أخفت ماكينة الدعاية السوفياتية حقيقتين أساسيتين في الإنجاز الهائل الذي حققه الكيان الشيوعي في سباقه المحموم الى الفضاء مع الولايات المتحدة. ويرفع كتاب جديد لمؤلف روسي النقاب عن كل هذا.
يوري غارغارين


غلّف المسؤولون السوفيات رحلة رائد الفضاء يوري غاغارين التاريخية الأولى من نوعها في 12 نيسان أبريل 1961 بأكذوبتين، وفقا لكتاب جديد.

ففي خضم المعارك الإعلامية الشرسة إبان الحرب الباردة، تفاخر الاتحاد السوفياتي أمام العالم بأن رحلة غاغارين - وهي الأولى التي ترسل فيها أي جهة مركبة تحمل إنسانا الى الفضاء الخارجي ndash; quot;انتصار هائل للآيدلوجية الشيوعيةquot;.

لكن كتاباً جديداً لمؤلف روسي سينشر متلازماً مع الذكرى الخمسين للرحلة التاريخية، يقول إن العلماء السوفيات أخطأوا مرتين حسابات المكان الذي ستهبط عليه المركبة بعد عودتها من الفضاء. ويقول الكتاب إن هذا هو السبب في غياب أي شخص يستقبل غاغارين لدى هبوطه على بعد 800 كيلومتر الى الجنوب من موسكو.

الكتاب بعنوان quot;108 دقائق غيّرت العالمquot;، في إشارة الى فترة الرحلة الفضائية نفسها. ونقلت صحيفة quot;ديلي تليغرافquot; البريطانية عن مؤلفه الروسي أنتون بيرفوشين قوله: quot;لسنوات طويلة تحدثت الأدبيات السوفياتية عن أن غارغارين هبط بكبسولته quot;فوستوكquot; في المكان المقرر لذلك. لكن هذه كانت كذبة متعمدة لأن العلماء كانوا يتوقعون للهبوط أن يكون على مسافة تبعد عن مكان الهبوط الفعلي بقرابة 400 كيلومتر. ولهذا تعين على غاغارين البحث - سيرا على قدميه - عن مكان مأهول يحوي وسيلة اتصالات هاتفية لإخطار المسؤولين بوصولهquot;.

ووفقا للكتاب فقد quot;كذب السوفيات أيضا بشأن كيفية الهبوط نفسه. فقالوا إن غاغارين هبط وهو داخل الكبسولة بينما الحقيقة هي أنه قفز منها بالمظلة فاستقر الإثنان في مكانين مختلفينquot;. ويقول المؤلف إن السبب وراء هذه الكذبة هو اضطرار السوفيات للإنصياع للوائح الدولية الصارمة التي تشترط هبوط رائد الفضاء داخل كبسولته قبل الإعتراف بهذا كسبق تاريخي.

ويورد المؤلف في كتابه رسالة رقيقة مؤثرة اختطتها يد غاغارين الى زوجته قبل قيامه بالمهمة التاريخية، تحدث فيها عن احتمال مقتله وتوسل اليها quot;ألا تموت من شدة الحزنquot; في حال لم يعد إليها. وقال لها إنه طلب تسليمها الرسالة فقط إذا افترق عنها الى الأبد وأنه يتمنى ألا تقرأها مطلقا.

وجاء في الرسالة: quot;يمكن للمرء ان ينزلق على أرض مستوية ويسقط فيدق عنقه، والشيء نفسه يمكن ان يحدث هنا. وفي هذه الحالة، فاليوشا (اسم الدلال لزوجته) أتوسل اليك ألا تموتي من شدة الحزن. فالحياة، في نهاية المطاف، هي الحياة ولا يعلم المرء ما إن كانت ستنتهي تحت عجلات سيارة في يومه التاليquot;.

ويقول المؤلف إن دوافع غاغارين لكتابة الرسالة مبررة. ففي العام 1957 أرسل العلماء السوفات كلبة ضالة سمّوها quot;لايكاquot; في مركبة فضائية فنفقت بعد ساعات قليلة بفعل اشتداد الحرارة. ويذكر أن فاليوشا قرأت الرسالة أخيرا في 1968 بعد مقتل غاغارين المأساوي وهو في الرابعة والثلاثين من عمره بتحطم طائرة لا تزال ظروفه غامضة حتى الآن.