كان هناك من ينتظر، خلال الانتخابات الرئاسيّة الأميركية، فوز المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، لِكوْنِها وَعدت، في حملاتها الانتخابيّة، بأنها ستقوم بوقف الحرب في الشرق الأوسط، حيث قالت في كلمتها في تجمع انتخابي: "عندما أصبح رئيسة، سأفعل كل ما بوسعي لوقف الحرب في الشرق الأوسط". وكان هناك كذلك من يترقّب فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب، الذي قال في تصريح له إنه سيضع حدّا "للفوضى في الشرق الأوسط، وسيَمنع اندلاع حرب عالمية ثالثة".
لا يُمكن تصديق أقوال هاريس ولا أقوال ترامب حول وضع حدّ للحرب الإسرائيليّة على غزة ولبنان، ذلك أنّ أميركا، ومنذ القِدم، وهي إلى جانب الكيان الإسرائيليّ، تدعمه بالمال والسلاح وتُطلق يده الطويلة لقتل الفلسطينيّين والتنكيل بهم. فقد ساهمت أميركا في التلاعُب بالقضية الفلسطينيّة، وعملت على جرّ "منظمة التحرير" إلى مُفاوَضات مكوكية مع إسرائيل، من مدريد إلى كامب ديفيد، والتي انتهت إلى اتفاقيّة أوسلو التي تنصَّلت منها إسرائيل. وقد تبيَّن أخيراً أن هذه المفاوضات العبثيّة لا ترمي إلى حلّ الدولتين، وإنّما الهدف منها منح إسرائيل الوقت الكافي للاستيلاء على الضفة الغربيّة من خلال بناء المزيد من المستوطنات وشقّ طرق التفافية داخل الضفة، بهدف قضم أراضي عام 67 التي كان من المحتمل إقامة الدولة الفلسطينيّة عليها.
إنّ الحرب التي شنّتها إسرائيل على الشعب الفلسطينيّ في قطاع غزة بعد السابع من تشرين الأول (أكتوبر)، والوقوف إلى جانبها من قبل الإدارة الديمُقراطيّة برئاسة جو بايدن، لدليل قاطع على أنّ أميركا لا يمكن أن تتخلّى عن إسرائيل، فهي تمدّها بالمال والسلاح وكلّ ما تحتاج إليه، وهي تعلم بأن إسرائيل هي المُعتَدية. فأميركا، ومنذ إنشاء الدولة العبريّة المزعومة، تُسانِد الكيان المُحتلّ في تحقيق أهدافه التي تتجلّى في القضاء على المُقاومة وإخضاع جميع الأراضي لنُفوذه وطمس القضية الفلسطينيّة إلى الأبد، والحيلولة دون إقامة أي دولة فلسطينيّة في الأراضي المحتلّة.
وستتقلّد الإدارة الجمهورية، برئاسة ترامب، زمام الحكم بعد مرور شهرين، وهناك البعض ممن يُعلِّقون الأمل عليها في إنهاء الحرب وتمكين الشعب الفلسطينيّ من تقرير مصيره. لكن في حقيقة الأمر، لن يحصُل من ذلك شيء، فالجمهوريّون كما الديمُقراطيّون يَسعون إلى طمس القضية الفلسطينية وتقوية ركائز الدولة العبريّة ودعمها من أجل توسيع سيطرتِها ونفوذها، وجعلها أعظم دولة في منطقة الشرق الأوسط دون مُنازع، لكونها الضامن الوحيد لمصالِحهم في المنطقة.
التعليقات