يواجه الكيان الإسرائيلي ضغوطاً كبيرة وغير مسبوقة، تتمثل في القصف المكثف والمركّز الذي تمارسه حماس على المدن الإسرائيلية، سواء في تل أبيب أو مدن أخرى؛ إذ وصلت الصواريخ الحماسية إلى نقاط استراتيجية في العمق الإسرائيلي. في المقابل، يواصل جنود حزب الله ردّهم وصدّهم لعمليات الاجتياح التي يحاول فيها العدو الصهيوني تسجيل نقاط على حساب خسارته أمام الجبهة الفلسطينية، والضربات النوعية والمركزة التي يقوم بها أبطال حزب الله من خلال قصفهم للمدن الاستراتيجية والحيوية، مما أدى إلى ترحيل الآلاف من العائلات الإسرائيلية إلى داخل تل أبيب. بالإضافة إلى ذلك، يلعب الحوثيون الدور الأبرز في عمليات الدعم والإسناد من خلال عمليات القصف المركز بصورة تصاعدية، ما يعكس حالة التصعيد المتزامنة والتنسيق العالي بين جميع الأطراف، ويضع إسرائيل في مواجهة مع عدة جبهات في آنٍ واحد، ويصعب السيطرة عليها.

التصريحات الإسرائيلية تعكس حالة من التناقض؛ فهي تحاول إطلاق رسائل طمأنة لمواطنيها عبر نشرها والترويج للأكاذيب حول إنجازات وهمية وغير ملموسة في الميدان وفي ساحة المعركة، مثل إحباط محاولات تسلل إلى الخليل أو صدّ الصواريخ عن المدن الإسرائيلية المحتلة، بهدف الحفاظ على معنويات جنودها ومواطنيها. ولكن في الوقت ذاته، تعكس هذه التصريحات ضعفاً واضحاً في التعامل السياسي والعسكري مع التهديدات المتصاعدة من قِبَل محور المقاومة، الذي يظهر وحدة الساحات والتخطيط والتكتيك العالي رغم فقده قيادات من الخط الأول.

إقرأ أيضاً: البرنامج النووي الإيراني وتغيير موازين القوى

الجيش الإسرائيلي يجد صعوبة مع تصاعد العمليات العسكرية والهجمات المركزة على مختلف الجبهات، ويبدو من المؤكد أن حزب الله وحركة حماس تبقيان إسرائيل في حالة استنفار ودفاع دائم. فهو حتى الآن لم يستطع أن يتقدم كيلومتراً واحداً باتجاه جنوب لبنان، وأما محاولات الدخول فهي بإرادة المقاومة اللبنانية، التي تضع له الكمائن وتوقع به خسائر كبيرة في الأرواح والأسلحة والعتاد والمعدات، مما يعقّد إدارة المعركة ويزيد من حالة الخوف والرعب في العمق الإسرائيلي. في الوقت نفسه، تظهر المقاومة بأفضل إدارة للمعركة من خلال الهدوء والتنسيق العالي والإدارة الناجحة في كافة الجبهات، مما يدل على أن إسرائيل لا تزال بعيدة عن تحقيق أهدافها.

إقرأ أيضاً: المهمة الأميركية في العراق بين محاربة داعش والاستثمار في الدولة

التنسيق العالي بين حركة حماس وحزب الله والحوثيين، وبدعم من الجمهورية الإسلامية، يعزز الضغط على إسرائيل في جبهات متعددة، ويؤكد وحدة الساحات والعمليات، مشيراً بصورة واضحة إلى التكاتف الذي تتسم به المقاومة عامة. ويؤكد أن أي تصعيد قادم سيواجه بكل حزم وحسم وتنسيق عالٍ، مما يزيد من تعقيد المعركة ويضع الإسرائيليين في مأزق حقيقي. كما أن استمرار الجبهات المنسقة يشير إلى أن المعركة لم تنتهِ بعد، وبالرغم من اعتماد إسرائيل على الدعاية النفسية والإعلامية، إلا أن الفعالية المستمرة للمقاومة تثبت أن قواعد الاشتباك قد تغيرت، وأن إسرائيل باتت في موقف أصعب بكثير مما كانت عليه ومما كانت تتوقع، مما يلزمها بإعادة النظر في حساباتها المستقبلية تجاه أي تهور باتجاه جبهة المحور.