أوردت "الحرة" يوم 29 سبتمبر 2023 أنّ "أحمد الطنطاوي" المُرشّح والمنافس المُحتمَل للرئيس عبد الفتاح السيسي في انتخابات الرئاسة المصرية المقبلة، يُواصِلُ جمع التوكيلات المطلوبة، وذلك بعد أن قرر تعليق حملته مؤقتا". "وكان الطنطاوي أعلن عن تعليق حملته الانتخابية بصورة مؤقتة لمدة 48 ساعة بسبب عمليات التضييق الأمني على أفراد الحملة وبسبب "حرب التوكيلات" التي بدأت مع الإعلان عن تاريخ إجراء الانتخابات".

"وتجري الانتخابات الرئاسية المصرية في ديسمبر المقبل، قرابة أربعة أشهر من انتهاء الولاية الحالية للرئيس السيسي، أبريل المقبل". "ويفترض بالمرشحين جمع توكيلات من 25 ألف مواطن من 15 محافظة مع حدّ أدنى بألف توكيل من كل محافظة، ليتمكنوا من خوض الانتخابات".

فاز الإخوان المُسلمون في مصر، بالحُكم وقاموا بِإنشاء أوّل ديمقراطية في البلد، بعد الإطاحة بالنظام العسكري من قِبَل الشعب في ثورة يناير المجيدة، النّظام الذي حَكَم مصر لِعقود. فاز الإخوان في انتخابات نزيهة وشفّافة وبشهادة العالم، ولكن هذا لا يروق أعداء الديمُقراطية في المنطقة، وقد ساهمَت دول إقليمية وأجنبية في الانقلاب عن الشرعيّة في مصر، لقد قامت قوّات الجيش بفضّ اعتصام "رابعة العدوية" بقوة السلاح مِمّا أدّى إلى مقتل مئات من المُعتصمين المُطالبين بإعادة الشرعية للبلد وعودة الجيش إلى ثكناته، فاعتقال الرئيس الشرعي المرحوم مرسي الذي اختاره الشعب، وإدخاله إلى السجن من طرف الانقلابيين لَدَليل قاطِع على أنّ قوى إقليمية وأجنبية تسعى إلى عودة النظام العسكري البائد إلى سدّة الحكم، لأن الحكم الديمقراطي لن يحافظ على مصالح الدول الأجنبية في البلد بالإضافة إلى خوف البلدان الإقليمية من انتشار عدوى الديمُقراطية في المنطقة بأسرها لأن الشعوب قد ضاقت درعا من الاستبداد والفساد والقهر.

فعكس ما يقول البعض بأنّ جماعة الإخوان هي سبب مَقتَل المَدنيّين الأبرياء أثناء اعتصامهم بميدان رابعة، باستِعمالهم السلاح، فَقوات العسكر هي التي قامت بجريمة قتل هؤلاء المدنيين الأبرياء في ميدان رابعة العدوية وفي ميادين أخرى (ميدان التحرير) وفي الشوارع والمساجد واعتقال المئات منهم وذلك من أجل إسكات أصواتهم وتمهيداً لإنشاء نظام عسكري كامتداد للنظام السابق.

في 14 أغسطس 2013، قامت قوات الأمن المصرية بفض اعتصامين للمتظاهرين في القاهرة: الأول في ميدان النهضة والآخر في ميدان رابعة العدوية. كان الميدانين قد شهدا اعتصاماً من قبل مؤيدي الرئيس المعزول محمد مرسي، والذي كان قد أُطيح به من قبل الجيش، واستغرقت عملية الفضّ عدة ساعات. وُصفت عملية فض الاعتصامين من قبل هيومان رايتس ووتش بأنها أخطر حادث قتْل جماعي غير قانونيّ في التاريخ المصري المُعاصر.

إنّ الأخبار التي تروج حول ترشُّح "أحمد الطنطاوي" في الانتخابات الرئاسية المُقبلة، هي كلام في كلام، ويُمكِن لهذا المُرشّح أنْ يُحقِّقَ أيّ شيء، في الوقت الذي يقوم النظام الحالي بِقمْع أنصاره ومُؤيِّديه، فقد أوردت جريدة "العربي الجديد" (16 سبتمبر 2023) أن"مُنظمات حقوقية عدة أدانَت حمْلة استِهداف معارضين وأنصار المُرشَّح الرئاسي المُحتَمَل، أحمد الطنطاوي، بعد رصد وتوثيق القبض على أكثر من 30 مؤيداً له في عدد من المحافظات المصرية، خلال الأسابيع القليلة الماضية، وإدراجهم على ذمة قضية سياسية"
"واستنكرت مؤسسة دعم القانون والديمقراطية، ما وصفته بـ "سلسلة الاعتداءات الأمنية التي تعرضت لها حملة المرشح الرئاسي أحمد الطنطاوي في الأيام القليلة الماضية، عقب فترة وجيزة من إعلانه نيته خوض سباق الانتخابات الرئاسية القادمة، والمزمع إقامتها نهاية العام الجاري أومطلع العام القادم".

كما أشارت جريدة "الخليج الجديد" يوم 26 سبتمبر 2023. أنّ "العشرات من مؤيدين الطنطاوي يُواجهون مجموعة متنوعة من التُّهم بما في ذلك الانضمام إلى جماعة إرهابية، وهوتصنيف تطلقه الحكومة على جماعة الإخوان المسلمين المحظورة، ونشر أخبار كاذبة". كما جاء في جريدة "درب" يومه 29 سبتمبر 2023.

أنّ "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، قالت: إن أعداد المتطوعين في حملة الطنطاوي الذين تعرضوا للقبض وصل إلى أكثر من 73 شخصا في نصف محافظات الجمهورية. ما أكدته الحملة نفسها، بل أشارت إلى وجود أعداد أخرى من المختفين ينتمون للحملة وغير معروف أماكن تواجدهم".

هذا يدُلُّ على أنّ الرئيس الحالي ليس في نيته التنازُل عن الرئاسة لأحد، ولهذا فكل مرشّح يرغب في مُنافسته على منصب الرئاسة بحقّ سيفتح على نفسه أبواب جهنّم، لكون النظام الحالي يتوفر على ما يكفي من "الأحزاب" الموالية والتّابعة له والمؤازرة له، والتي ستُواجه بِقوة كلّ من يريد الخوض في هذه الانتخابات بحقّ، فلن يبقى في الساحة إلّا أولئك المُرشّحون الذين تُسخّرهم السلطات المصرية لِإضفاء الشرعية على هذه الانتخابات أمام العالم، ويعني ذلك الإظهار للمجتمع الدولي أن مصر دولة تسعى في طريق ديمقراطي حقيقي، فهناك مرشّحون آخرون مُنافسون للسيسي ولم يخُض وحده هذه الانتخابات، علماً أنّ حقيقة الأمر تقول، بأنّه هوالمُرشَّح الوحيد والفائز حتماً، لا ريب ولا شكّ في ذلك، وما المُشارِكون الآخرون في الانتخابات إلّا ديكوراً للديمقراطيّة المُزيّفة.

إنَّ كلّ مَنْ يخوضون في مسألة (الديمقراطيّة) والحُكم المدني في مصر هُم واهِمون وغافِلون ولا يُدرِكون حقَّ الإدراك تاريخ مصر السياسي، لا يُمكِن، ولو في الحُلم، تصوُّر إنشاء أيّة ديمقراطيّة حقيقيّة في البلد، ذلك أنّ النظام السياسي في مصر سيبقى قائماً على نظام عسكريّ ولا أمَل لتغييره بَتاتاً، فَبِفشَل ثورة يناير المَجيدة في تغيير هذا النظام (النظام العسكريّ) تضمَحِلُّ معها كلّ الآمال في أي تجديد للنُّخبة الحاكمة والتي دامت لعقود عديدة والتي ستستمرّ في سُدّة الحكم إلى أجل غير مُسمّىً. لأنّ الشخصيات المُعارِضة الحقيقيّة، التي مِنَ المُمكن أن تُغيِّر الأوضاع، كلَّها مُهَجَّرة قَهراً وليس لها أيَّ دور في سياسة البلاد لاستِبعادِها قسراً وقصداً لتبقى الأمور السياسيّة القائمة مُستمِرَّةً على وضعها المعهود. فما يُسمّى (الأحزاب السياسية) المصرِيّة مُواليَة للنِّظام الحاكم ولا نِيَةَ لها في مُنافسة الرئيس الحالي في "الانتخابات" التي ستُجرى قريباً، والتي ستَكونُ صوريّة وشكليّة فقط ولن تكون نزيهةً ولا شفّافة ولن تكون لها أيّة مِصداقيّة تُذكَر، وستبقى الأغلبية العُظمى فيها للرئيس الحالي وستكون نِسبَة فوْزه نِسبةً خياليَةً، كما تعوَّدنا في كلّ "انتخابات الدول" التي تدَّعي أنظمَتُها "الديمقراطية".