تكتسي انتخابات مجالس المحافظات القادمة في العراق، باستثناء إقليم كوردستان، أهمية كبرى لأسباب عديدة ومتنوعة، منها أنها أوَّل انتخابات تجري منذ 10 سنوات، وأول انتخابات تلي انتخابات تشرين الأول / أكتوبر 2021 الاستثنائية، وأسفرت حينها عن نتائج صادمة لجميع الكتل السياسية. إضافة إلى ذلك، تكتسب هذه الانتخابات أهمية كبرى لمحافظة كركوك ونينوى وديالى تحديداً، المدن المغدورة التي لم تشهد انتخابات مجالس المحافظات منذ عام 2005، ونظراً لأهميتها على ما يزعم الجانب الكوردي لاستعادة نفوذه فيها بعد أن خسره عام 2017 بنتيجة الاستفتاء على انفصال إقليم كوردستان عن العراق.

ويبدو أنَّ الاحزاب الكورديَّة، من دون استثناء، لم تدرك كعادتها أهميَّة وضرورة تجنب الخلافات الحزبية وتوزيع الاتهامات لا سيما الحزبين الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني، حيث بدأ الصراع مبكراً بينهما، فقبل أيام من إجراء الانتخابات المحلية، انشق مرشحون عن الحزب الديمقراطي الكوردستاني في كركوك، والتحقوا بصفوف الاتحاد الوطني الكردستاني، كما حصل العكس أيضاً.

وبدل تشكيل كتلة واحدة وموحدة، اتفقت الأحزاب الكوردستانية مرة أخرى على ألا تتفق، وقررت أن تخوض الانتخابات المقرّرة في 18 كانون الأول / ديسمبر الجاري بثلاثة تحالفات وقائمتين منفصلتين! وكل يدعي وصلاً بليلى وليلى لا تقرّ بذاك!

ومن المثير للسخرية أنَّ كل حزب أو تحالف كوردستاني يعتقد أنَّ لديه فرصة كبيرة لنيل أكبر عدد من مقاعد محافظة كركوك البالغ عددها 15 مقعداً. ‎وبحسب المفوضية المستقلة للانتخابات، فإنَّ 16 تحالفاً ستتنافس على 15 مقعداً لمجلس المحافظة، ويحق لنحو 23 مليوناً و367 ألفاً و81 شخصاً التصويت في هذه الانتخابات.

أقول وبصوت عالي، لو كان مصير كركوك وبقية المحافظات الأخرى يهمّ الأخوة الأعداء فعلاً كما يزعمون، لتجنبوا الصراعات الحزبيَّة المقيتة والمهاترات ومعركة كسر العظم وتوزيع التهم وتخوين بعضهم البعض، وشكلوا قائمة موحدة، إلا أنهم أثبتوا من جديد أنَّ الصراع الحاصل هو صراع قديم جديد بين العائلتين الحاكمتين المتنازعتين على السلطة والنفوذ في الإقليم، وهذا الصراع يتعمق ويتعقد يوماً بعد يوم، وستثبت الأيام القادمة هذه الحقيقة.

أمَّا الشعب، فمشغول بأزمة المحروقات وسوء الخدمات الرئيسية وتأخير الرواتب ومتابعة أخبار المفاوضات ولعبة "جر الحبل" بين بغداد وأربيل من جهة، وأربيل والسليمانية من جهة أخرى.

إنَّهم، وأقصد الأحزاب الكوردستانية من دون استثناء، يدعون الوطنية وهم كاذبون، ويدعون حب إقليم كوردستان وهم من قسّموه إلى إدارتين فاشلتين وذبحوه من الوريد إلى الوريد.

كلكم فاسدون وكاذبون حتى يثبت العكس!