أعلن رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنه لا يحدد "موعداً لنهاية الحرب"، لكنه يضع أهدافاً واضحة لكسب هذه الحرب ومهاجمة "رأس الأخطبوط في إيران". وأضاف أن "تل أبيب تُغير وجه الشرق الأوسط، لكن لا تزال أمامها تحديات كبيرة.
مثل هذه التصريحات تؤكد بوضوح رغبة إسرائيل في الاستمرار في حربها على الشعبين في غزة ولبنان، وعدم استعدادها لخوض أيّ مفاوضات حول إنهاء الحرب الشعواء التي دمرت قطاع غزة وجنوب لبنان، وأدت إلى قتل الآلاف من المدنيين وجرح الآلاف ونزوح الآلاف من المدنيين عن بيوتهم، وسط صمت المجتمع الدولي، وتدفق المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل، ما فتح شهيتها إلى المزيد من التخريب والتدمير دون قيود.
إنَّ أهداف إسرائيل واستراتيجيتها في المنطقة تتلاقى مع أهداف أميركا، دون أدنى شك. إن استراتيجية أميركا في منطقة الشرق الأوسط وأهدافها التي تسعى لتحقيقها تتجلى في تغيير جذري للمنطقة، ولذلك فهي تقدم، بمعية العديد من الدول الغربية، كل الدعم لإسرائيل من أجل تحقيق استراتيجية، كانت قد خُططت لها منذ زمن بعيد، وطوفان الأقصى ليس سبباً في هذه الحرب، كما يعتقد البعض، وإنما جاء للتسريع في البدء بتنفيذ المشروع الأميركي والأوروبي.
تسعى أميركا والدول الغربية من خلال حربها على فلسطين إلى إبادة الشعب الفلسطيني من أجل فصله عن المقاومة، ليسهل عليها القضاء على حركة حماس التي تهدد أمن "دولة إسرائيل". وبالقضاء على حماس وتهجير الفلسطينيين خارج البلد يكون قد تم تنفيذ جزء من المشروع الكبير المزمع تحقيقه، أي إخلاء فلسطين من أهلها وإعادة بسط إسرائيل نفوذها على جميع الأراضي التاريخية التي احتلتها عام 1948.
إقرأ أيضاً: إبادةُ شعبٍ أمام مرأى ومَسمع مِنَ المجتمع الدولي
إنَّ انتقال إسرائيل إلى الدولة اللبنانية، بشن حرب على الشعب في الجنوب بذريعة القضاء على القدرات العسكرية لحزب الله، يرمي إلى إخلاء الجنوب اللبناني من ساكنيه والقضاء على الحاضنة الشعبية للحزب حتى يتسنى لإسرائيل الاستيلاء على الجنوب بعد تدمير جميع مقدرات المقاومة، وتوسيع رقعة نفوذها وضم جنوب لبنان إلى الأراضي الفلسطينية. وبذلك تكون إسرائيل قد حققت الشوط الثاني من المشروع، وبعدها سيتوجه سهم الكيان إلى سوريا والعراق وغيرهما من دول المنطقة في جولته الأخيرة من الحرب، وهكذا يصبح قد أنهى أذرع إيران وبذلك ينهي دور الجمهورية الإيرانية في المنطقة وإلغاء تحالف الممانعة والمقاومة، وذلك من خلال الإضعاف التام لإيران وإرغامها على الدخول ضمن دائرة بقية الدول الخاضعة لإمرة الولايات المتحدة والغرب في الشرق الأوسط الجديد.
إقرأ أيضاً: إيران أم إسرائيل؟
ختاماً، الكل يعرف مقولة غسان كنفاني: "تسقط الأجساد لا الفكرة"، وعليه فالمقاومة فكرة والفكرة لا يمكنها أن تموت. وقد علمنا التاريخ أن مقاومة المحتل لم تنهزم قط، فهي صاحبة الحق، وصاحب الحق لا محالة هو المنتصر على المغتصب للأرض والمحتل لها. وعلى هذا الأساس فإن محور المقاومة سيظل متيناً قوياً أمام العواصف مهما كانت عاتية وهوجاء. وعلى صخرة المقاومة ستتحطم أحلام أميركا والغرب وسينهار مشروعهم المبيت لكونه مخططاً هشاً بُني على أرض رخوة لا أساس لها ولا أركان. ستنهزم إسرائيل على أرض فلسطين وعلى ربوع لبنان بفضل بسالة المقاومة وصمود الشعبين المناضلين، وستضطر أميركا ودول الغرب مرغمة إلى البحث عن حلول جادة لإنهاء الحرب وإقامة دولة فلسطينية حتى تضمن أمن إسرائيل في المنطقة.
التعليقات