إيران تتصرف وكأنها دولة عظمى، هذه التصرفات والتصريحات من قبل المسؤولين الإيرانيين المتعالية ليست نابعة من فراغ، بل هناك ثلاثة أسباب موجبة لهذه التصرفات التي تجعل الإيرانيين واثقين من أنهم لا يقلون شأناً عن الدول العظمى.

أولًا: الزق المعنوي من قبل دولتين من الدول العظمى هي روسيا والصين (وهما أخبث دولتين في العالم)، هاتان الدولتان عن عمد يوحيان الى إيران بإنها دولة عظمى، فيتعاملان معها بمستوى عال من التبجيل ويحسسانها بأنها دولة محورية في الشرق الاوسط والعالم، بل أن روسيا تشاور إيران في أمور خاصة بها وتستمع الى المشورة الإيرانية وتستورد منها بعض الإسلحة التي هي ليست بحاجة ماسة لها، هذا الإحساس جعل إيران تنتفخ مع وجود بعض المكاسب على الأرض على حساب عدد من الدول العربية الإقليمية، فمع هذا النفخ عاش الإيرانيون حالة من التحدي والتمرد الدولي لإثبات أنهم دولة عظمى يجب أن ينالوا من العالم الغربي نفس التقدير والأعجاب الذي ينالونه من روسيا والصين.

ثانيًا: العقلية الفارسية القديمة الجديدة المتعالية تتصاعد وتترسخ عندما تحقق سلوكيات هذه العقلية المتعجرفة نتائج إيجابية في الاحداث المتزايدة في المنطقة. والمعروف عن العقلية الفارسية تتمتع بنوع من السطوة على مجموعة قوميات متعايشة معها عبر الاف السنين، فهي تظن أن باقي شعوب الارض يجب أن تحذو حذو القوميات الخاضعة لها، إذاً هي عقلية متعالية متوارثة لا يمكن أن تتغير خاصة مع وجود تأريخ عميق يمتد لالاف السنين يدعم هذا الشعور.

ثالثًا: عدم وجود الرد القاسي من لدن دول العالم الغربي، عندما تتمادى إيران في سلوكياتها العدوانية، مما أدى أن تشعر إيران بالزهو والغرور بأنها فعلاً دولة مرعبة قادرة على التلاعب بالاحداث الإقليمية والعالمية.

عندما تتلقى إيران صفعة قوية من أية جهة سرعان ما تعود الى رشدها، كما حدث لها في حرب الثمان سنوات مع العراق وكما حدث لها مؤخراً مع إغتيال قاسم سليمان، الجميع لاحظ كيف أرتبكت سياسات إيران ودخلت في دوامة الصداع لأنها وجدت نفسها عاجزة عن القيام بأي رد حقيقي على أغتيال أحد أبرز قادتها.

هذه الحالة التي تعيشها إيران متناقضة تماماً مع الواقع لأن الواقع يقول أن الاقتصاد الإيراني ضعيف الى درجة الانهيار، وأن صناعات إيران ما زالت بدائية، وهي لحد اللحظة مصنفة من دول العالم الثالث من جميع النواحي، وأن الشعب الإيراني متذمر من النظام الحاكم، وأن شعوب المنطقة متحاملة على سلوكيات إيران المؤذية، فياليت للقيادات الإيرانية أن تستفيق من هذا الحلم الذي سيكون ثمنه مكلف جداً إذا ما جاءتها صفعة مزلزلة لا تقوى بعدها على النهوض أبداً، عندها ستجد إيران كل من الصين وروسيا يسحبان يداهما منها ويتنكران لها.

ما تفعله روسيا مع إيران فعلته من قبل مع صدام حسين وجعلوه يشعر بأنه قادر على أن يهزم أمريكا، ونفس الشيء فعلوه مع معمر القذافي في ليبيا، ولا ننسى كوبا الدولة الصغيرة في البحر الكاريبي أيام فيدل كاسترو الذي قال في إحدى خطاباته الثورية من على منبر الأمم المتحدة إنه قادر على هزيمة أمريكا، وها هي كوبا اليوم تعاني الفقر والمجاعة والتخلف تتوسل أمريكا الغذاء والمساعدات الإنسانية.

للأسف الشديد هناك الكثير من الناس الذين يعشقون إيران وسلوكيات القيادات الإيرانية بدوافع مختلفة منها الولاء الطائفي ومنها أيضاً تشابه الأهداف ومنها التأثير الإعلامي، هؤلاء الناس يعيشون الاحلام الإيرانية ذاتها ولا يتقبلون مثل هذا الكلام الذي يبين لهم الحقيقة وحقيقة إيران، فنراهم يهللون ويصفقون لبعض المواقف الإيرانية، ثم هم يحقدون ويتكالبون على كل من لم يسلك مسلكهم ولم يوافقهم الرأي، وهذا هو طبع الجهلاء (من لا يتفق معنا فهو عدونا).