غياب مبارك وحضور البشير أبرز الأحداث وتشاؤم بشأن المصالحة
تحديات صعبة وأجواء إنقسامات تسيطر على قمة الدوحة العربية
نبيل شرف الدين من الدوحة: أسئلة كثيرة ومناقشات لا حصر لها تدور في كواليس قمة الدوحة العربية، لكن يبقى سؤال يلاحق الجميع هنا بشأن تفسير مقاطعة الرئيس المصري حسني مبارك لهذه القمة على الرغم من مشاركة أبرز حلفائه العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز، خلافًا للموقف الجماعي الذي سبق أن اتخذته القاهرة والرياض وعواصم أخرى حيال قمة دمشق العام الماضي، إذ كان ضمن نسق إقليمي كامل، وبالطبع يجتهد الصحافيون في تبرير هذا الموقف المصري وتفسيره، بينما اكتفى دبلوماسي مصري بالقول إن التمثيل المصري المنخفض مؤشر على خلافات مصرية ـ قطرية بدأت منذ حرب لبنان عام 2006، وعززتها العمليات العسكرية التي شنتها إسرائيل مؤخرًا على قطاع غزة .
وبعد الجلسة الافتتاحية المفتوحة للإعلام عقد القادة العربrlm; أربع جلسات مغلقة لاستعراض بنود جدول الأعمال الـrlm;26 الى جانب حزمة من القضايا الخلافيةrlm; التي رفعها وزراء الخارجية العرب للقمة، وفي مقدمتها المصالحة العربيةrlm; استنادًا إلى ورقة العمل المعدلة المقدمة من عمرو موسى،rlm; بعد أن فشل الاجتماع الوزاري في التوصل لحلول بشان العديد من الخلافات العربيةrlm;، وأبرزها الأوضاع الفلسطينية،rlm; وكيفية التعامل مع الحكومة الإسرائيلية اليمينية القادمة والعلاقات الإيرانيةrlm; ـ العربية.rlm;
ودعا مشروع بيان ختامي لقمة الدوحة التي انطلقت يوم الاثنين، الدول العربية إلى عدم التعاون مع مذكرة توقيف أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق الرئيس السوداني عمر حسن البشير، ووصف البيان المذكرة بأنها سابقة خطرة تستهدف رئيسًا ما زال في منصبه، لكن دون أن يتفق الوزراء العرب على عقد قمة تضامنية مع البشير دعت السودان إليها، وتقرر رفعها إلى القادة العرب ليبتوا فيها وسط خلافات مكتومة حول تقييم الموقف وما يمكن أن يقدم عليه النظام الرسمي العربي في هذه القضية.
مبارك والبشير
وتسود قناعة لدى كثيرين من المحللين السياسيين والمراقبين الذين التقتهم quot;إيلافquot; ممن شاركوا في متابعة فعاليات قمة الدوحة بأنهم لا يعولون كثيرًا على أن القمم العربية، باعتبار أنها لن تؤدي إلى نتائج ملموسة، وعادة قراراتها لا تطبق ولا تنفذ، ولا شيء تفعله سوى اجتماع رسمي ينفض من دون إلتزامات جادة على عاتق الدول العربية .
وبينما كان غياب الرئيس المصري حسني مبارك ووصول الرئيس السوداني عمر البشير حديث كواليس القمة، فإن القادة العرب يسعون لتقديم الدعم للرئيس السوداني بشأن امر اعتقال دولي صادر بحقه، غير أن منظمة العفو الدولية طالبت القادة العرب بالتعاون في تنفيذ مذكرة المحكمة الجنائية الدولية، وذكرتهم بدعواتهم إلى تطبيق القانون الدولي أثناء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
ويشكل حضور البشير تحديًا بالنسبة إلى قمة الجامعة العربية التي تضم 22 دولة لكن مسؤولين في الدوحة قالوا إن السعودية تضغط على القمة لتقديم دعم قوي للسودان، وهنا يقول محللون إن وجود البشير في الدوحة يهدد بالقاء الظلال على الهدف الرئيس للقمة بالنسبة إلى مضيفيها القطريين، وهي إثارة الاهتمام بالدولة الخليجية التي تعد الان منتجًا بارزًا للغاز الطبيعي وقوة مؤثرة على المستوى الاقليمي، وتؤدي دورًا كثيرًا للجدل على الساحة .
واصدرت المحكمة الجنائية الدولية أمر اعتقال البشير في الرابع من مارس الحالي موجهة اليه سبع تهم تتعلق بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية في إقليم دارفور غرب السودان حيث يقول خبراء دوليون ان اكثر من 200 الف شخص قتلوا منذ عام 2003.
وقطر ليست من الدول الاطراف في اتفاقية القانون الاساسي المعتمدة في روما والتي انشئت بموجبها المحكمة الجنائية الدولية، ولا تملك المحكمة التي تتخذ من لاهاي مقرًا لها وسيلة لانقاذ أوامر الاعتقال التي تصدرها حتى اذا كانت الدولة المعنية طرفًا في الاتفاقية.
مصر وإيران
وتدرس القمة أيضًا الدور الإيراني في المنطقة العربية والمصالحة الفلسطينية، قبل يومين من جولة مفاوضات جديدة تعقدها الفصائل في القاهرة، بعد أن تعثرت جولة أولى بسبب خلافات على برنامج وتشكيلة حكومة الوحدة، وتحتفظ قطر بعلاقات وثيقة مع ايران على الرغم من الضغوط الأميركية والعربية للابتعاد عن دولة يشتبهون في انها تسعى الى تطوير اسلحة نووية.
وتحاول معظم الحكومات العربية الرد على النفوذ السياسي الذي اكتسبته ايران منذ الغزو الأميركي للعراق في 2003 والذى اتى بالشيعة الذين تعرضوا للقمع طويلا الى السلطة في العراق، لكن قمة الدوحة تسعى إلى تخفيف حدة الانقسام العميق بين الدول العربية حول كيفية التعامل مع ايران القوة الشيعية الصاعدة.
ويرى قادة مصر والسعودية ان ايران تقف وراء قوة حزب الله في لبنان وحركة المقاومة الاسلامية (حماس) في الاراضي الفلسطينية وهما جماعتان اسلاميتان ترفضان التخلي عن العمل المسلح في الصراع التاريخي بين العرب واسرائيل.
وتساند دول عربية اخرى لها علاقات جيدة مع ايران مثل سوريا وقطر نظرة القاعدة العريضة من شعوب العالم العربي وهي ان سياسات حزب الله وحماس هي ردود مشروعة على اسرائيل التي ترفض اعادة اراض عربية احتلتها عام 1967.
وكشفت الحرب الاسرائيلية الاخيرة على قطاع غزة الانقسامات العربية حيث استضافت قطر quot;قمة أزمةquot; جمعت قادة عربا بالاضافة الى الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد وشخصيات بارزة من حماس، ورفضت مصر والسعودية اللتان تتمتعان بثقل اقليمي حضور هذه القمة وقالتا ان قمة اقتصادية للقادة العرب في الكويت كان مخططا لها بالفعل قبل حرب غزة ستكفي لبحث الازمة .
وسيطرت على أجواء القمة العربية أجواء التشاؤم وعدم الارتياح بتحقيق المصالحة العربية الشاملةrlm;,rlm; في ظل استمرار الخلافات العربيةrlm;,rlm; كما أثار غياب الرئيس المصري مبارك عن أعمال القمة العربية العديد من التساؤلاتrlm;، وكانت الآمال معلقة بحضورهrlm;.rlm;
ويمكن ان يؤدي قرار الرئيس المصري حسني مبارك المفاجئ بعدم حضور قمة الدوحة إلى افساد خطط المصالحة. وتم تحديد جلسة يوم الاثنين للقادة لتسوية خلافاتهم، ولم توضح القاهرة سبب غياب مبارك الذي لم يحضر أيضا قمة دمشق، غير أن المتحدث باسم الخارجة المصرية حسام زكي قال إن الأسباب معروفة للأطراف المعنية، من دون أن يوضح هوية هذه الأطراف، وإن أكد أن الغياب لن يؤثر على دور مصر لأنه quot;أكبر من أن يقاس بحضور مؤتمر أو لاquot;، على حد تعبيره .
التعليقات