جون ك. كولي *&
&
& إذا لم يكن الأمر يشكل رسمياً جزءاً من الجهود المحمومة التي تبذلها إدارة بوش لقطع أعمال تمويل شبكة "القاعدة" الارهابية، فإن أحد عناصرها هي الدعوى "الخاصة" التي تقدم بها ما يزيد على خمسمئة من عائلات ضحايا 11 أيلول/سبتمبر 2001 او الناجين منها والمطالبة بتعويضات تصل الى ما يزيد على ألف مليار دولار. كما أن هذه الدعوى تشهد على فساد العلاقات بين واشنطن والعالم العربي وبنوع خاص مع السعودية حليفتها منذ خمسين عاماً.
& والمستهدف بهذه الدعوى سبعة مصارف دولية وثماني منظمات ومؤسسات خيرية اسلامية مع ما لها من فروع وبعض الممولين الافراديين ومجموعة شركات بن لادن السعودية وثلاثة أمراء من كبار الأمراء السعوديين وحكومة السودان. والتهمة الموجهة الى الجميع هي أنهم ساهموا في تمويل تنظيم "القاعدة" والسيد أسامة بن لادن وحركة "طالبان". وهدف العائلات وكوكبة محاميهم من أرفع المستويات، وما صاغوه من بلاغة "وطنية" تليق بوطنية الرئيس جورج دبليو بوش ووزير دفاعه السيد دونالد رامسفيلد هو "فضح (...) الاصابع الخفية التي كانت وراء اعتداءات 11 أيلول/سبتمبر الفظيعة كي لا يتبقى لأصحاب السوء أي ملجأ يحتمون فيه فراراً من مسؤولياتهم" (?).
& ويبدو ان لائحة الأفراد والمنظمات الذين تتم ملاحقتهم قد جاءت بشكل أساسي من إحصاء الشركاء الممولين للارهاب الذي قام به لصالح المخابرات الفرنسية المحامي الباريسي السيد جان-شارل بريزار(?)، والذي وزع في عدد من الدول الغربية قبل أحداث 11 أيلول/سبتمبر وبعدها. وبحسب هذا التقرير استفاد تنظيم "القاعدة" من الدعم المالي المباشر أو غير المباشر من جانب أربعمئة شخص وخمسمئة شركة ومنظمة في العالم أجمع. ومن الاسماء اللافتة الواردة في هذه اللائحة يبرز اسم الأمير سلطان وزير الدفاع السعودي والأمير تركي الفيصل المسؤول السابق عن جهاز المخابرات السعودية. فما بين العامين 1979 و1989 لعب كلاهما دوراً حاسماً في المساعدات المهمة التي خصصت لحرب الجهاد ضد السوفيات في أفغانستان وذلك بالتعاون مع وكالة المخابرات الأميركية وباكستان. وخلال التسعينات انتشر قدامى المجاهدين إضافة الى أولئك الذين تم إعدادهم في العالمين الاسلامي والغربي ليلعبوا دوراً مهماً في الارهاب.
& ومن حيثيات الدعوى الأميركية أن هناك علاقة بين الأميرين السعوديين وحركة الجهاد الأفغاني وبالتالي مع تنظيم "القاعدة". وأن هناك تأكيدات بأنه في العام 1998 وافق الأمير تركي على عدم المطالبة بإبعاد السيد بن لادن وأعضاء آخرين من تنظيم "القاعدة" الى أفغانستان، وبأنه قدم مساعدة سخية الى نظام "طالبان" مقابل وعد من السيد بن لادن بأن تنظيمه لن يسعى الى قلب النظام السعودي. ويتهم الأمير سلطان بأنه قدم منذ العام 1994 ستة ملايين دولار على الأقل الى أربع منظمات خيرية قامت بتمويل تنظيم "القاعدة". ويتغاضى أصحاب الدعوى بالطبع عن تورط الحكومة الأميركية في وضع هذه الاستراتيجيا سواء في أثناء حرب الجهاد أم في نجاح وصول حركة "طالبان" الى السلطة.
& وهذه الدعوى القضائية قد أفسدت بشكل جدي العلاقات السعودية ــ الأميركية ذاك انها جاءت بعد يومين فقط من تسريب وثيقة أعدها للبنتاغون أحد محللي "راند كوربورايشن" (3)، الذي عمد، في سياق منطق الخير والشر المصطنع الذي يطبع عصر الرئيس بوش، الى اتهام السعودية بأنها "محور الشر". وهو نصح الادارة الأميركية بوضع اليد على الأموال السعودية وبالامساك بنفط هذا البلد لأن النظام الحليف السابق قد اتخذ فجأة موقفاً مغايراً ليصبح "عدواً" لأميركا.
& وبالرغم من تكذيبات البيت الأبيض، فإن الصحافة السعودية عبرت عن خشيتها من أن يؤدي الأمر الى تجميد أو مصادرة الموجودات السعودية في الولايات المتحدة والتي تصل قيمتها الى مئات مليارات الدولارات. وقد اكد السيد يوسف ابرهيم، عضو مجلس العلاقات الخارجية، أن الرقابة التي وضعت مؤخراً على حسابات عشرات الشركات والأفراد السعوديين المشبوهين بأنهم مولوا تنظيم "القاعدة"، قد أقلقت رجال الأعمال والمصارف السعوديين الى درجة أنهم سحبوا على الأقل 200 مليار دولار من الولايات المتحدة خلال الأشهر الأخيرة. كما أن المستثمرين السعوديين والعرب يحولون الى أوروبا ما عندهم من سيولة ومن ودائع مصرفية وأسهم وسندات خزينة وسندات عقارية.
& وفي أي حال فإن هذه المعلومات قوبلت بشيء من التشكيك. فقد أكد الاقتصادي ستيف أنغلاندر، من مصرف "سيتي بنك" قائلا: "نحن أبعد ما نكون عن تصديق ذلك. فالارقام المذكورة مضخمة جداً، وهي تقارب نصف العجز الأميركي في الحسابات الجارية، ولو أن هذا حدث لما بلغ سعر اليورو 0.98 دولار." كما أن الأمير السعودي الوليد بن طلال، أكبر مستثمر سعودي في القطاع الخاص في أميركا، قد صرح أنه "ينوي إبقاء جميع استثماراته في الولايات المتحدة". وبالعكس فإن السيد بشر باخيت، مدير& مؤسسة "بخيت فاينانشل أدفايزرز"& أكد أن "مبالغ طائلة" نقلت فعلاً الى أوروبا واليابان والشرق الأوسط.
& وتقرير بريزار، كغيره من التحقيقات الأخرى الحكومية منها أو الخاصة التي أعقبت اعتداءات 11 أيلول/سبتمبر، كما الدعاوى القائمة، يكشف أن البنية التحتية المالية لتنظيم "القاعدة" يشبه عمل الشركات القابضة، فيكون هناك مركز قرار ترتبط به مئات التفرعات وعدد أكبر من المتعهدين الثانويين موزعين في العالم. ولائحة الكيانات المعنية هذه تشمل الكثيرين من الاسلاميين المتعصبين الى المصرفيين المشهورين المحترمين، الى آخرين من رجال الأعمال والمجتمع.
& في 24 أسلول/سبتمبر عام 2001 قام الرئيس بوش، كما يزعم، "بتوجيه ضربة الى الشبكة العالمية للارهاب"، وأعلن تجميد أموال سبع وعشرين منظمة وشخصاً يشتبه في أن لهم علاقة بالسيد أسامة بن لادن. ومذّاك أصبحت اللائحة أطول من لائحة تقرير بريزار. وتحت الضغط الأميركي وافق مجلس الأمن على العديد من القرارات التي تدعو الأمم الى حرمان الشبكات الارهابية أي دعم مالي أو لوجستي.
& وفي تشرين الأول/أكتوبر عام 2001 صوّت الكونغرس على عجل على قانون سمي "يو.أس.أي. باتريوت أكت"، يسمح لـ"اف.بي.آي." وباقي دوائر الشرطة بمضاعفة أعمال التنصت الهاتفية وبزيادة مدة المراقبة وبالتجسس على المحامين وبتعديات أخرى على حقوق الأميركيين المدنية، وهي اجراءات بررت على أنها ضرورية من أجل كشف أشكال تمويل "القاعدة".
& وهذا القانون الجديد ضرب عرض الحائط بكل الممنوعات المتعلقة بالحسابات السرية على جميع الأراضي الأميركية. وهو حظّر على المصارف الأميركية وعلى شركات السمسرة قبول أية أموال من المصارف الواجهة الواقعة على جزيرة "اوف شور" خارج الحدود والتي لا سبب لوجودها الا مساعدة الزبون في التهرب من أعمال الرقابة كونه لا يكون على أي صلة بالمصارف القانونية.
& في اواخر العام 2001، بلغت قيمة الأموال التي جمدتها الحكومة في الولايات المتحدة وخارجها ما يزيد على 112 مليون دولار. لكن وبالرغم من تصويت الأمم المتحدة في كانون الثاني/يناير عام 2002 على القرار 1390 الذي وسع محاربة "القاعدة" الى العالم أجمع، فإن تقريراً نشره اختصاصيون مع الأمم المتحدة في آب/أغسطس عام 2002يبين أنه لم يكد يحدد ويجمد سوى حوالى 10 ملايين دولار إضافية.
& وقد استنتج واضعو التقرير عدم كفاية جهود مجموعة "غافي" في مجال تبييض الأموال، التي أنشئت في العام 1989 من أجل مكافحة تبييض الأموال سواء عن طريق الارهاب أو الاحتيال او التهريب على يد مختلف المافيات، والتي أعيد العمل بها بعد 11أيلول/سبتمبر بضغط اميركي. ذاك ان الشركاء الممولين للسيد أسامة بن لادن في المغرب والشرق الأوسط وآسيا لا يزالون يديرون حوالى 30 مليون دولار لحساب تنظيم "القاعدة" (ويتحدث بعض المحللين عن أرقام تبلغ عشرة أضعاف هذا الرقم). ويحتفظ بهذه الأموال في جزيرة موريشيوس وفي سنغافورة وماليزيا والفيليبين وبنما. كما أن هناك حسابات فتحها زبائن وهميون في دبي وهونغ كونغ ولندن وفيينا. وتقرير الأمم المتحدة يقدر أن حوالى 16 مليون دولار جمعها تنظيم "القاعدة" كمساعدات "خيرية" قد أفلتت من السيطرة ومن اجراءات العقوبات (4).
& وإذا كانت التقارير الرسمية لا تشير الى الأمر الا بعبارات غامضة، فأن محققين خاصين يؤكدون أن التحقيقات التي يجرونها تحت اشراف وزارة الخزانة الأميركية و"الأف.بي.آي." تصطدم بعملية تحويل احتياط تنظيم "القاعدة" الى ممتلكات استهلاكية ومادية، وهي عبارة عن ذهب أو حجارة كريمة وخصوصاً الماس، التي يمكن إمرارها تهريباً. كما انهم يصطدمون بنظام تقليدي لتحويل الأموال، وهو ما يعرف بنظام "الحوالة" (وتسمى أيضاً "هوندي" في باكستان وأفغانستان، و"شوب" في الصين). وهكذا يجري تحويل مبالغ من مختلف الأحجام بناء على مكالمة هاتفية بسيطة مع تبادل كلمات سرّ متفق عليها. وهذا لا يترك أي أثر ورقي او الكتروني. وفي خلال أشهر يسوي هولاء المتراسلون الحسابات في ما بينهم ودائماً دون أن يتركوا أي أثر مكتوب.
& في اوائل أيلول/سبتمبر عام 2002، أعلنت صحيفة "واشنطن بوست" أن زعماء "القاعدة" و"طالبان" قد نجحوا في إمرار كمية من الذهب من باكستان الى السودان وذلك عبر الامارات العربية وإيران. والطريق المسلوكة في ذلك هي طريق التهريب المعهودة ما بين كاراتشي ودبي أو إيران، وتستخدم فيها "الدوز" العربية او سائر مراكب النقل الصغيرة، ثم طائرات النقل الى الخرطوم. والسيد بن لادن الذي أقام وعمل واستثمر أمواله في السودان ما من العام 1991 الى العام 1996، مشرفاً في الوقت نفسه على تدريب الارهابيين، لا يزال يحتفظ بالكثير من الصلات بأوساط رجال الأعمال في هذا البلد. وتقوم أجهزة الاستخبارات والسلطات العسكرية الغربية، مثلاً على غرار المئة رجل تقريباً من القوات الخاصة الأميركية التي نزلت في ايلول/سبتمبر في جيبوتي، بمراقبة شواطئ الصومال عن كثب، وفي شكل أعم منطقة البحر الأحمر.
& وتتحدث بعض تقارير أعمال التحقيق عن تجارة الأفيون، الذي يزرع في أفغانستان ويباع مقابل الذهب. فخلال حرب أفغانستان ما بين 1979 و1989، كانت زراعة الحشيشة والاتجار بها تلقى تشجيعاً من وكالة المخابرات الأميركية ومن المخابرات الباكستانية، وذلك من أجل المساعدة في تمويل المعارك وإضعاف القوات السوفياتية عبر نشر المخدرات في أوساطها. وقد استمر هذا الميراث من أيام الحرب، فبحسب بعض رجال الأعمال الباكستانيين أرسلت "طالبان" و"القاعدة" من كراتشي كميات كبيرة من الذهب حصّلتاه مقابل بيع الأفيون الى مهربي آسيا الوسطى.
& ويؤكد مسؤولون في بعض اجهزة الاستخبارات الأوروبية أن بعض طائرات النقل التي تقوم بشحن الذهب وباقي الحمولات لحساب "طالبان" و"القاعدة" هي ملك السيد فكتور بوي، تاجر المدافع الروسي الذي يقال انه يملك أسطولاً يزيد على خمسين طائرة شخصية متمركزة في الامارات العربية المتحدة. ويعتبر المسؤولون الأميركيون& السيد بوت "أكبر تاجر مدافع في العالم" وتعود نشاطاته الواسعة الى أيام نقله السلاح والأدوية الى حركة "طالبان" عندما كان هؤلاء يحكمون أفغانستان (5). وفي آب/أغسطس عام 2002، أعلنت مجموعة المراقبة التابعة للأمم المتحدة عن عزمها على "زيارة بعض دول الخليج وجنوب شرق آسيا من أجل التباحث ... في سبل تنفيذ الأنظمة وأعمال الرقابة... على تجارة الذهب والماس الواسعة والتي لا تخضع لأي تشريع قانوني" (6).
& وإذا ما أخذنا بأقوال بعض شركات المجوهرات، مثل شركة "زالي كوربورايشن" أو "تيفاني وشركاه"، فإن حجراً كريماً أزرق يسمى "تانزانيت"، تساوي قيمته قيمة الذهب ويستخرج فقط من منطقة جبال كيليمانجارو في تنزانيا، هو آخر ما دخل في مجموعة القطع النادر الذي تستخدمه "القاعدة" مثل النقد الأجنبي تماماً. وفي اوائل العام 2002، قررت شركة "زالي" وعلى غرارها بعض الشركات المنافسة لها، وقف بيع التانزانيت وسحبه من مخازنها. ويقدر دون كريستيان، من شركة "برايس-ووترهاوس- كوبرز" أن "90 في المئة من التانزانيت المستخرج من الأراضي التنزانية يهرّب من البلاد ليباع في الأسواق كحجر كريم وفي المناطق الحرة في دبي وهونغ كونغ وبانكوك الخ.". كما يؤكد دون كريستيان أن هذه التجارة يبدو وكأنها "مصدر الرساميل والتمويلات التابعة لشركات أو لشركات وهمية تمتلكها شبكة القاعدة" (7).
& ولم يبدأ المحققون، الا في الصيف الماضي، بالتنبه الى الطريقة الرئيسية الأخرى التي يتبعها تنظيم "القاعدة" في المبادلات المالية، أي نظام "الحوالة" التقليدي. ففي آذار/مارس عام 2002 وصل وزير الخزانة الأميركي بول أونيل الى منطقة الخليج مع مجموعة من الحقوقيين. وقد سعى الى أن يفهم، إذا امكن، كيف أن نظام "الحوالة" المطبق ما بين دبي وآسيا الوسطى وباقي أنحاء العالم، قد ساعد في تمويل انتحاريي 11 أيلول/سبتمبر وباقي عمليات "القاعدة". وكان من الطبيعي أنه ما من تاجر واحد في أسواق دبي، ولا مصرفي واحد أو تاجر أقر وحسب بأنه يعرف آلية عمل نظام "الحوالة"، ولا حتى تورطه الشخصي في هذا النظام.
& وقد وعدت الامارات المتحدة العربية والسعودية ودول أخرى بالعمل على وضع تشريع يهدف الى تنظيم قطاعاتها الخاصة "بتحويل الأموال بطريقة غير رسمية"، وقد طبق البعض فعلاً ذلك ومنها دبي. كما أن دولاً أخرى، وبنوع خاص الكويت، وضعت قوانين خاصة بالأموال المحولة أو التي تحصل عليها المؤسسات الخيرية عبر مكاتب التصريف، لكن لم تبذل جهود كافية لفرض احترام هذه القوانين. والمتخصصون في نظام الحوالة قلة الى درجة أن رجل شرطة بريطانياً واحداً زار واشنطن ثلاث مرات ليطلع المحققين الأميركيين على سير هذا النظام.
& وقد حققت الـ"غافي" وممولوها الأميركيون بعض النجاحات على الصعد المحلية، وخصوصاً حين كان يتم تحويل أموال "القاعدة" عبر القنوات التقليدية المصرفية منها أو بالبريد الالكتروني مما يترك أثراً. وما يشهد على ذلك هو شهادات "حسن السلوك" التي منحت هذه السنة الى اسرائيل، والى بعض الجنات المالية مثل جزر الكاراييبي، وسانت كيد ونيفيس والى لبنان. لكن موسكو مثلاً منيت بخيبة أمل كبيرة في 18 حزيران/يونيو عام 2002، عندما اضطر السيد سيرغي أوزيبوف، نائب رئيس اللجنة الروسية للرقابة المالية الى الاقرار بأن مجموعة "غافي" قد أبلغت الكرملين أنه سيظل على لائحة "الرقابة اللصيقة" على الأقل حتى اشعار آخر.
ويكتسب تغيير موقف "الغافي" من روسيا في 11/10/2002 معنى اضافيا. فوسط النقاشات الحامية في مجلس الامن الدولي حول المطالبة الاميركية بضؤ اخضر لمهاجمة العراق، تم بنوع من "الاعجوبة" شطب اسم روسيا صاحبة حق النقض في مجلس الامن من لائحة "غافي" "الرمادية". في الواقع، شكلت روسيا في شباط/فبراير من العام 2002 لجنة جديدة للرقابة المالية مهمتها التحقيق في مئات الملفات ذات الصلة بالارهاب. مع شطب روسيا (اضافة الى الدومينيكان والنيوي وجزر مارشال) بقي مدرجا في القائمة "الرمادية" للـ"غافي" بتاريخ تشرين الاول/اكتوبر 2002 جزر "كوك" ومصر وغرينادا وغواتيمالا واندونيسيا ـ حيث جرى توقيف العديد من الأشخاص المشبوهين أو المتهمين بانتمائهم أو بدعمهم نشاطات تنظيم "القاعدة" الارهابية ـ وميانمار ونورو ونيجيريا ونيو والفيليبين وسان فانسانت وجزر غرينادين وأوكرانيا.
& غير ان تعقب أموال "القاعدة" قد توقف بسبب الخلاف الذي وقع بين مجموعة "غافي" وصندوق النقد الدولي. فمع ان صندوق النقد الدولي يتعاون بشكل رسمي وشبه رسمي في آنٍ واحد مع مجموعة "غافي"، الا ان العديد من أعضاء مجلس ادارة الصندوق يزعمون أن تقرير الأمم المتحدة قد أتى بدليل جديد على أن "غافي" قد عاقبت الأكثر فقراً وعفت عن الأكثر غنى، مثل سويسرا مثلاً. ومن جهة أخرى فإن عملاء وزارة الخزانة ومكتب التحقيقات الفيديرالي قد تضايقوا بنوع خاص من فرض صندوق النقد الدولي مهلة سنة مما يمنع إضافة أسماء دول جديدة الى اللائحة، كما من محاولاته منع مجموعة "غافي" من التحقيق في الانظمة القضائية والبوليسية في البلاد ذات العلاقات المعروفة أو المفترضة مع تنظيم "القاعدة" (8).
&& وفي خريف العام 2002 حققت التحقيقات حول "القاعدة" بعض التقدم. فقد استجوب عملاء الجمارك في ديترويت السيد عمر شيشاني، وهو شيشاني من أصل أردني، يحمل جواز سفر أميركياً، عند وصوله من أندونيسيا حاملاً مبلغ 12 مليون دولار بواسطة شيكات مزورة بكل دقة. وبعد فترة وجيزة أوقفت الشرطة الباكستانية بضعة عناصر مشبوهة من "القاعدة" في كاراتشي، أحدهم سوداني، هو الشيخ أحمد سليم، المشتبه في أن يكون المستشار المالي للسيد بن لادن منذ فترة إقامته في الخرطوم.
&& فما يحمل دلالة أهم بالنسبة الى المحققين هو النزاع القانوني الجاري في لندن. فقد أصدرت المحكمة العليا البريطانية أمراً الى وزارة المالية الملكية بنشر الوثائق المتعلقة بلجوء مصرف انكلترا المركزي في العام 1991 الى إغلاق مصرف "كريدت أند كومرس انترناشيونال" (الاعتماد والتجارة الدوليان) بسبب ألاعمال الاحتيالية التي كان يقوم بها. وفي أواخر تشرين الاول/اكتوبر كانت "السيدة العجوز" ما تزال تسعى الى كسب الوقت.
&& وقد لعب مصرف "كريدت أند كومرس انترناشيونال" دوراً سرياً، لا يزال حتى الان مجهولاً الى حد بعيد في تمويل أعمال الجهاد الأفغاني ما بين العامين 1979 و1989. وقد أصبح مؤسس هذا المصرف، حسن آغا عبيدي، الباكستاني الأصل، صديقاً للرئيس جيمي كارتر التي كانت ادارته قد أطلقت الجهاد، وللسيدة مارغريت تاتشر التي أيدته بالحماسة نفسه (وخصوصاً في عهد صديقها رونالد ريغان) التي يبديها السيد توني بلير في دعم حملة الرئيس جورج دبليو بوش ضد العراق. كان المرحوم وليم كايسي، أول مدير عينه رونالد ريغان لوكالة المخابرات المركزية في عهده، قد ساعد في إقامة علاقات المصرف هذه، وفي ما بعد وصف خليفته السيد روبرت غايتس مصرف "كريدت أند كومرس انترناشيونال" بأنه "مصرف اللصوص والمجرمين الدوليين".
&& ولطالما كانت وكالة المخابرات المركزية الأميركية قد فتحت حسابات لها في مصارف أجنبية مشبوهة. كما كانت الحكومة السعودية حتى قبل مرحلة الجهاد الأفغاني، تودع فيها أموالاً سرية دعما لثوار "الكونترا" في نيكاراغوا و"اليونيتا" في أنغولا على سبيل المثال. وقد جاءت بعض التحقيقات التي أجرتها صحف "تايمس" و"نيوزويك" و"آي.بي.سي. نيوز" وغيرها بالدليل على دفع مبالغ& مالية الى مخبرين وعناصر آخرين متورطين مباشرة في الجهاد الأفغاني ثم الى حركة "طالبان" وتنظيم "القاعدة" عبر فرع "كريدت أند كومرس انترناشيونال" في كرومويل رود في لندن، وكذلك عبر صناديق دفع أخرى في باكستان.
&& وما تخشى واشنطن وحلفاؤها الموثوق بهم داخل حكومة بلير، افتضاحه، هو انكشاف أدلة جديدة على التواطؤ المالي على أعلى المستويات والذي استفاد منه تنظيم "القاعدة"، وضمناً خلال الفترة التي كان فيها السيد بن لادن يرمم في أفغانستان المعسكرات والدبابات وباقي المغاور التي دمرتها القنابل الأميركية خلال "الحرب على الارهاب".
&& وما أثار ارتياح جميع الفرقاء المعنيين في العام 1993 هو ان محكمة أميركية قد برأت السيد كلارك غيفورد، 85 عاماً، مستشار جميع الرؤساء الأميركيين منذ هاري ترومان، وشريكه المحامي روبرت ألتمان في قضية "كريدت أند كومرس انترناشيونال" وشريكه الأميركي مصرف "فيرست اميريكان بانكشايرز". وقد أغلق الملف بدون أي مساس بشرف هذين الأميركيين "المحترمين" وبدون ان تفضح الصلات التي قادت من الجهاد الى تنظيم "القاعدة" والتي يمكن أن تكون موصوفة في الوثائق التي يغلق عليها مصرف انكلترا المركزي.
& وفي وقت تراوح فيه الحملة على تمويلات تنظيم "القاعدة" مكانها، فإن مأزق إدارة بوش حالياً هو الآتي: إذا ما تم التدقيق في أعمال المصارف وباقي المؤسسات الاسلامية فإن الولايات المتحدة ستخاطر باستعداء أنظمة في الشرق الوسط هي بحاجة اليها إن في ملاحقتها تنظيم "القاعدة" أو في الحملة ضد الرئيس صدام حسين.
&& وبعد التصويت على قانون "يو.أس.آي. باتريوت أكت"، لفت السيناتور بول ساربانس، رئيس اللجنة المالية في مجلس الشيوخ الأميركي الى ان هذا الكم من التشريعات القمعية يتضمن ثغراً كثيرة. فأولاً إن أي زبون أجنبي لمصرف، يمكن أن يكون مرتبطاً بالسيد بن لادن، في إمكانه بكل دقة أن "يتحقق من وضعه" عبر توقيعه شهادة تفيد أنه لا يمثل شركة واجهة لـ"صدفة فارغة". ثم ان قوانين وزارة الخزانة تسمح لمصرف أميركي أن يقبل ودائع آتية من مصرف في الخارج إذا كان فقط ربع ودائع هذا الأخير مؤمناً عليها في مصرف حقيقي. وليس في "صدفة فارغة" مغفلة. وهذا ما يساعد شركات بأكملها في التسلل أو على الأقل من خلال فروعها العالمية عبر ثغر القوانين (9).
&& لا شك ان المحققين سيواصلون ما يبدو انه سيكون مطاردة لا نهاية لها لممتلكات "القاعدة" أو المجموعات المشابهة لها لفترة طويلة بعد مغادرة الجنود الأميركيون أفغانستان، وبالتأكيد في عهد الخلفاء المباشرين للسيد بوش. لكن ماذا سيفعل أولئك الذين يوجّهون هؤلاء المحققين عندما يواجهون ديكتاتوراً مقرباً من الأميركيين، أو رجل دولة فوق كل الشبهات مثل السيد كلارك كليفورد أو شخصية مهمة من الحزب الجمهوري؟
&&
& *& صحافي، من مؤلفاته بنوع خاص:
&CIA et Jihad, une alliance désastreuse contre l'URSS, Autrement, Paris, 2002.
&
?
هو توماس إي. بيرنت، والد أحد ركاب رحلة UA 93 التي كانت متوجهة الى البيت الأبيض او الى مبنى الكابيتول، لكن الطائرة تحطمت في بنسلفانيا بعدما هاجم الركاب الخاطفين. من حديث اوردته:
&
PR Newswire, United Business Media, lieu de publication ?, 15 août 2002.
& 2 راجع
e, Ben Laden, La verite interdite, Paris, Denoel, 2002.Bernard et Dasqu
&
&
3 "نيويورك تايمز"، 23/9/2002
&
4 صحيفة "ذا فاينانشل تايمز"، لندن،& ???????.
&5& وكالة الصحافة الفرنسية، واشنطن العاصمة، ??????، من مقابلة خاصة بالكاتب في صيف العام 2002.
6 راجع:
1 American Metal Market (journal corporatif), lieu de publication ? 30 mai, 2002.
&
&7 راجع:
1 ? Business Unusual ?, émission de CNN, 15 janvier, 3 septembre 2002.
&
&8 راجع:
&
1& ?US terror fund drive stalls,? BBC en ligne, 3 septembre, 2002.
&
&9 راجع:
1 Lawrence Malkin, Yuval Eelizur, ? Terrorism?s Money Trail ?, World Policy Journal, Lieu de publciation, mars 2002.&