يدعو مسؤولون سابقون في أجهزة الاستخبارات الفرنسية إلى إعادة إحياء التعاون بين الأجهزة الأمنية الفرنسية والسورية، بعد اعتداءات باريس، معتبرين أنه لم تكن هناك دواع لوقفه. ويرون أن المعطيات الأمنية المستجدة تفرض تنازلًا إيديولوجيًا وسياسيًا لمصلحة الأمن القومي ووقف تمدد "الإرهاب".


إيلاف - متابعة: قال المدير المركزي السابق للاستخبارات الداخلية برنارد سكارسيني، في مقابلة مع مجلة "فالور اكتويال"، إن "الاجهزة السورية اقترحت" عليه قبل عامين، وكان قد غادر منصبه، "قائمة بأسماء الفرنسيين الذين يقاتلون في سوريا". الا انه اشار الى ان السلطات الفرنسية رفضت التنسيق مع الأجهزة السورية.

فرصة&ضائعة
وقال: "واجهوني بالرفض لأسباب أيديولوجية. إنه لأمر مخزٍ، لأن الاقتراح كان تمهيدًا جيدًا لتجديد علاقتنا، وقبل كل شيء للتعرف وتحديد ومراقبة كل الفرنسيين، الذين يتنقلون بين بلادنا وسوريا".

وتابع: "النتيجة: لا نعرف شيئًا عنهم، ونخسر الكثير من الوقت في طلب معلومات من الاجهزة الالمانية، التي بقيت هناك (في سوريا)، وكذلك من الاجهزة الاردنية والروسية والاميركية والتركية".

أيّد مسؤولان سابقان آخران في الاستخبارات الفرنسية، ردًا على اسئلة وكالة فرانس برس، هذا الاتجاه. وعلى الرغم من الاقرار بمسؤولية النظام في دمشق واجهزته عن مئات الآلاف من القتلى، وعدم امكان التعامل معهم رسميًا، لكنهما يعتبران أن مجزرة 13 تشرين الثاني/نوفمبر ترغم باريس على ان تكون واقعية، وتجدد العلاقات، التي ربما تساعد على منع وقوع اعتداءات جديدة.

الحاجة ملحّة
وقال آلان شوييه، الرئيس السابق لدائرة "الاستخبارات الامنية" في المديرية العامة للامن الخارجي: "انشئت الاجهزة الخاصة لتناول الطعام مع الشيطان. وبخلاف ذلك، ليست هناك حاجة الينا. لسنا هنا للحديث مع راهبات. إذا كنّا جهازًا سريًا، فلكي نبقى كذلك. وهذا لا يشكل الزامًا للدولة، اذا اردنا استطلاع مجموعة ارهابية او حكومة ما لا نجري معها محادثات رسمية". واضاف "اذا كنا نريد التحدث مع حكومة ما، هناك دبلوماسيون لذلك. الاجهزة السرية وجدت للتحدث مع اولئك الذين لا نريد المجاهرة بالعلاقة معهم".

لا يستبعد رئيس سابق لجهاز استخبارات فرنسي طلب عدم الكشف عن هويته استمرار وجود روابط مع دمشق رغم النفي الرسمي. وقال لفرانس برس: "الاستخبارات مهنة واقعية عملية. اذا كنا نعرف أن جهازًا خارجيًا يمكن ان يطلعنا على شيء، فقد نضطر الى تجاوز الموقف الرسمي من دون ابلاغ احد (...) ونظرًا إلى السياق الحالي للاوضاع، لا يمكننا رفض قائمة بالفرنسيين الذين يقاتلون في سوريا".

واضاف "في كثير من الاحيان، لا ترغب السلطات السياسية في معرفة ذلك. ليست هناك ابدًا تعليمات مكتوبة. كل شيء يتم عبر الهاتف. لم اكشف ابدا للسلطات المشرفة عن الجهاز الذي اقمت معه علاقات، كما انهم لم يطلبوا مني أي شيء، انها ممارسة دائمة لسياسة حافة الهاوية".

تحايل الأجهزة
يشير في هذا السياق كمثال على ذلك الى صدور تعليمات في مرحلة معينة لقطع العلاقات مع احدى دول "المغرب العربي"، التي لم يحددها، لكن "بعض الاجهزة قالت +لا سنتواصل معهم، لأن هناك الكثير على المحك+". اضاف "في هذه الحالة، كل شيء يتوقف على العلاقة بين المدير والهيئة المشرفة، فقد يتمكن احيانًا من اسماع صوته لاعلى سلطات الدولة".

وقال شوييه "اذا كانت قصة القائمة باسماء الفرنسيين في سوريا حقيقية، فإن رفضها برأيي لم يكن فكرة جيدة (...) وليس لدى الجمهورية ما تكسبه من قطع الجسور بشكل تام. انه لأمر مفهوم ألا نريد أن نظهر كمتواطئين مع دمشق، لكن اذا كانت لديك اجهزة خاصة، فهي للتحايل على هذا النوع من الامور، عندما تكون هناك حاجة اليها، وامننا مهدد".

واضاف: "هذا هو الوضع اليوم. لا اعرف اذا كانت (دمشق) ستقدم مساعدة كبيرة في قضية 13 تشرين الثاني/نوفمبر، لكن بأية حال، فإن عدم القيام بشيء يعني انه لم يكن لدينا شيء".