامي وسياسي غير مسبوق من قبل النظام الايراني، تم من خلاله الإيحاء بأن إنتفاضة سبتمبر 2022، التي إستمرت لستة أشهر، قد مرت على النظام بردا وسلاما وتم "دحر" و"إجهاض" و"سحق" و"إفشال" المٶامرة، کما يرد حاليا في أدبيات النظام، ويسعى النظام لعکس هذه الحالة التي فيها الکثير من الافتعال والتصنع الى الاعلام العربي بشکل خاص والغربي بشکل عام وذلك لعلاقة النظام بهذين الطرفين وتأثره بهما.
ومن الواضح جدا إن النظام يريد إيصال رسالة مضمونها: هدأت العاصفة ضده وتجاوز مرحلة الخطر بسلام، بل وحتى إنه يريد القول بأن الضربة التي لم تسقطه وتنهيه فإنها تقويه! بيد إن الذي يجب ملاحظته وأخذه بنظر الاعتبار والاهمية هو إنه ليس المهم ما يقوله ويدعيه النظام في تصريحات قادته ومسٶوليه وفيما تنقله وسائل إعلامه، بل إن الاهم من ذلك تداعيات وإنعکاسات ما يدعيه ويزعمه النظام على أرض الواقع، فهل حقا إن الامر کذلك فعلا؟
من أجل معرفة مصداقية مزاعم النظام أو کذبها، مهم جدا أن نجد إنعکاسا ملفتا للنظر أو على الاقل مقبولا لها في وسائل الاعلام العربية والعالمية، خصوصا وإنه وفي هذا العصر وهذه المرحلة بالذات ليس من السهل إطلاق تصريحات "غير عادية" و"نوعية" من دون أن تتعرض لعملية غربلة، ولعل أهم ما يمکن أن يلفت النظر هنا؛ هو إنه لا يوجد أي إنعکاس وتجسيد في الاعلامين العربي والعالمي يوحي بتصديق مزاعم النظام الايراني والثقة بها!
لا يزال التشکيك والحذر من هذا النظام ومن نواياه المبيتة هو الذي يطغي على وسائل الاعلام العربية والدولية، ولازال العالم العربي والبلدان الغربية غير مقتنعة بهذا النظام وبإستقرار أوضاعه ومن إنه قد کسب الشعب الى جانبه "کما يزعم"، خصوصا وإن النظام قد فشل في أول إختبار من نوعه على الصعيد الغربي بهذا الصدد عندما حاول إلغاء تجمع للمعارضة الايرانية الرئيسية في العاصمة الفرنسية باريس والانکى من ذلك إنه قد تم عقدها بصورة غير مسبوقة حيث إستمرت لأربعة أيام وشهدت عددا کبيرا من الاجتماعات لساسة عرب وغربيين مرموقين يتناولوا الاوضاع في إيران ودور النظام الايراني السلبي في المنطقة والعالم بالبحث والتحليل وبينوا بلغة الارقام الاوضاع بالغة السلبية التي يواجهها هذا النظام.
کما إن هناك ملاحظة مهمة أخرى يجب أن لا تغيب عن بالنا وهي؛ هل إن ثقة بلدان المنطقة والعالم وتحديدا بعد إنتفاضة سبتمبر وخلال الاسابيع الاخيرة قد إزدادت وشهدت تقدما للأمام؟ من دون شك ليس هناك أبدا أي مٶشر يدل على ذلك، ولاسيما وإن لهذا النظام تجارب سابقة کثيرة مارس فيها الکذب والخداع واللف والدوران في الاتفاقيات المبرمة معه، وخلاصة القول والکلام، إن العاصفة لم تهدأ والنظام لم يتجاوز مرحلة الخطر بل وحتى يمکن القول إن الاخطر بإنتظاره!
التعليقات