استمتع الكثير من العرب بمشاهد اصطياد الدبابات الإسرائيلية من قبل فصائل المقاومة الفلسطينية، وهي مشاهد كان الكثير منهم يتمنى أن يراها من قبل، وقد أتى المقاتل الفلسطيني ليروي غليلهم بهذا الاصطياد النوعي. إنَّه ثأر قديم بين العرب الأقحاح الذين قاتلوا بشرف على ثرى فلسطين منذ حرب 1948 وحتى آخر حرب بينهم وبين الإسرائيليين. وفي كل الحروب السابقة، لم تستطع الروايات الشفهية التي نقلها الجنود العرب المقاتلين لأهاليهم أن تسعف المستمعين في رسم صورة وافية للواقع، إذ كانت روايات لا تستند إلى دليل ملموس، فبقيت طي خيال من يتمنون أن تتحرر فلسطين.

إنَّ الفصائل الفلسطينية المقاومة تهدي المشاهدين العرب اليوم عبر قنوات التلفزة الفضائية مشاهد قنص الدبابات التي تشفي الصدور، وتطفئ ظمأ حب المشاركة في قتال دولة الاحتلال، على ما قال لي جدي لأبي، وهو كان ممن شاركوا في حرب 1967 وكان يجلس إلى جانبي أثناء مشاهدة نشرة أخبار الثامنة اليوم. لقد كان، أمد الله في عمره، في باب العامود ومندلبوم على خط الهدنة بين العرب وإسرائيل في كتيبة الحسين الثانية في الجيش العربي، حينما كانت تُدك كتيبتهم بنيران العدو، وكانوا يتقافزون كالأسود متى انتهى الرمي للرد على مصادر النيران بالأهازيج البدوية والحداء والزغاريد. وحين يشاهد جدي اليوم ما توفره تقنيات الاتصال الحديثة من فرصة لرؤية قنص الدبابات الإسرائيلية والجنود، يلتفت إليّ قائلاً: "أشعر أن شعر رأسي يقف!".

لقد استطاع المقاتلون الأشاوس إهداء العرب، ممن لم تمكنهم ظروفهم من اقتلاع إسرائيل من قلب الوطن العربي، مناظر تذكرهم بما قد مضى، وما اشتاقوا لفعله حينذاك، وهذا يدلل على أن هذه الأمة ما زالت ولادة، وأن الأجيال الجديدة ربما تكون أكثر قدرة على تحقيق توازن الرعب مع إسرائيل. وبالرغم من فارق العدة والعتاد والسلاح بيد الطرفين، إلا أن قوة الإيمان ستفوز في النهاية.

لقد شكل مقتل العقيد الإسرائيلي إساف حمامي، قائد اللواء الجنوبي في فرقة غزة، والذي ما زالت جثته محتجزة لدى صائدي الدبابات، خير دليل على أنهم صائدو رجال وقادة، إضافة إلى قدراتهم العسكرية التي برزوا بها. يحتاج هؤلاء من بني قومهم إلى المساندة، كل حسب قدرته، إضافة إلى الدعاء.