غادر الأمير تركي الفيصل، سفير السعودية إلى الولايات المتحدة، واشنطن البارحة بعد أن أعلم وزيرة الخارجية كوندليزا رايس وفريق عمله أنه سيترك منصبه بعد 15 شهراً فقط من بدئه العمل، حسب مسؤولين سعوديين ومبعوثين أجانب. ولكن لم يصل أي إعلان من الحكومة السعودية بذلك. وحسب مراسل صحيفة واشنطن بوست روبن رايت فإن مغادرة الأمير غير المتوقعة تعتبر مفاجئة كثيراً، وبشكلٍ خاص لأن سلفه الأمير بندر بن سلطان أمضى 22 عاماً في المنصب نفسه. يعد منصب السفير السعودي واحداً من المناصب الدبلوماسية الأكثر تأثيراً في واشنطن، كما أنه المنصب الخارجي الأكثر أهمية بالنسبة لمملكة الصحراء الغنية بالنفط. وكان تركي الفيصل، الذي أمضى وقتاً طويلاً في رئاسة المخابرات، قد أخبر فريق عمله مساء البارحة أنه يريد قضاء وقتٍ أطول مع عائلته، حسب دبلوماسيين عرب. بينما أعرب زملاؤه عن مفاجأتهم بقراره هذا. جاءت مغادرته دون إقامة الحفل التوديعي الذي عادة ما يُقام لمغادرة المبعوثين، ولم يقدم أكثر من تصريح عام، وذلك بعد أن تلقى نبأ إصابة أخيه وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل بالمرض.
تم تعيين سعود الفيصل في العام 1975، واستمر في منصبه وزيراً للخارجية لمدة أطول من جميع نظرائه في العالم، حيث يرجع تعيينه إلى فترة خدمة هنري كيسنجر في وزارة الخارجية الأميركية. لم يعلق المسؤولون السعوديون على حالة سعود الفيصل، لكنه كان يعاني لسنوات من رعشة في جسده. وحدث العام الماضي أن انزلق في مغطسه وأصيب بكسرٍ في الكتف. وبعد حضوره افتتاح الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر، سافر إلى لوس أنجلس لإجراء الجراحة، ومكث في الولايات المتحدة حتى وقتٍ يسبق عيد الشكر بقليل، حسب قول مسؤول عربي. وفي حين تتدهور صحة سعود الفيصل، وصلت الإشاعات إلى أخيه تركي تنبئه باستبدالٍ محتمل لأخيه الأكبر. وسيبقى ممثلاً لاستمرار السياسة الخارجية السعودية في لحظاتٍ مشحونة حول أزمة العراق بين الرياض وواشنطن، الحليفتين القديمتين في صياغة المنهج الاقتصادي والسياسي العام في الشرق الأوسط. ومن جهة أخرى، استدعى الملك عبد الله نائب الرئيس تشيني بعد عيد الشكر لإجراء محادثاتٍ حول العراق والمناطق الشائكة الأخرى في الشرق الأوسط. مَثّل تركي الفيصل سبباً للثناء والجدل في آنٍ معاً. فعندما كان رئيساً للمخابرات في الثمانينات قيل إنه التقى بزعيم القاعدة أسامة بن لادن مرات عديدة خلال دعم الولايات المتحدة والسعودية لقتال المجاهدين الاحتلال السوفييتي في أفغانستان، ولطالما استنكر تصرفات بن لادن. تسلّم تركي الفيصل مؤخراً منصب السفير إلى بريطانيا. قال أحد الدبلوماسيين البريطانيين البارحة: quot;لقد اعتُبِر واحداً من أكثر السفراء تأثيراً، وكان له مقام مرموق للغاية.quot;
تشعر السعودية، الدولة السنية التي تحمي المواقع المقدسة الإسلامية، بالقلق الشديد حول التغير في توازن القوى الحاصل في العراق التي تشترك معها بحدود تمتد 500 ميلاً. وتنبهت الرياض إلى ظهور الغالبية الشيعية في العراق وإلى تهميش النخبة من السنة. ومن الناحية الشعبية، انضم بعض الشباب السعوديين إلى التمرد السني كمقاتلين أجانب، كما أظهرت بعض التقارير أن مواطنين سعوديين يرسلون المساعدة المالية إلى التمرد السني. وفي مطلع العام الحالي أعلنت المملكة أنها ستشيد حاجزاً محكماً على طول الحدود، وتجهزه بآلات تصوير فوق بنفسجية ذات رؤية ليلية وكابلات حساسة تحت الأرض ومواقع للمراقبة.وحسب مسؤول عربي فإن تركي الفيصل، الذي تخرج من جامعة جورج تاون عام 1968، سيعود في يناير لفترة قصيرة بعد موسم الحج، الوقت الذي تكون فيه المملكة أكثر انشغالاً، ليرسل تحياته الرسمية مودعاً.
التعليقات