كشفت تجربة تهشيم ذرة قوية أنّ الكون تصرف بعد حدوث quot;الانفجار العظيمquot; كأنه سائل كثيف جدا وشديد الحرارة.


لندن: بعد حدوث quot;الانفجار العظيمquot; تصرف الكون كأنه سائل كثيف جدا وشديد الحرارة حسبما أشارت البيانات المتحصل عليها من تجربة تهشيم ذرة قوية جرى تنفيذها مختبريا.

وكان فريق من الفيزيائيين قد أعادوا خلق ظروف مشابهة بتلك الملازمة لـ quot;الانفجار العظيمquot; باستخدام مكشاف أليس في quot;مُصادم هاردون الكبيرquot; الواقع بالقرب من جنيف في سويسرا.

وفي هذه التجربة قام العلماء بصدم ذرات أيونات الرصاص بعضها ببعض - بعد نزع الالكترونات عنها- بسرعة تقترب من سرعة الضوء.

ونجحت التجربة بخلق quot;حجم شبه ذريquot; صغير من الحالة الأصلية للمادة المعروفة باسم quot;بلازما كوارك ndash; غلونquot;.

ويعتقد أن تلك المادة الاكزوتيكية قد وجدت لفترة قصيرة خلال المراحل المبكرة لولادة الكون.

وتتكون البلازما (الجبلة) من جسيمات تنتمي إلى الذرة تسمى بالكوارك والغلونات. وجسيمات الكوارك هي قطع القرميد الأولية التي تنشأ عليها البروتونات المشحونة بالموجب والنيوترونات المحايدة، وهذه تشكل نواتات الذرات.

أما الغلونات فهي جسيمات تقوم بـ quot;لصقquot; الكواركات مع بعضها البعض مستخدمة ما يعرف باسم quot;القوة القويةquot;.

وفي الحالات العادية للمادة تكون الكواركات والغلونات موجودة ضمن باقات مشدودة إلى بعضها البعض بقوة.

وكانت التجارب السابقة قد أظهرت أنه عند بلوغ درجات حرارة عالية جدا فإن القوة القوية التي تجمع هذه الجسيمات إلى بعضها البعض تبدأ بالترهل وعند ذلك تصبح الكواركات والغلونات غير قادرة على التواجد معا.

لذلك افترضت بعض النظريات أن الكواركات والغلونات كانت منفصلة عن بعضها البعض خلال المراحل الأولية لولادة الكون حين كانت درجات الحرارة عالية جدا، لذلك فإن جبلة (بلازما) الكوارك- الغلون تكون قد تصرفت وكأنها غاز.

لكن الفيزيائي البريطاني ديفيد ايفان من جامعة برمنغهام قال إن التجربة الأخيرة أثبتت عدم صحة تلك الفرضية، فحتى في حالة درجات عالية جدا تظل جسيمات الكوارك والغلون مشدودة إلى بعضها البعض.

وقد قاد ايفانز فريق العلماء في مركز quot;مصادم هاردون الكبيرquot; بجنيف في هذه التجربة التي جرت من خلال استخدام مكشاف أليس.

وخلقت التجربة بلازما الكوارك- الغلون في درجة حرارة تصل إلى 10 تريليون درجة مئوية.

ووجدت المادة لجزء من الثانية قبل ذوبانها وتحولها إلى مادة عادية. لكن البلازما كانت هناك لفترة كافية بالنسبة لإيفانز وزملائه لرؤية الكيفية التي تصرفت وفقها.

وقال ايفانز مستنتجا لمجلة ناشونال جيوغرافي إنه quot;مع ضعف القوة القوية على تلك الطاقات فإنها ما زالت قوية وأن الجسيمات ظلت تتفاعل مع بعضها البعض قليلا لذلك فإن النظام يتصرف كسائل أكثر من أن يكون غازاquot;.

لكن هذا السائل ليس مثل السوائل الاخرى التي نعرفها. إذ أن quot;قطرة بحجم رأس دبوس لها كتلة تساوي كتلة الأهرام في مصر، وهي أحرّ من مركز الشمس بمليون مرةquot;.

ويرى العالم ايفانز أن لهذه التجربة نتائج عملية مستقبلا فعن طريق فهم المجال الالكترو-مغناطيسي ضمن مقياس يستند إلى أجزاء الذرة، على سبيل المثال يسمح للعلماء استغلال خاصية تسمى quot;الموصلات الكبرىquot; (السوبر- موصلات ) وفيها تفقد بعض المواد مقاومتها الكهربائية إذا كانت درجة الحرارة منخفضة إلى حد كاف.

وللموصلات الكبرى استعمالات مختلفة مثل المغانط ذات التوصيل الكبير المستخدمة في أجهزة التصوير الرنيني المغناطيسي quot;أم آر آيquot;بل وحتى في quot;مصادم هاردون الكبيرquot; نفسه.

لذلك فإن فهما أفضل للقوة القوية قابل لأن يؤدي إلى كشف ظاهرة مفيدة أخرى مثل ظاهرة التصوير عبر الرنين المغناطيسي المتبع حاليا في الكثير من التطبيقات ابتداء من مراقبة الجنين في رحم امه إلى رصد الأورام الداخلية في أعضاء الجسم المختلفة.