حجم المأساة الإنسانية في غزة كبير في ظل تعطيل العدالة الدولية وغياب الضمير الإنساني وتغييب القانون الدولي، لدولة ارتكبت الفظائع والجرائم بحق الإنسانية؛ حيث تواصل إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، عدوانها المنظم وترتكب المجازر بحق أبناء الشعب الفلسطيني، وكان آخرها المجزرة البشعة التي ارتكبها الاحتلال في بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة، والتي استهدفت عائلات بأكملها، ما أدى إلى استشهاد وإصابة العشرات بينهم أطفال ونساء، في ظل صراخ الأهالي ومناشدتهم لإغاثتهم وإنقاذهم دون جدوى، حيث أقدم الاحتلال على قصف مربعات سكانية في تحدٍّ صارخ للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، واستمرار نهج الاستهداف الوحشي الممنهج للمدنيين الأبرياء.

يأتي ارتكاب مجزرة بيت لاهيا بعد اقتحام جيش الاحتلال مستشفى كمال عدوان وقصفه، ما أدى إلى قتل العشرات من المرضى والجرحى، واعتقال الكادر الطبي، وتدمير جميع محتويات المستشفى، في جريمة حرب تعبّر عن الحقد الأعمى والتعطش للقتل وعدم وجود أي ضوابط أخلاقية لدى جيش الاحتلال الإرهابي. وتؤكد هذه الجريمة أنَّ عدد الشهداء في الشوارع وحول المستشفى صادم ومرعب، وتأتي سلسلة الجرائم هذه في ظل توجيه استغاثة ونداء للعالم والمجتمع الدولي والمؤسسات الأممية والدولية للتدخل لوقف المجازر، وحرق البيوت، والحصار المفروض منذ 24 يوماً، والسماح للفرق الطبية بالدخول لإخلاء الشهداء والجرحى.

هذه الجرائم كشفت الهدف الحقيقي والنوايا المبيّتة التي تهدف إلى إبادة الشعب الفلسطيني وقتله وتفريغ الأرض من أجل بناء مستعمرات جديدة، الأمر الذي يتطلب تحركاً عاجلاً من المجتمع الدولي لوقف العدوان ومحاسبة المسؤولين عن هذه الفظائع.

استمرار استهداف الاحتلال للمدنيين يعكس عدوانية حكومة التطرف الإسرائيلية التي تواصل ارتكاب جرائم الحرب بحق الفلسطينيين وانتهاكاتها الصارخة لقواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، واتفاقية جنيف لحماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب لعام 1949.

إقرأ أيضاً: استمرار آلة القتل الإسرائيلية دون رادع أو عواقب

يواصل الاحتلال ارتكاب جرائمه بحق أبناء شعبنا الصامدين في قطاع غزة غير مكترث بالإرادة الدولية الداعية لوقف الحرب وما تنتجه من كارثة إنسانية غير مسبوقة، حيث يعمل الاحتلال على فرض وقائع جديدة في شمال غزة بالقوة، إذ يلجأ إلى محاصرة سكانه ويمنع دخول الغذاء والدواء إليهم، ويجبرهم على النزوح، ويواصل سياسة التجويع والعقاب الجماعي بحق المدنيين الأبرياء.

الصمت الدولي أو التعايش مع مظاهر الإبادة لشعبنا والاكتفاء بتوصيف المجازر وحالة الإبادة التي تسيطر على مشهد حياة أبناء شعبنا في غزة، والاكتفاء بالمطالبات والمناشدات للحكومة الإسرائيلية واتخاذ قرارات أممية لا تنفذ، والتعامل مع شهداء وضحايا شعبنا كأرقام في الإحصائيات، باتت جميعها تشكل غطاء يستغله الاحتلال للإمعان في تنفيذ مخططاته وجرائمه لتحويل قطاع غزة إلى مكان غير صالح للحياة البشرية وتفريغه من سكانه، في استخفاف غير مسبوق بالقوانين والقيم الدولية والإنسانية ومبادئها.

إقرأ أيضاً: العجز الدولي سيد الموقف بعد عدوان بيروت

وفي ظل حالة الصمت الدولي المريب، بات الشعب الفلسطيني ليس فقط ضحية مستمرة للاحتلال، بل أيضاً ضحية لازدواجية المعايير الدولية والفشل الدولي في احترام وضمان تنفيذ قرارات الشرعية الدولية. ويجب على مجلس الأمن تحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية واتخاذ إجراءات فورية وحازمة لوقف العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة، وتوفير الحماية اللازمة للسكان، ووقف الجرائم بحقهم، وضمان إيصال المساعدات الإنسانية الكافية والمستدامة لجميع أنحاء القطاع. إنَّ غياب المساءلة والإفلات من العقاب يشجع إسرائيل على الاستمرار في انتهاكاتها للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وقرارات محكمة العدل الدولية.