إعداد أشرف أبوجلالة: في تعليق لها على القرار الذي اتخذه سعد الحريري رئيس الوزراء المكلف في لبنان بالاعتذار عن تشكيل الحكومة، كتبت مجلة quot;التايمquot; الأميركيّة تقريرًا تحليليًّا تحت عنوان quot;انهيار في لبنان: جولة جديدة من سياسة على حافة الهاويةquot;. وفي هذا الإطار، تستهل المجلة حديثها بالإشارة إلى أنّ لبنان يعتبر استثناءً أبديًّا للمثل القائل إنّ السياسة كلها ذات طابع محلي. وتشير في هذا السياق إلى أنه وفي الوقت الذي تتدخل فيه الكثير من القوى الأجنبية في الصراع الطائفي اللبناني الدائم على السلطة، يشكل لبنان نوعًا من أنواع البارومتر السياسي لمنطقة الشرق الأوسط. وهو ما جعل المجلة تنظر إلى تقدم الحريري باعتذار عن تشكيل حكومة وحدة بعد ثلاثة أشهر من فوز تحالفه الحاكم بالانتخابات البرلمانيّة على أنه علامةتشير إلىتزايد أجواء عدم الارتياح في المنطقة، وهو الأمر الذي يعني أنّ أزمة لبنان السياسيّة ما زالت بعيدة عن نهايتها.

وتشير المجلة في سياق متصل، إلى أنّ الآمال كانت تُعقد على النصر الذي حققه تحالف الحريري في انتخابات يونيو / حزيران الماضي، أملاً في إنهاء فصل الحرب والاضطراب السياسي الذي عاشته البلاد على مدار ثلاث سنوات كاملة. وتمضي الصحيفة لتتحدث عن تحدي تنظيم حزب الله الشيعي لشرعية الحكومية اللبنانية، منذ أن خاض حربًا على مدار 33 يومًا ضد إسرائيل في صيف 2006، حيث وجه التنظيم الاتهامات للحكومة وقتها بأنها تحاول سرًّا نزع سلاح quot;المقاومةquot; المناهضة لإسرائيل.

وفي الوقت الذي شهدت فيه الأجواء حالة من الشد والجذب بين حزب الله والحكومة اللبنانية خلال العام الماضي، قالت المجلة إنّ الطرفين قد اتفقا على تسوية الأمور من خلال الانتخابات في صناديق الاقتراع. وعندما فاز تحالف الحريري بأغلبية ضئيلة، وعرض على خصومه تقاسم السلطة في حكومة وحدة وطنية، تنفّس الصعداء معظم اللبنانيين ndash; بمن فيهم عدد كبير من مؤيدي الجانب الخاسر. وعلى الرغم من توصّل الطرفين إلى اتفاق بشأن صيغة الحكومة المقبلة وفق قاعدة 15 ndash; 10 ndash; 5 ، ( والتي تعني 15 وزيرًا للأغلبية النيابية التي يتزعمها الحريري، و10 وزراء للمعارضة التي يعتبر النائب العماد ميشال عون وحزب الله أبرز من فيها، وخمسة وزراء للرئيس )، إلا أن ذلك لم يُسفر عن تشكيل حكومة وحدة على الإطلاق.

وفي الوقت الذي قالت فيه بعض التقارير المحلية إنّ السبب وراء انهيار مساعي تشكيل الحكومة هو حالة الغضب التي تملكت النائب ميشال عون، رئيس تكتل التغيير والإصلاح المتحالف مع حزب الله، لعدم إعادة توزير صهره جبران باسيل في حقيبة الاتصالات بالتشكيلة الوزارية الجديدة، بررت المجلة ذلك بما أطلقت عليها quot;لعبة حافة الهاوية الإقليميةquot;. فأشارت إلى أنّ سوريا تعمل ببطء في طريق عودتها إلى ساحة المجتمع الدولي بعد مواجهتها بإدانة واسعة النطاق لاتهامها بالتخطيط لاغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق، رفيق الحريري، عام 2005. ومنذ وصول أوباما إلى السلطة، ترى المجلة أنّ سوريا نجحت في إحراز تقدّم بشأن بعض نقاط الخلاف البارزة بين الدولتين.

كما رأت المجلة في محور آخر، أنّ أزمة لبنان السياسية الراهنة هي بالتأكيد تذكير بقدرة سوريا على تسهيل أو إعاقة تحقيق الأهداف الأميركية في المنطقة. فيما أشارت المجلة إلى أنّ استقالة الحريري قد تكون في واقع الأمر محاولة لكشف هذا الخداع بإظهار أنه ومؤيديه في واشنطن والرياض يمكنهم ممارسة quot;لعبة المواجهةquot; أيضًا. وفي غضون ذلك، تحذر المجلة من السيناريو المحتمل القادم بأنّ إعادة تكليف الحريري بتشكيل الحكومة في الوقت الذي يحذر فيه أنصاره من احتمالات تراجع حزب الله عن المشاركة في حكومة وحدة، أمر قد يعيد المأزق السياسي اللبناني مرة أخرى إلى quot;الأيام الخطرةquot; خلال عامي 2006 و 2007 عندما كان يلوح التهديد بالعنف في الأفق.

وفي الختام، تقول المجلة إنّ الشعب اللبناني لم يعد يعاني فقط من ويلات الحروب الطاحنة، لكن التحاور بات السياسة المتعارف عليها الآن ndash; على الصعيد الرسمي على أقل تقدير ndash; في منطقة الشرق الأوسط، ولم تعد تميل أي من الأحزاب في المنطقة للعودة إلى سياسة المواجهة التي كانت تُطبق في عهد الرئيس الأميركي السابق، جورج بوش. فيما نوّهت المجلة إلى أن احتمالات الدبلوماسية لم تستنفذ هي الأخرى بعد، لكنّ المشكلة تكمن في أنّ الوقت لا يتسع. غير أنّ المجلة رأت أنه وفي الوقت الذي تتصاعد فيه حدة التوتر على خط المواجهة بشأن برنامج إيران النووي، بينما تهدد إسرائيل باتخاذ إجراءات ضد الجمهورية الإسلامية إذا استمرت في تحدي المطالب الغربية، فإن المواجهة الإقليمية قد تتصاعد هي الأخرى، وحينها سيتعذر على ساسة لبنان المتنازعين أن يتجنبوا الانغماس في تلك المواجهة.