أخيراً، تمكن مجلس النواب العراقي من انتخاب محمود المشهداني رئيساً له بعد شغور هذا المنصب لأكثر من سنة، وهي تعادل أكثر من ربع عمر مجلس النواب الحالي، الذي يُعتبر أضعف وأقل دورات المجلس فعالية وإنتاجية في ممارسة اختصاصاته، وأهمها المنصوص عليها في المادة 60 من الدستور العراقي. وتتمثل مهمته الرئيسية في تشريع القوانين الاتحادية، التي عجز حتى اليوم عن تشريع أي منها، خاصة القوانين التي شكلت برنامج الحكومة الحالية، وليدة الإرادات والكيانات السياسية الرئيسية المكونة لمجلس النواب.

كما أنه فشل في مهمته الرئيسية الثانية، وهي الرقابة على أداء السلطة التنفيذية (مراقبة أعمال الحكومة)، حيث لم يتمكن من استضافة أو استجواب أو مساءلة أي من الوزراء أو المسؤولين، رغم عشرات الملفات والأزمات التي ملأت الدنيا وشغلت الناس والعالم.

إقرأ أيضاً: متى يتسلّم موظفو الإقليم رواتبهم؟

لكن يبقى انتخاب الرئيس الجديد القديم في آن واحد محل تساؤل واستغراب، حيث لم يستطع النظام السياسي وعلى مدى أكثر من عام انتخاب شخصية جديدة يمكن أن تضيف شيئاً أو دماً جديداً في مجلس النواب والنظام السياسي ككل، الذي يعاني من الانسداد والمراوحة التي تصل إلى حد السكون والجمود الذي يسبق النهايات المتوقعة لكل كائن أو نظام لا يستطيع أو لا يستجيب لمتطلبات الحياة، بعد أن فسدت فيه أغلب، أو كثير من، شخوصه ومكوناته وبرامجه وأحزابه التي لم تعد قادرة على إنتاج شخصيات جديدة غير إعادة وتلميع وتقديم ذات الشخصيات أو أبنائهم وإخوانهم وأصهارهم وأقاربهم، في عمليات توريث لا تعرفها كل الأنظمة الملكية والجمهورية لأغلب المناصب والمراكز، حتى ضاقت الحلقة واستحكمت قبضتها على كل مرافق ومراكز الحياة السياسية والوظيفية، وهو ما يفسر انتشار وشيوع الفساد بكل صوره وفظائعه من غير سؤال ولا جواب ولا مساءلة ولا عقاب إلا على بعض الأذناب الصغيرة والرؤوس الفقيرة التي ظنت في غفلة من الزمن أنها محمية ببركات وسلطات الحيتان الكبيرة التي ضحت بها وقدمتها لساحة القضاء في أول منازلة أو بلاء.

إقرأ أيضاً: الضيوف اللبنانيون والنازحون العراقيون!

انتخاب المشهداني، وهو شخصية جدلية غير جديدة على الحياة السياسية وسبق له أن كان رئيساً لمجلس النواب وتمت إقالته عام 2008، لا يمثل نجاحاً أو إنجازاً لمجلس النواب بقدر ما يمثل نموذجاً أو ترديداً لمقولة: أخيراً عدنا والعود محمود، وليس أحمد!