بيروت : حملت صحيفة "الثورة" السورية بعنف في افتتاحية لرئيس تحريرها فائز الصائغ على من سماهم "ورثة الرئيس رفيق الحريري" وماكينة "تيار المستقبل" الإعلامية، وربط بينهم وبين إسرائيل.
وكتب الصائغ: "شككت صحيفة "المستقبل" الناطقة باسم ورثة الرئيس رفيق الحريري السياسيين منهم والمستفيدين بالرواية السورية حول انتحار اللواء وزير الداخلية غازي كنعان ، وقالت: (حادثة وفاة غازي كنعان عملية قتل متعمّدة من قبل النظام). واتفقت الصحيفة في رأيها مع آراء صحف إسرائيلية وغربية! وعلى جانب آخر أوردت صحيفة يديعوت أحرونوت وكاتبها (أيال زيسار) رواية تتساوق مع المستقبل في النحو هذا المنحى... وفي نفس الرؤية وذات الاجتهاد، وعلى نفس المنوال من التفاهة المتعمّدة، والاسلوب الفجّ، وبنفس الطريقة من الأوهام، والتحليلات الخبيثة".
أضاف: "مادامت سياسة التشكيك قد تكرّست في الوسيلة تلك, وأصبحت في خط واحد مع التوجهات الإعلامية الإسرائيلية فلنا أن نكشف النقاب باليقين، وليس التشكيك عن احتمالات كانت مستبعدة بالنوايا الطيبة، وربما تكون ضعيفة بالمنطق، وبالشك معاً، ونعود لطرح السؤال الجنائي التقليدي: ترى من المستفيد من قتل الرئيس الحريري? وهل لنا أن نربط بين من استفاد من ورثة الحريري، واللوبي المنتفع سياسياً ومالياً والذي كان ينتظر، وبين من استفاد إقليمياً، وفي المقدمة إسرائيل?
وفي السياق ذاته: ترى لماذا لم تسأل ماكينة الحريري بعد رحيله، والتي تقاسم منافعها الطامحون في مال الحريري من الأبناء، ومن الحاشية سيّان, عن مصلحة إسرائيل? ولماذا لم توجِّه شكوكها إلى الأيادي الإسرائيلية الأكثر خبرة في الإرهاب والتفجير واصطياد الخصوم، مادام الحريري الراحل كان خصماً لإسرائيل، ومعادياً لمخططاتها، وينتمي في بنيته السياسة قبل أن ينطلق من دمشق الى القومية العربية التي زُرعت إسرائيل بين ظهرانيها للقضاء عليها أو الوقوف في وجهها ، واستهدفت رموزها على امتداد الوطن العربي كلّه، ومنهم الرئيس الحريري الذي يحاول ورثة ماله وسمعته أن يتنصلوا منها، لا بل الإساءة إليها عمداً وعن سبق الإصرار".
طرفان تجاهلهما التحقيق اللبناني والتحقيق الدولي، والاشارات الاتهامية الصادرة عن (الصندوق الأسود) الذي يفبرك أصحابه المقولات والاتهامات والتوجهات والاتجاهات أيضاً، وهما إسرائيل باعتبارها المستفيد الأول من قتل الحريري وجني الثمار الناجمة عنه، وهي ثمار تشكل الآن المشهد السياسي الراهن سواء بشأن الوصاية الدولية على لبنان أم بشأن تفكيك التلاحم السوري اللبناني الذي أدّى بدوره إلى طرد إسرائيل من الجنوب، وورثة الحريري أنفسهم سواء من الأبناء أم من الحاشية أم من المستفيدين من غيابه وهم الأقربون... والأولى ببناء أنفسهم ومستقبلهم المالي والسياسي فوق جثة الحريري وعلى مساحة دمه".
نعم بهذه التفاهات، وهذا الأسلوب الفج تشكك وسائل الإعلام الموروثة بنسخ شوّهت الأصل وبدّدت ملامحه بكل شيء، بالحقيقة التي يرفعونها شعاراً وهم لا يريدون الاقتراب منها, ولا يشيرون إليها ولو من باب الشك أو التشكيك، وقد غابت إسرائيل وعملاؤها والمستفيدون من سياساتها من على صفحات وشاشات الماكينة تلك إلاّ بالمديح والايماءات والغزل إن لم يكن التحالف والتخطيط المشترك، ما دام الهدف واحداً وهو النيل من أعرق علاقة لأعرق شعب شقّ بينهما الاستعمار يوماً وجعلهما في بلدين ولم يستطع فك تلاحمهما واشتراكهما بالمصير الواحد.
دور ماكينة "المستقبل"
لقد كان اللواء غازي كنعان في آخر اجتماع لمجلس الوزراء يوزع ابتسامته الرّصينة الرزينة على بعض الصحافيين ، ولم يكن يشكو من شيء إلاّ من الظلم والتجنّي الواقع على وطنه وعليه من بعض وسائل الإعلام اللبنانية التي امتهنَت الشك والتشكيك ، ومن نكران الجميل، ومن الانقلاب الأخلاقي الذي ظنّه طارئاً... عابراً حتى أدرك أنه مخطط ومرسوم وله أدوات مما دفعه إلى توجيه رسالة إلى الإعلام اللبناني وعبره.
لقد ساهمت الماكينة الاعلامية المدان أسلوبها وسلوكها والأهداف في قتل الرجل الذي كان يتجول بين شوارع بيروت لوقف الاقتتال الأهلي، ينفّذ ومن معه رؤية سورية للبنان الوطن الواحد الموحد , وتعرض للقتل المباشر بالبارودة والمدفع والرصاصة مرات في جسده حتى قتلته الكلمة في وجدانه.
لقد نسيت وسائل الإعلام تلك أو تناست أن الرسالة الإعلامية رسالة إنسانية وحضارية، وأن مضامينها تخدم المجتمعات لا تهدّمها وتحصّن الرأي العام لا تفتّته... تدافع عن وحدة الوطن لا تدعو إلى تقسيمه.. تواجه الإعلام المعادي لا تتحالف معه.. تلتقي مع الثوابت الوطنية التي يُجمع عليها الشعب لا تتصادم معها, وأن الأقلام التي تسخّر لهذه الرسالة محشوة بالأفكار والاجتهادات والرؤى الوطنية لا بالديناميت والمتفجرات والشظايا التي أصابت الصديق والشقيق على حد سواء" .
وختم : "هكذا نفهم الرسالة، وما نتمناه أن يدرك القائمون على ماكينة الحريري الموروثة ولو متأخرين إن الوفاء لدم الرئيس الراحل يقتضي احترام كل من تعامل معه ووفر له الحماية والرعاية والحضور والانتشار السياسي والاقتصادي, فهل من الوفاء أن يتم تناول من حَرِصَ على احترام الحريري حتى في لحظاته الأخيرة ؟ إبحثوا ايها السادة بإعلامكم إياه عن القتلة الحقيقيين بدلاً من مضيعة الوقت!".
التعليقات