العنف واحد... من المشجّعين إلى الجنود

لا يخفى على العين أن الصراعات والعنف ظلا بضاعة رجالية على مرّ العصور. والآن فإن بحثًا جديدًا يُثبت هذا، وينظر في الخلفيات التي أدت إلى أن يكون الذكر شرسًا على ذلك النحو، وفي مقابله الأنثى جسرًا للسلم والألفة.


لندن: معظم الصراعات في العالم، من أصغرها إلى أكبرها... من اشتباكات الغوغاء في مدرجات ملاعب كرة القدم إلى الجنود الذين يقتلون بعضهم بعضًا في جبهات معارك والحروب، إنما هي نتاج مباشر لطبيعة الذكور وسط البشر.

هذه هي خلاصة بحث نفسي مكثف، توصل إلى أن نشوء الإنسان الذكر وتطوره البيولوجي أوصله إلى أن يكون عدائيًا بالفطرة إزاء الغرباء. هذا توجه يجد جذوره في نوع الصراعات، التي صارت النسيج الذي تتألف منه التجمعات القبلية.

وتبعًا للبحث، فقد وصل الذكور إلى هذا الحال نتيجة ما يعرف باسم laquo;الانتقاء الطبيعيraquo;، الناتج بدوره من التنافس على والأرض والإناث والمكانة. ويتبدى هذا الأمر في أمتنا الحديثة هذه في مظاهر عدة، تشمل التنافس والتناحر بين مشجّعي الأندية الرياضية والعصابات والأتباع الأديان والطوائف الدينية والدول والأمم.

يقول الباحثون إن الإناث - في الجهة المقابلة - نشأن وتطورن على نقيض الذكور، فصرن يجنحن إلى السلم وحلّ النزاعات بالتفاهم والتراضي. وفي ناموس الطبيعة، وفقًا للدراسة، فقد اختارهن laquo;الانتقاء الطبيعيraquo; لمدّ جسور الصداقة والألفة ورعاية أطفالهن وحمايتهم من أشياء تشمل عنف الذكور أنفسهم.

في ورقة على جورنال laquo;فيليسوفيكال ترانسآكشنزraquo;، الذي تصدره جمعية laquo;رويال سوسايتي بيraquo; البريطانية، يقول البروفيسير مارك فان فوت، من معهد أنثروبولوجيا المعرفة والنشوء والتطور في جامعة أوكسفورد: laquo;لا تزال البشرية تبحث عن وسيلة لتفادي الصراعات في المقام الأول. وقد يكون أحد الأسباب في هذا هو أننا نجد أن تغيير طريقة تفكيرنا عسيرة جدًاعلينا، لأن هذا ظل ديدننا على مر آلاف السنينraquo;.

يأتي في البحث، الذي يدعم مفهوم laquo;الإنسان باعتباره محاربًا طبيعيًاraquo;، أن الذكور في كل الثقافات، وعلى مر عصور التاريخ، laquo;سعوا إلى تحقيق مطالبهم عبر العنف. وهم يفضلون إسناد ذلك إلى البنيات الاجتماعية الهرمية، ولذا فإن ولاءهم لها يكون أقوى وأشرس كثيرًا منه لدى الإناثraquo;.

على مستوى القاعدة، وفّرت القبيلة أفضل معين للرجال كمجموعة للحصول على أكبر عدد ممكن من النساء بغرض الإنجاب والتكاثر، كما يقول فان فوت. ويضيف هذا العالم قوله: laquo;هذا المسلك نفسه نراه واضحًا وسط قرود الشمبانزيraquo;.

ويوضحlaquo;على سبيل المثال تجد أن ذكور الشمبانزي تراقب حدود رقعتها الجغرافية بشكل متصل. فإذا ضلت أنثى من مجموعة أخرى الطريق إليها، فعل هؤلاء الذكور كل ما بوسعهم لإقناعها في البقاء معهم. أما إذا كان من ضل الطريق ذكرًا من مجموعة الأنثى نفسها، فيتعرّض لخطر الاعتداء الوحشي عليه، هذا إذا أسعفه الحظ من المصير الأسوأ وهو القتلraquo;.