جميع الحركات والاحزاب والتنظيمات الدينية تترقب ما ستفضي إليه معارك غزة، فإن كانت النتيجة التي ستفرزها هذه المعارك تفضي الى هزيمة للإسلام السياسي سيدرك الجميع مدى جهالة وتخلف وجاهلية الإسلام السياسي الذي فقد مصداقيته في أول مواجهة حقيقية مع أعداء ليسوا بمسلمين ويصبح الاستعداد في التخلي عن الإسلام السياسي أمر طبيعي لابد منه، لأنه ليس من المنطق أتباع الفاشل الذي يستطيع قتل الأبرياء وينهزم أمام الأعداء، وأما إذا كان العكس فطوبى للمجاهدين الإسلاميين الذين حسبوها صح وأعادوا إنعاش الإسلام السياسي الذي أوشك على الاندثار.

المعركة في غزة ليست معركة بين الإسلام واليهود، فالإسلام دين وليس مليشيا إرهاب وقتل النفوس البريئة، وكذلك هي ليست معركة بين العرب والإسرائيلين، فالعرب الذين قاتلوا إسرائيل قبلاً عرفوا الخفايا وأعلنوا الصلح مع إسرائيل فالقومية العربية لم تعد تعادي القومية الإسرائيلية، وكان السادات أول من أدرك هذه الحقيقة وشخصها وأول من مد يد المصافحة مع إسرائيل ويومها قال كلمته المشهورة (لا أسمح بعد اليوم بسقوط قطرة دم مصرية في أي حرب مع إسرائيل) وبها ألغى أنور السادات الصراع القومي العربي الإسرائيلي، إذاً هي معركة الإسلام السياسي الدموي الذي ترعاه منذ نشأته كل من تركيا وإيران ضد جميع القوى المحبة للسلام وجميع الدول التي تتبنى مفهوم الدولة المدنية، فقد كان الإسلام السياسي خنجراً في خاصرة الدولة المدنية خلال عقود مضت، فبسقوط الإسلام السياسي ستسقط هيبة وآيدلوجية هاتين الدولتين إيران وتركيا بلا رجعة، لقد حقق الإسلام السياسي خلال العقود الاخيرة انتصارات كبيرة ولكن على حساب الشعوب الضعيفة التي بالكاد أرادت الوقوف على رجليها، الشعوب التي لا حول ولا قوة لها، فأصاب قادة الإسلام السياسي الغرور و العجب، فظنوا بأنهم سائرون بالطريق الصحيح وأنهم قادرون على تعميم آيدلوجيتهم وطريقتهم على سكان الارض، وأن عصرهم هو عصر بعث الرسالة الإسلامية السياسية فأختاروا المكان الخطأ والزمان الخطأ، وحسبوها نزهة، فغلبت عقولهم سكرة المخدرات التي يصدرونها للشعوب المريضة فذهبوا بثقة عمياء لساحات النزال مع إسرائيل ومع دول العالم الحر دون أن يحسبوا لعدوهم حساب، دون أن يعرفوا أو يدركوا بأن إسرائيل هي ليست دولة تقليدية، إسرائيل يعني أمريكا، إسرائيل يعني العالم الغربي كله، إسرائيل يعني الإعلام العالمي، إسرائيل يعني الاقتصاد العالمي، فاستطاعت إسرائيل هذه أن تستغل غباء الإسلام السياسي ومن خلالهم وعلى حسابهم كسبت الموقف الدولي كله الى جانبها، وهاهي إسرائيل تسرح وتمرح في غزة دون أن يلومها أحد، أنظروا حال الدول التي أصابها وباء الإسلام السياسي وانظروا الى الفوضى التي عمت بلدانهم وانظروا الى التخلف والفساد والقتل، هل هذه هي إنجازاتهم التي يريدون إرضاء ربهم بها ؟

هل سينظرون إلى أنفسهم ويعيدوا حساباتهم ويعترفوا بما سببوه من تخلف وضعف للمجتمعات والدول التي إبتليت بهم، لا تجد إنساناً واعياً أو إنساناً بسيطاً يعاني اليوم من آلام الحياة في منطقتنا المشؤومة إلا وكانت مصادر هذه الالام هو الإسلام السياسي.

ننتظر جميعنا بفارغ الصبر ذلك اليوم الذي تزول عن سماءنا غمامة الإسلام السياسي لتشرق لنا شمس الحرية وشمس المحبة ونتخلص من كل أشكال الكراهية التي تجذرت في نفوس الناس بسبب تلك التنظيمات الدموية، فلن تعد تتحمل طاقاتنا تلك الجراح التي خلفتها بربرية ما يسمى بالإسلام السياسي، فنحن المسلمون كانت معاناتنا أشد من غير المسلمين وما أصابنا من هؤلاء المتأسلمين الذين حملوا شرف الإرهاب عن جدارة وكانوا أحق بها وأهلها، ما أصابنا منهم من صدمات أبعدتنا عن جميع الأمم المحبة للسلام والتقدم، فقد حان الوقت لنعيش بألفة وصدق مع شعوب الارض دون فوارق ودون تمييز ولا نريد أن نسمع بعد اليوم اصوات المدافع والتفجيرات والمفخخات واصوات البنادق، فقد زاد شوقنا لأصوات البلابل والطيور واصوات الغناء والافراح والضحكات البريئة، فهل سينعم أجيالنا بالراحة ويعيشون بلا أحزاب وبلا تنظيمات إرهابية بأسم الدين؟

عندما تتدحرج الكرة داخل الملعب الإيراني والتركي سيكون الجواب بالتأكيد نعم، فهؤلاء هم الجحور التي تأوي إليها الحشرات والزواحف! وهذا ما يلاحظه العالم الآن بكل وضوح وخاصة بعد معارك غزة، فقد كشف القناع وتم تشخيص الداء ومصدر الداء ولم يبق إلا استخدام المصل المناسب لهذا الداء وردم بيت الداء. لا يصعب على أهل الخير وأهل الإنسانية من إيجاد المصل المناسب الفعال.