ما بين وعد بلفور المشؤوم وحرب الإبادة الإسرائيلية 107 أعوام، والذي يصادف الثاني من تشرين الثاني (نوفمبر)، حيث منحت بموجبه بريطانيا الحق لليهود في إقامة وطن قومي لهم في فلسطين، وشكل إعلان بلفور الخطوة الأولى نحو إقامة كيان لليهود على أرض فلسطين استجابةً لرغبات الصهيونية العالمية على حساب شعب فلسطين المتجذر والمتمسك بهذه الأرض منذ آلاف السنين.

الشعب الفلسطيني ما زال يتعرض للظلم بعد القرار الذي أصدره وزير خارجية بريطانيا آرثر بلفور ووعده بإقامة وطن قومي لليهود على أرض فلسطين العربية، وهو الوعد الباطل الذي أعطى من لا يملك لمن لا يستحق، حيث تسبب بنكبة الشعب الفلسطيني وتعرضه لجريمة تطهير عرقي بتشريده من وطنه وتجريده من ممتلكاته وتدمير قراه ومدنه، واستمرار حرمانه من كافة حقوقه المشروعة غير القابلة للتصرف التي كفلتها له كافة الأعراف والمواثيق وقرارات الشرعية الدولية، وفي مقدمتها حقه في تقرير المصير والاستقلال الوطني وإقامة دولته الفلسطينية ذات السيادة وعاصمتها القدس.

وعد بلفور المشؤوم شكّل مظلمة تاريخية للشعب الفلسطيني التي ما زالت آثارها مستمرة من خلال الاستيطان والنهب والاستيلاء على الأراضي الفلسطينية وتقويض القرارات الدولية التي دعت إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وضمان عودة اللاجئين إلى أراضيهم. وما زال الشعب الفلسطيني يتعرض لمختلف أشكال العدوان، ويتصاعد هذا العدوان مع إصرار حكومة الاحتلال على مواصلة حرب الإبادة الجماعية في أكبر مذابح شهدها التاريخ بعد الحرب العالمية الأولى، حيث يتواصل ارتكاب الجرائم في تنكر فاضح لجميع القرارات الدولية التي اعترفت بحقوقه وإقامة دولته على أرضه.

وعد بلفور سيبقى جرحًا غائرًا في الذاكرة والوعي والضمير الإنساني كعنوان لمظلمة القرن، تتجدد بذكراه مشاعر الألم وتنبعث إرادة التضامن مع الشعب الفلسطيني ونضاله العادل، واليقين بحتمية رفع الظلم عنه وإنهاء معاناته واستعادته لكافة حقوقه المشروعة الثابتة في أرضه ووطنه، بتقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية.

إقرأ أيضاً: حكومة بلا ضوابط وجيش عديم الأخلاق

مواصلة حرب الإبادة الجماعية واستمرار الاحتلال في انتهاكاته وممارساته وسياساته العنصرية وإرهاب الدولة المنظم، الذي تقوم به سلطات الاحتلال العسكري بحق أبناء الشعب الفلسطيني من قتل وهدم بيوت ومصادرة الأراضي والاستيطان وغيرها من الانتهاكات، تعمل من خلالها على ممارسة أكبر حملة من العدوان على الأرض والشعب الفلسطيني، والسرقة والتزوير، وتسعى إلى إضفاء صفة قانونية ومحاولة شرعنة هذه الجرائم عبر سلسلة من القوانين العنصرية مثل ما يسمى بقانون القومية وإقرار قانون منع عمل وكالة الغوث الدولية، حيث يتم تكريس دولة الأبارتهايد، وهي كلها نتاج للتطرف العنصري الإسرائيلي الرافض للقرارات الدولية.

بات على المجتمع الدولي وضع حد لحرب التدمير الشاملة وإنهاء كل تداعيات وعد بلفور، ووضع حد لمخطط حكومة التطرف القائمة على استمرار الاحتلال وضم الأراضي الفلسطينية وفرض واقع الاحتلال الجديد عليها، ويجب على مجلس الأمن القيام بمسؤولياته ووضع حد لهذا العدوان والحرب على قطاع غزة وإعلان وقف إطلاق النار.

إقرأ أيضاً: جرائم ضد الإنسانية يرتكبها الاحتلال شمال غزة

من المهم والضروري العمل على إعادة التصحيح لكارثة وعد بلفور المشؤوم، ويجب استمرار الضغوطات والمواقف الدولية لإنصاف الشعب الفلسطيني وتصحيح الخطأ التاريخي، ووضع حد لانحياز بعض الدول المتحكمة بالقرار الدولي لدولة الاحتلال، ووضع حد لهذه السياسات التي تتناقض مع الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني وحقه في تقرير مصيره وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.