بعد النتائج غير المرضية للأخضر السعودي في التصفيات المونديالية مع الإيطالي روبرتو مانشيني، يعود هيرفيه رينارد، المدرب الفرنسي المعروف بخبرته الكروية، لتولي مهام تدريب المنتخب السعودي لكرة القدم. هذه هي المرة الثانية التي يتم فيها اختيار رينارد لهذا المنصب، حيث سبق أن قاد الأخضر السعودي في فترة من 2019 إلى 2023. خلال تلك الفترة، حقق مع الفريق إنجازات ملحوظة، أبرزها التأهل لكأس العالم 2022 والفوز العريق والجميل على الأرجنتين في المباراة الافتتاحية. بعد مغادرته، تولى مانشيني مهام التدريب، لكن تمت إقالته بعد سلسلة من النتائج السلبية، مما دفع الاتحاد السعودي لكرة القدم لإعادة التعاقد مع رينارد. يُذكر أن رينارد كان قد ترك المنتخب السعودي لتدريب المنتخب الفرنسي للسيدات، لكنه استقال بعد الأداء غير المرضي في دورة الألعاب الأولمبية 2024. ويُعلق الجمهور السعودي آمالاً كبيرة على رينارد لإعادة الروح للفريق وتحقيق نتائج إيجابية في التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2026.

رينارد، المعروف بخبرته الكبيرة في كرة القدم، أثار تفاؤلًا كبيرًا بين جماهير الكرة في المملكة. وبعودته، يأمل الكثيرون أن يعيد المنتخب السعودي إلى مستواه الحقيقي ويستعيد الروح القتالية والأداء الفني الذي عُرف به في السابق. ويُعتبر رينارد من المدربين الذين يتمتعون بقدرة عالية على بناء فرق قوية ومتجانسة، ولديه سجل حافل بالنجاحات مع الفرق التي دربها، وهو ما يجعل الآمال معقودة عليه لإحداث تغيير إيجابي في أداء الفريق السعودي. ومع الدعم الكبير الذي تحظى به الرياضة في المملكة، والاستثمارات الضخمة في البنية التحتية والمواهب الرياضية، يبدو أن الفترة القادمة قد تشهد عودة قوية للمنتخب السعودي على الساحة الدولية. ويتطلع الجميع إلى رؤية الأثر الذي سيتركه رينارد في الفترة القادمة، وما إذا كان سيتمكن من تحقيق الأهداف المنشودة وإعادة المنتخب السعودي إلى مكانته الطبيعية كأحد الفرق البارزة في آسيا والعالم.

تتميز المدرسة التدريبية الفرنسية، والأسلوب الفرنسي في كرة القدم، بالتركيز على اللياقة البدنية العالية، والانضباط التكتيكي، والقدرة على اللعب بشكل جماعي. ويُعرف هذا الأسلوب بأنه يجمع بين القوة البدنية والمهارة الفنية، مع التأكيد على العمل الجماعي والتنظيم الدفاعي الصارم. ويُظهر اللاعبون الفرنسيون عادة مرونة في التحول من الدفاع إلى الهجوم، ويُعتبرون مبدعين في استغلال المساحات وتنفيذ الهجمات المرتدة بسرعة ودقة. كما يُشاد بالمدربين الفرنسيين لقدرتهم على تطوير استراتيجيات لعب متنوعة وتكييفها مع مختلف الخصوم والظروف. هذا الأسلوب لا يقتصر على الفرق الفرنسية فحسب، بل يُطبق أيضًا من قبل العديد من المدربين الفرنسيين الذين يعملون مع فرق ومنتخبات في أنحاء مختلفة من العالم، مما يُسهم في نشر الفلسفة الكروية الفرنسية عالميًا. الأسلوب الفرنسي يُعتبر أيضًا مؤثرًا في تطوير اللاعبين الشباب، حيث يُركز على تنمية المهارات الفردية ضمن إطار اللعب الجماعي، ويُشجع على الإبداع والابتكار داخل الملعب. هذه الخصائص جعلت الأسلوب الفرنسي محط اهتمام وتقدير في عالم كرة القدم، وأسهم في تحقيق النجاحات على مستوى الأندية والمنتخبات الوطنية، ولا شك أن هذا ما يبحث عنه المسؤولون في الكرة السعودية، ويناسب الأسلوب الذي يتمتع به المنتخب السعودي.

فور إعلان الاتحاد السعودي لكرة القدم عن عودة المدرب رينارد لقيادة المنتخب السعودي لكرة القدم، أثار الخبر حالة من التفاؤل بين جماهير الأخضر. وقد أعرب رينارد عن جاهزيته لهذا التحدي وتحقيق الطموحات، مؤكدًا أن هدفه هو التأهل لنهائيات كأس العالم 2026 لإسعاد الجماهير.

بدأت مسيرة رينارد في عالم التدريب مع فريق إس سي دراجينيان في عام 1999 بعد اعتزاله كلاعب في نفس النادي. تنقل رينارد بين عدة أندية ومنتخبات، مما أتاح له فرصة العمل في تسع دول مختلفة، منها فرنسا، إنجلترا، فيتنام، زامبيا، أنجولا، الجزائر، كوت ديفوار، المغرب والسعودية. لعل أبرز إنجازاته هي قيادته منتخب زامبيا للفوز بكأس الأمم الأفريقية في عام 2012، وتحقيق نفس الإنجاز مع منتخب كوت ديفوار في عام 2015. كما أنه قاد المنتخب المغربي في كأس العالم 2018 وحقق نقطة واحدة بالتعادل مع إسبانيا. وفي مسيرته مع المنتخب السعودي، تمكن من تحقيق انتصار تاريخي أمام الأرجنتين في كأس العالم 2022. يُعتبر رينارد مدربًا يعتمد على الرسم التكتيكي 4-2-3-1، ويشتهر بقدرته على بناء فرق قوية ومتماسكة تتميز بالأداء الجماعي الفعّال.

نقاط قوة رينارد كمدرب تتجلى في عدة جوانب مهمة. يُعرف بقدرته الفائقة على تحليل الخصوم ووضع استراتيجيات مباريات تتسم بالذكاء والمرونة، مما يمكنه من التكيف مع مختلف الظروف والتحديات خلال المباريات. كما أن لديه مهارة في بناء الروح الجماعية والانسجام بين اللاعبين، وهو ما يُعزز من أداء الفريق ككل. رينارد يتمتع أيضًا بخبرة دولية واسعة، حيث عمل في قارات متعددة ومع ثقافات كروية مختلفة، مما أكسبه فهمًا عميقًا للعبة على مستوى عالمي.

إقرأ أيضاً: كرة القدم الكويتية: ماضٍ عريق وحاضر مؤلم

إضافة إلى ذلك، يُشاد برينارد لقدرته على تطوير اللاعبين والكشف عن المواهب الشابة، وهو ما يُسهم في تجديد دماء الفريق والحفاظ على مستوى تنافسي مستمر. يُعتبر أيضًا مدربًا يُحسن التعامل مع الضغوط ويُظهر هدوءًا وثباتًا في أصعب الأوقات، وهذا ينعكس إيجابيًا على اللاعبين ويُعزز من قدرتهم على التركيز والأداء تحت الضغط.

من الناحية التكتيكية، يُفضل رينارد اللعب بتشكيلة 4-2-3-1، مما يُتيح له توازنًا بين الدفاع والهجوم ويُمكن الفريق من السيطرة على وسط الملعب وتنويع الخيارات الهجومية. كما أنه يُعرف بتركيزه على اللياقة البدنية والتحضير النفسي للاعبين، مما يُساعدهم على الحفاظ على مستوى عالٍ من الأداء طوال المباراة.

إقرأ أيضاً: ماذا يعني أن تكون هلالياً؟

بالإضافة إلى ذلك، يُعتبر رينارد مدربًا يُقدر الانضباط والالتزام، وهو صارم في تطبيق القواعد والمعايير داخل الفريق، مما يُساهم في خلق بيئة عمل مهنية ومنظمة. وأخيرًا، يُعرف عنه قدرته على التواصل الفعّال مع اللاعبين والجهاز الفني، مما يُسهل عملية اتخاذ القرارات وتنفيذ الخطط بكفاءة. هذه الخصائص مجتمعة تجعل من هيرفيه رينارد مدربًا متميزًا وقائدًا قادرًا على إحداث تأثير إيجابي في أي فريق يتولى تدريبه.

وفي الختام، نتمنى للمنتخب السعودي التأهل للمونديال القادم، فهذا هو المكان الطبيعي له، ولن ترضى جماهير الأخضر السعودي بالتأهل فقط، بل تطمح لتحقيق نتائج تُشرف الكرة السعودية والعربية في هذا المحفل العالمي الكبير.