يتضاعف عدد المرات التي يتم فيها اختراق المواقع الإلكترونية السوريّة الحكومية كل سنة، حتى أضحت ظاهرة تثير قلق المسؤولين. ويبدو أنّ معظم مخترقي المواقع هم من الهواة، ما يدفع للتساؤل عن مدى سهولة اختراق المواقع الحكومية ومستوى الأمان الذي تتمتع به، وعن حجم تسرب المعلومات التي تحوي بيانات سرية.

دمشق: باتت ظاهرة تعرض المواقع الإلكترونية الحكومية السورية إلى اختراق من قبل قراصنة الانترنت (الهاكرز) أمراً مقلقاً ولافتاً للنظر، خاصة وأن معظم مخترقي هذه المواقع هم من الهواة، ما يدفع للتساؤل عن مدى سهولة اختراق هذه المواقع الحكومية ومستوى الأمان الذي تتمتع به، وعن حجم تسرب المعلومات من المواقع الإلكترونية السورية التي تحوي بيانات سرية ليست للاطلاع العام.

ووفقاً للمختصين فإن عدد المرات التي يتم فيها اختراق المواقع الإلكترونية الحكومية يتضاعف كل سنة، ما يعني أن متوالية خطرة تهدد المواقع الحكومية وبياناتها، مع الإشارة إلى أن أكثر من 50% من حالات اختراق المواقع الإلكترونية السورية دون معرفة الجهة المالكة والمشغلة لها هي أكثر من المرات التي يعرف بها أصحاب المواقع.

وبالنظر إلى الاختراقات التي تمت خلال السنتين الأخيرتين، فإن عدم معرفة الجهة التي تقوم بهذا العمل هو السمة المشتركة لها، فدائماً لا يُعرف (القرصان) ولا الأسباب الحقيقية وراء اختراقه الموقع، فيما يُلقي اللوم غالباً على quot;أعداء الوطنquot; وquot;المأجورينquot; وquot;المزعبرينquot;.

ووفقاً للمُعلن، فإن عمليات الاختراق التي تتم على المواقع الحكومية لا ينتج منها عبث بالمواقع والاكتفاء بنشر رسالة يراد منها إيصال صوتهم إلى الجهة المستهدفة، فيما لا يمكن الجزم بصحة هذا الأمر على اعتبار أن مادة دسمة موضوعة بالمجان أمام أيدي القراصنة ليعبثوا بها دون عناء.

كما تعرضت مواقع حكومية سورية مهمة للاختراق، بعضها تم تداركه وإصلاحه خلال ساعات، فيما بعضها الآخر أخذ أسابيع لإصلاح الخلل الذي اعتراه نتيجة الاختراق، والطريف بالأمر أنه لم تسلم الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية (أحد أهم مشغلات الانترنت في البلاد)، والمؤسسة العامة للاتصالات (المسؤولة عن شبكة الانترنت في سورية) من الاختراق.

وفي آخر حادثة من هذا النوع اخترق القراصنة قبل يومين الموقع الرسمي لوزارة الداخلية السورية، وتركوا رسالة باللغة العامية موجهة إلى وزير الداخلية والشعب السوري يعتذرون فيها بداية لاختراقهم الموقع دون إذن! ويشيرون إلى أن اختراقهم للموقع كان لتنبيه المسؤولين عنه بأنه غير محمي ويطالبون الوزير بـ quot;وضع الرجل المناسب في المكان المناسبquot;.

وقلل وزير الداخلية اللواء سعيد سمور من أهمية الاختراق وقال quot;لم يتم المساس بأي من المعطيات الأساسية له:ووصف ما حصل بـ quot;الزعبرة الإلكترونيةquot; الهدف منها quot;الطعن في كفاءة العاملين في الموقعquot;.

كما اخترق القراصنة أول أمس موقع وزارة الأوقاف السورية، وتركت رسالة على الصفحة الرئيسة من الموقع تنبّه من ضعف حماية الموقع وتشير إلى الثغرات الموجودة فيه.

والشهر الماضي اخترق شاب سوري مغترب (كما يُفهم من رسالة تركها على الموقع) موقع المؤسسة العامة للمواصلات الطرقية التابعة لوزارة النقل السورية، ولم يكن هذا القرصان (شريراً) واكتفى (صقر سورية) كما لقّب نفسه بالدعوة إلى الالتفات إلى الشباب أكثر والنظر في مطالبهم وتحسين ظروفهم لإبقائهم في وطنهم، واعتذر عن دخوله الموقع quot;دون إذنquot;.

وفقاً للمختصين فإن عدد المرات التي يتم فيها اختراق المواقع الإلكترونية الحكومية السوريّة يتضاعف كل سنة، ما يعني أنها تهدد المواقع الحكومية وبياناتها السريّة.

وأتى ذلك الاختراق لموقع حكومي سوري بعد أقل من شهر على اختراق مشابه لموقع جامعة دمشق من قبل مجموعة وجهت رسالة تقول quot;توقفوا عن إضاعة وقتنا وعلمونا شيئاً مفيداً.. دعونا نصنع العجائبquot;.

وطالت اختراقات القراصنة مواقع وزارية وحكومية وخدمية عديدة منها موقع وزارة الاتصالات، موقع وزارة الكهرباء، موقع وزارة التعليم العالي، موقع وزارة الصحة، موقع وزارة النقل، موقع طلاب كلية الأسنان في جامعة حلب، موقع دار الأوبرا السورية، موقع جريدة البعث الرسمية، موقع جامعة دمشق، وموقع المؤسسة العامة للبريد.

وربما كان أهم اختراق وأكثرها حرجاً، هو الاختراق الذي تم مطلع العام 2008 لموقع وكالة الأنباء الرسمية السورية (سانا) في يوم افتتاح القمة العربية، حيث توقف موقع الوكالة طوال حفل الافتتاح، ليعود للعمل بعد ساعات، والتزم القراصنة الصمت خلال تعطيلهم موقع الوكالة، ووجهت بعض المواقع الإلكترونية المقربة من الحكومة الاتهام لجهات عربية لم تشارك في القمة باختراق الموقع الإخباري الرسمي الذي ينقل أخبار هذه القمة.

وتعرضت المواقع السورية الرسمية أكثر من مرة لهجوم إغراقي غير محدد المصدر، يعتمد على توجيه سيل من الطلبات الوهمية التي تهدف إلى إشغال المخدمات ومنعها من الاستجابة لطلبات التصفح القادمة من المستخدمين الحقيقيين، الأمر الذي يعطل عملها لفترات متفاوتة.

وقبل أكثر من عامين تعرضت عدة مواقع إلكترونية سورية للاختراق في الوقت نفسه تقريباً، وطالب القراصنة (الهاكرز) نائب الرئيس السوري فاروق الشرع بالاعتذار عن كلام صدر منه ينتقد فيه العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز.

ولم يقتصر الاختراق على المواقع داخل سورية، بل تجاوزها ليصل إلى المواقع الحكومية السورية خارج سورية، ولم تنج بعض السفارات السورية من الاختراق، وتعطلت نتيجتها هذه المواقع عن العمل لعدة أيام دون إحداث ضرر يُذكر، أما اختراق موقع السفارة السورية في لندن فقد كان مؤثراً، حيث عمل القراصنة على تحويل الموقع إلى موزع للفيروسات لكل من يدخله، فيما قالت بعض المصادر المعارضة إن هذا الفيروس هدفه التجسس على حواسب زوار الموقع وأنه مبرمج بمعرفة السفارة السورية.

وفي هجومهم على المواقع الحكومية السورية أبدل القراصنة عناوين بعض الأخبار بالصفحة الرئيسة للموقع ببعض العبارات quot;الفكاهيةquot; مثل quot;يرجى تعديل بياناتكم قبل أن يُضرب الموقع بالكاملquot;، وquot;نحن هاكر مسالم لا نريد أن نؤذيquot;، وquot;الهاكرز السوري يخفض أسعار خدمة adslquot;. وأطلق بعضهم على نفسه اسم quot;قراصنة اللاذقيةquot; وبعضهم اسم quot;قراصنة سوريةquot;.

ويتساءل السوريون عن مدى الأمان الذي تتمتع به المواقع الإلكترونية السورية الحكومية، كما يتساءلون عن هوية القراصنة، إن كانوا هواة أم محترفين، كما يضعون أكثر من علامة استفهام على مدى أمن البيانات السرية المخزنة في المواقع الحكومية، وعن مصير المواقع الإلكترونية التي تتبع لمؤسسات علمية مدنية وعسكرية وجهات سيادية.

يتساءل السوريون عن مدى الأمان الذي تتمتع به المواقع الإلكترونية الحكومية، كما يتساءلون عن هوية القراصنة.

ويؤكد المختصون أن حماية المواقع السورية لا يرقى لمستوى حقيقي نتيجة عوامل عدة تتعلق بطبيعة الانترنت في سورية والمخدمات التي تستضيف المواقع السورية والبرمجيات المجانية مفتوحة المصدر والخبرات الضعيفة لدى الكوادر المكلفة بتشغيل المواقع، ويشيرون إلى أن الشبكة السورية ما زالت مهددة باختراقات واسعة قد تشل عملها إن لم يستدرك القائمون على شبكة الاتصالات ويبادروا إلى استخدام تقنيات أحدث وأقوى لحماية شبكتهم.