يشير انهيار الهدنة في قطاع غزة وتصاعد العدوان الإسرائيلي إلى إصرار حكومة التطرف على الإمعان في ارتكاب المزيد من الجرائم الدولية. إن تجدد القصف الإسرائيلي العنيف على قطاع غزة الفقير والمحاصر يفتح الباب على مصراعيه لإجبار الأهالي على الرحيل عن أرضهم المدمرة، مما يؤدي إلى عواقب وخيمة في ظل عمليات التهجير القسري للفلسطينيين، وسط أحاديث إسرائيلية عن عملية في جنوبي القطاع المتاخم للحدود مع مصر.

تجدّد القصف العنيف وتوسع العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد قطاع غزة أسفر عن تجدد سقوط الضحايا بين المدنيين الفلسطينيين، ما يعد انتكاسة خطيرة واستهانة من الجانب الإسرائيلي بكل الجهود المبذولة التي سعت على مدار الأيام الماضية إلى تمديد الهدنة حقناً لدماء الفلسطينيين الأبرياء، وتأمين إنفاذ المزيد من المساعدات الإنسانية الملحة إلى سكان القطاع.

يعقِّد استمرار القصف على قطاع غزة في الساعات الأولى بعد انتهاء الهدنة جهود الوساطة، ويفاقم الكارثة الإنسانية في القطاع، والمجتمع الدولي مدعو إلى سرعة التحرك لوقف القتال ووقف عدوان الاحتلال على الشعب الفلسطيني وممارسة العقاب الجماعي، ومحاولات التهجير القسري لمواطني قطاع غزة المحاصرين، ولا بد من تطبيق الوقف الفوري لإطلاق النار وضمان تدفق قوافل الإغاثة والمساعدات الإنسانية بصورة مستمرة ومن دون عوائق، بما يلبي الاحتياجات الفعلية لسكان القطاع.

لقد سمحت الهدنة المنهارة التي بدأت في 24 نوفمبر، واستمرت سبعة أيام مع تمديدها مرتين، بتبادل عشرات الرهائن المحتجزين في غزة بمئات الأسرى الفلسطينيين، وتسهيل دخول المزيد من المساعدات الإنسانية إلى القطاع، في خطوة تعد غير كافية أمام حجم الدمار والخراب والكوارث الإنسانية التي لحقت بقطاع غزة من وراء الجرائم التي يرتكبها جيش الاحتلال، لا سيما المجازر الدموية بحق الفلسطينيين في منازلهم، وفي سابقة هي الأولى من نوعها على مستوى التاريخ المعاصر، حيث يقوم جيش الاحتلال بقصف المنازل والمباني السكنية وتدميرها فوق رؤوس قاطنيها، مدعياً أنَّه يستهدف عناصر المقاومة. لقد تم شطب عائلات بكاملها من السجل المدني، وتعرضت عشرات العائلات للموت بالجملة بسبب القصف الهمجي الإرهابي.

يشكل توسيع العمليات العسكرية الإسرائيلية في جنوب قطاع غزة، ودعاوى المسؤولين الإسرائيليين المشجعة لتهجير الفلسطينيين خارج حدود غزة، كارثة إنسانية وسياسية كبرى ستلحق الضرر بالشعب الفلسطيني وتضرب كل المواثيق الدولية، حيث سيفقد المجتمع الدولي قدرته على وقف تداعيات الحرب الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني، ويعد ذلك انتهاكاً صارخاً لالتزامات إسرائيل بصفتها القوة القائمة بالاحتلال، ولكافة أحكام القانون الدولي الإنساني، خاصة أحكام اتفاقية چنيف الرابعة لعام 1949.

إن الشعب الفلسطيني متمسك بحقوقه، ولن تنتزعه قوة من أرضه مهما استخدمت دولة الاحتلال من قوتها العسكرية سيبقى صامداً ولن يركع، رافضاً كل محاولات تهجيره القسري خارج حدود أرضه. فهذه السياسة مرفوضة جملة وتفصيلاً، وحان الوقت لكل الأطراف الدولية المؤثرة والأجهزة الأممية المعنية وعلى رأسها مجلس الأمن للاضطلاع بمسؤولياتها تجاه ضمان حماية المدنيين الفلسطينيين في غزة، ووقف محاولات وخطط دفعهم للنزوح خارج بلادهم وأرض أجدادهم، واتخاذ خطوات عملية لتنفيذ القرارين الصادرين عن مجلس الأمن والجمعية العامة في هذا الشأن.