الدعوات التي أطلقها رئيس الولايات المتحدة الأميركية دونالد ترامب بعد توليه الرئاسة أثارت موجة غضب كبيرة في العالم، إذ دعا وبشكل مفاجئ وصادم أن الولايات المتحدة ستتولى ملكية قطاع غزة (طويلة الأجل) في فلسطين وتحويله إلى منتجع كبير جديد، والذي تحول إلى مدينة أشباح بعد حرب الإبادة الجماعية التي مارسها الكيان الصهيوني ضد هذه المدينة التاريخية، والذي لقي اعتراضات وإدانة واسعة من العالم وفي مقدمتها الأمم المتحدة والتي اعتبرته تطهيراً عرقياً ضد الفلسطينيين فيما يؤكد ترامب بانتفاء الحاجة لقوات أميركية في غزة، لأن أكثر من مليون ونصف فلسطيني سيخرجون طواعية منها، وهو أمر لن يمكن تحقيقه وسط هذا الواقع لأن أهل غزة لن يغادروا طواعية وهم متشبثون بأرضهم ومنازلهم ولا يمكن طردهم إلا بالقتل والإبادة الكلية لهم.
مثل هذه الخطوات التي تسعى إليها الإدارة الأميركية سيخلق لها حالة من التمرد في العالم والشرق الأوسط تحديداً، والتي ربما تنتهي بالمواجهة يوماً ما والتي بالتأكيد ستكون أكبر من حرب العراق ولكن هذه المرة على نطاق أوسع، والتي ستدفع فيها الولايات المتحدة أثماناً باهظة عن كل ما ارتكبته من حروب خاضتها القوات الأميركية سابقاً.
إقرأ أيضاً: استراتيجية إيران في مواجهة ضغوط ترامب
الرئيس ترامب لا يريد أن يدخل هذه التجربة مرة أخرى وأن استخدام الجيوش تجربة كبدته خسائر كبيرة، إذا ما قارناها بالحرب على العراق والتي كلفت أكثر من 728 مليار دولار وأسفرت عن مقتل أكثر من 4500 جندي أميركي وإصابة أكثر من 32 ألف آخرين، لذلك هو يلجأ إلى خيار آخر وهو السردية في جعل مدينة غزة منتجع سياحي، وهو أمر لا يمكن تحقيقه لأنه غير واقعي ولا يمكن تطبيقه على أرض الواقع.
حركة حماس التي تم انتخابها في عام 2006 تحظى بدعم شعبي واضح في غزة وعموم المدن الفلسطينية، وأن المواطن الغزاوي على استعداد للقتال إلى جانب مقاتلي حماس، لأن الهدف المشترك هو محاربة الإبادة التي يمارسها الجيش الإسرائيلي ضد الأبرياء العزل في غزة، وهذا الأمر راسخ في المجتمع منذ ذلك الحين، وخصوصاً أن الكيان الإسرائيلي قتل أكثر من 64 ألف شخص، ودرجة العداء الذي يحمله أهل غزة على الكيان الصهيوني والداعمين له من واشنطن وغيرها من دول كانت تدعم إسرائيل بأسلحة الدمار الشامل، لذلك أصبحت حماس الصوت المنادي بحقوق الشعب الفلسطيني والحامي والمواجه الأول للعدوان الظالم عليهم، وهذا ما انعكس على ارتفاع درجة التعاطف معها.
إقرأ أيضاً: الكيان الإسرائيلي أمام تعدد الجبهات
حرب الإبادة الجماعية في غزة قد تخلّفت آثاراً كارثية على المشهد الاجتماعي في فلسطين، وتترك أثراً إيجابياً على معاداة الصهاينة جيلاً بعد جيل ليس فقط على إسرائيل بل على الولايات المتحدة نفسها، وهذا ما حذر منه قادة الاستخبارات الأميركية ونصحوا به قيادة البيت الأبيض، فخطة ترامب من شأنها أن تجعل واشنطن العدو الأول في الشرق الأوسط، مما قد يؤدي إلى زعزعة استقرار المنطقة ويؤثر على العلاقة مع مصر والأردن خصوصاً بعد اللقاء الذي جمع ملك المملكة الأردنية الهاشمية مع ترامب والذي مثل فشلاً في إدارة الأزمة من قبل الإدارة الأميركية، وضعفاً في الموقف العربي عموماً.
الشعب الأميركي مطالب الآن أكثر من أي وقت مضى برفض مثل هكذا مطالب تؤثر على سمعة الولايات المتحدة في العالم، وتجعل الحرب مفتوحة مع الجميع، ويصبح الشرق الأوسط ساحة حرب وجنائز أموات متحركة لا يمكن إيقافها، كما على الولايات المتحدة الخروج فوراً من سوريا والعراق بدلاً من أن تكون هدفاً سهلاً للمواقف الشعبية فيها.





















التعليقات