إبراهيم عوض من بيروت: أعاد الهجوم العنيف الذي شنّه رئيس تكتّل الإصلاح والتغيير النائب ميشال عون على قوى 14 آذار والرئيس المكلّف تشكيل الحكومة النائب سعد الحريري، وإعلانه التمسّك بإعادة توزير صهره جبران باسيل، عملية تشكيل الحكومة إلى نقطة الصفر، فيما اعتبرت أوساط سياسيّة متابعة للموضوع الحكومي أنّ مواقف عون خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده أمس وضعت العمليّة برمّتها في المجهول وطرحت تساؤلات عمّا سيكون عليه تصرّف الرئيس المكلّف وإذا ما كان سيردّ على انتقادات عون له وللتيار الذي يتزعّمه، وهو الذي وعد اللبنانيين من القصر الجمهوري بمصارحتهم عند الضرورة. ولم يطل انتظار هذه الأوساط كثيرًا إذ أصدر المكتب الإعلامي للحريري بيانًا أكّد فيه على رغبة الحريري في الإبقاء على عمله بعيدًا عن السّجالات الإعلامية والسياسيّة مشدّدًا على عدم الخروج عن الدستور، موضحًا أنّ لكلّ فريق سياسي الحق في تقديم ما يريد من مطالب، إلاّ أنّ تأليف الحكومة بحسب الدستور يقع على عاتق الرئيس المكلّف بالتعاون مع فخامة رئيس الجمهورية.

هذا واعتبرت الأوساط المذكورة خروج الحريري quot;المقتضبquot; عن صمته الذي التزم به منذ تكليفه تشكيل الحكومة وتحمّل الكثير من الحملات والاتهامات الموجَّهة ضدّه ناهيك عن الخسارة التي تلحق برصيده السياسي مع دخوله للمرّة الأولى نادي رؤساء الحكومات، وإنّما يعكس ما نادت به أوساط مقرّبة منه بأن يصار إلى استيعاب الأمور وتجنّب التّصعيد في الوقت الراهن حرصًا على مصالح النّاس الذين يهمّهم اليوم quot;الحصول على الكهرباءquot; لا التلهّي بسجالات لا تطعم خبزًا ولا تدخل صغيرًا إلى المدرسة ولا يسعف موظفًا عاجزًا عن الاستشفاء في ظلّ امتناععدّة مستشفيات عن التعامل مع الضمان الاجتماعي. هذا ما عبّر عنه الوزير السابق والنّائب في كتلة المستقبل سمير الجسر خلالحديث تلفزيوني تناول فيه المؤتمر الصحفي لعون داعيًا إلى التّهدئة واعتماد الحوار لحلّ المشاكل، مذكّرًا في الوقت نفسه بما نصّ عليه الدّستور لجهة مشاركة كلٍّ من رئيس الجمهورية والرّئيس المكلّف تشكيل الحكومة بمسألة التأليف والاعتراض على أسماء مرشّحة للتّوزير لا التحوّل إلى صندوق بريد عليه الأخذ بمقترحات القوى والأطراف الممثّلة في الحكومة من دون أي بحث أو نقاش.

هذا وقد جاء كلام الجسر ردًّا على تمسّك عون بإبقاء صهره في وزارة الاتصالات على الرّغم من خسارته في الانتخابات النيابيّة أمام غريمه النائب بطرس حرب ، ودعم quot;حزب اللهquot; لهذا المطلب بحجّة عدم وجود نصّ دستوري يحول دون توزير الخاسرين في الانتخابات، والقول بأحقيّة القوى والأطراف السياسيّة في تسمية من تريد لدخول الحكومة، مشيرًا إلى أنّ الرّئيس المكلّف سعد الحريري سبق له أن طرح هذه النظريّة في تصريح أدلى به من القصر الجمهوري أيضًا. وعزت أوساط المعارضة النبرة العالية التي استخدمها عون في مؤتمره الصحفي ولجوءَه إلى عبارات لاذعة لمهاجمة خصومه على غرار وصفه الحملات ضدّه بـ quot;المسعورةquot; إلى وصول quot;الجنرالquot; إلى قناعة مفادها أنّ مسار تأليف الحكومة وصل إلى طريق مسدود لأسباب خارجيّة أبرزها عدم رغبة واشنطن والقاهرة في إنجازه، ولضيقه الشديد من الطريقة التي أثيرت بها قضية إعادة توزير جبران باسيل إذ رأى فيها إهانة شخصيّة موجّهة إليه وإلى عائلته، وهذا ما حداه إلى تخصيص نصف وقتمؤتمره الصحفي للدّفاع عن باسيل وسرد المنجزات التي حقّقها في وزارته وفي مقدّمها تعطيله للصّفقات وعمل المافيات - على حدّ قوله - واتّهامه وزير الاتّصالات السابق النائب مروان حمادة بارتكاب المخالفات والتّغطية على السّرقات ليخلص إلى القول: quot;لعيون صهر الجنرال لن تكون هناك حكومة من دونهquot;. ولاحظت أوساط في المعارضة لجوء فريق الأكثرية في الآونة الأخيرة إلى اعتماد خطّة إعلامية تحمّل فيها عون المسؤولية الكاملة عن التأخّر في تأليف الحكومة للتّغطية على quot;الزلزال السياسيquot; الذي أحدثه رئيس اللّقاء النيابي الديمقراطي رئيس الحزب التقدّمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط عبر مواقفه الأخيرة التي أعلن فيها الانفصال عن 14 آذار واختياره الموقع الوسطي، جاعلاً الأكثريّةبذلكتفقد أكثريتها، ومتسبّبًا باهتزاز الصيغة الحكومية التيتمّ التفاهم حولها والمبنيّة على قاعدة 15 ndash; 10 ndash; 5 بعدما أضحت 12 ndash; 10 ndash; 5 ndash; 3 (وزراء جنبلاط)، مع الإشارة إلى أنّ الزعيم الدرزي عاد مساء أمس ليؤكّد استمرار العمل بالصيغة الأولى. من هنا يكشف مصدر مطّلع في المعارضة لـquot;إيلافquot; عن معلومات وردت إليه أفادت بأنّ مسؤولاً أمنيًّا بارزًا موفدًا من مرجع سياسي كبير زار قياديًّا في المعارضة عارضًا عليه فكرة إحياء الصيغة المعروفة بـ(10 ndash; 10 ndash; 10) الأمر الذي أثار استغراب الأخير وحمله على سؤال زائره إذا ما كان العرض المذكور يعبّر عن رغبة لدى المرجع السياسي الكبير فجاءه الجواب: quot;إنّ المسألة اجتهاد شخصي من قبله غايتها استطلاع الرأي لا أكثر ولا أقلquot;. من جهته ينفي فريق الأكثرية ما يتردّد عن إمكانيّة معاودة البحث في الصيغة المتفاهم عليها (15-10-5) ويؤكّد التمسّك بها مذكّرًا بأنّ الرّئيس المكلّف تشكيل الحكومة سعد الحريري أعاد تثبيت هذه الصيغة على الرغم من التحوّل الجنبلاطيالأمر الذييعني عدم المساس بها حتى الساعة.

وإذ يكرّر فريق الأكثريّة توجيه أصابع الاتّهام نحو العماد عون وquot;حزب اللهquot; على ما آلت إليه الأمور من تصعيد على صعيد تشكيل الحكومة، فإنّ ثمّة في هذا الفريق من يعتبر أنْ لا عقدة أمام انطلاق قطار التأليف سوى العقدة العونية مع إشارة بأنّ موقف quot;حزب اللهquot; المتصلّب مردّهاستياء طهران من إبعادها عن المشاركة في المسألة اللبنانية وحصر الأمر بالتّفاهم السعودي ndash; السوري. إلاّ أنّ عضو كتلة المستقبل البرلمانية النائب نهاد المشنوق الذي حمل على عون والمعارضة من دون أن يستثني جنبلاط في هجومه قال لـquot;إيلافquot; إنّه quot;ما لميتمّ تحرّك سعودي ndash; سوري جديد لمعالجة الوضع الحكومي فإنّ الأمور باقية على حالها من الجمود والمراوحةquot;. ومهما يكن من أمر فإنّ خريطة طريق تأليف الحكومة العتيدة بعد المؤتمر الصحفي الأخير لعون هي بالتأكيد غير ما قبله.