قد يكون قول "رد الاعتبار" الذي وُصفت بها انتخابات مجالس المحافظات 2023 في العراق منطقياً، لأنَّ القوى كانت قد حصلت خلال انتخابات مجلس النواب عام 2018، وبنسبة مشاركة متقاربة جداً، على عدد مقاعد يفوق ما حصلت عليه عام 2021 بشكل كبير.

يعود ذلك ربما إلى حقيقة أنَّ انتخابات عام 2021 لم تجر في جو مؤات للعملية الانتخابية، في ظل وجود مخطط خارجي لتدمير العملية السياسية في العراق، وسحب البلاد باتجاه محور معين، ليتم استغلال موقعها الجيو السياسي وثقلها الاقتصادي لمصلحة جهات معينة. وقد تم تنفيذ هذا المخطط على يد خونة داخل البلد، كان همهم منصباً على تحقيق مصالحهم الشخصية، من خلال تنفيذ أوامر من بيدهم الحل والربط. لذلك كانت انتخابات عام 2021 مشوهة، ولا تعبر عن الثقل الجماهيري الحقيقي للقوى التي تعرضت للغبن.

تبعاً لذلك، كانت هذه القوى أمام تحد كبير هو رد الاعتبار لنفسها، وإظهار ثقلها الجماهيري الحقيقي، من خلال انتخابات مجالس المحافظات عام 2023. وقد حققت هذه القوى ما كانت تصبو إليه حيث أظهرت من خلال نتائج انتخابات الأخيرة، وبنسبة مشاركة متشابهة للسابق، نتائج أكثر تقدماً بكثير.

لقد حققت انتخابات مجالس المحافظات هدفين رئيسيين، الأول كشف حقيقة انتخابات 2021، وأنها كانت مزورة وتم التلاعب بها لصالح جهات معينة، من أجل إدخال العراق في محور يعاكس السياسة المعتمدة منذ عام 2003، والقاضية بأن يكون العراق محور التقاء بين جميع دول العالم، ولا ينخرط في محور على حساب آخر. كما كشفت هذه الانتخابات أيضاً أنَّ القوى لا تزال تتمتع بثقل جماهيري وازن، وأن الشعب العراقي يمحضها ثقته، وأنها الضامن الرئيسي للنظام السياسي، وحقوق الشعب. كذلك، أظهرت الانتخابات أيضاً الحجم الحقيقي لمن تلاعب بانتخابات 2021، وكشفت مدى تأثيره على الخارطة السياسية.