رغم تعهّدها بمساعدة من يستحق منهم المساعدة، تحرّض الكنيسة في بلغاريا ضدّ اللاجئين من الشرق الأوسط، ووصفت المسلمين الوافدين بالغزاة وحضّت الحكومة البلغارية على إيجاد حل سريع للمشكلة.


بهية مارديني: فيما أكد الفاتيكان أكثر من مرة مواقفه تجاه مأساة اللاجئين، تقف الكنيسة في بعض الدول الأوروبية على غرار بلغاريا دون توصيات الحبر الأعظم، وهو ما يعرضها لانتقادات إعلامية.

واعتبر المعارض السوري علي الحاج حسين أن "الكنيسة البلغارية كانت تنأى بنفسها عن الخوض في موضوع اللاجئين لكنها أصدرت بيانًا نتيجة للضغط الشعبي وجاء موقعاً باسم المجمع الكنسي وليس البطريرك او الناطق باسم الكنيسة لتقاسم المسؤولية".

وتعرضت الكنيسة البلغارية لانتقادات كثيرة ووصفتها وسائل الاعلام بـ" العطالة السلبية" لعدم اتخاذها موقفًا واضحًا من مسألة اللاجئين.

وأضاف الحاج حسين في حديث مع "إيلاف" أن من احد أسباب الانتقاد هو المأساة الانسانية للمهاجرين، وان بلغاريا تعتبر بوابة الاتحاد الأوروبي على الحدود التركية – الصربية.

ورأى "أن بيان المجمع الكنسي فيه نفس قومي متشنج في أكثر من موضع، حيث يصف حركة اللاجئين بالغزو بينما هم يهربون من الموت وليسوا غزاة ولا محاربين".

خروج عن السياق الديني

وقال الحاج حسين& الذي عاش في بلغاريا ويجيد لغة البلاد بطلاقة وترجم بيان المجمع الكنسي: "في مكان اخر يخرج البيان عن السياق الديني ويتحدث عن تغيير روحي وديمغرافي سيحدث نتيجة هجوم المسلمين ويختم باشتراط قبول المعونة من الكنيسة بروح غير متسامحة كما عهدنا الكنيسة".

وأضاف أن البيان "يؤلب وبشكل مبطن الشباب من جماعة "حليقي الرؤوس" للاعتداء على اللاجئين، وخصوصًا أن هناك حزبًا قوميًا عنصريًا في بلغاريا اسمه اتاكا له ممثلون في البرلمان ويكره الاجانب ويحاولون النيل منهم".

وشدد على ان موقف الفاتيكان أكثر تسامحًا وأشد تعاطفًا، ورأى أن صدى البيان في بلغاريا ليس ايجابيًا.

وحول قوة المجمع الكنسي في بلغاريا قال "محليًا الكنيسة لها دور مفصلي ومؤثر على الدولة والمجمع هو أعلى سلطة كنسية، وله دور سياسي مهم حتى أنه حين بدأت التغييرات وسقطت الشيوعية كان هناك سبعة اشخاص على الطاولة المستديرة، واحد منهم ممثل البطريرك الراحل مكسيم".

وأصدر المجمع المقدس للكنيسة الأرثوذكسية البلغارية بيانًا قال فيه "خلال الأشهر الأخيرة تكرر طرح التساؤل في الأوساط العامة عن موقف الكنيسة الأرثوذكسية البلغارية حيال ما يسمى بـ “مشكلة اللاجئين”".

وأشار البيان "كما جرت العادة تعرضت كنيستنا للاتهام بالعطالة السلبية في الموقف والممارسة".

وأكد المجمع الكنسي "ليكن معلومًا للجميع أنه خلال التجربة الألفية للكنيسة الأرثوذكسية كانت تتوخى اتخاذ قرارات متسرعة تمليها أوضاع راهنة. ولم تتخذ قرارات تحت تأثير اعتبارات شعبوية أو بقصد إرضاء أو ملاءمة رأي سائد في أوانه. الكنيسة الأرثوذكسية، وبحكم طبيعتها، ملزمة للأخذ بتعاليم الكتاب المقدس، وصايا الرب، فضلاً عن اعتبارات التاريخ، وهو ما يعني أنها تتخذ المواقف والقرارات وفقًا لاعتبارات تداعيات الأحداث وتأثيرها في المدى البعيد على رعايا الكنيسة الأرثوذكسية، الذين عهد بهم ربنا يسوع المسيح لرعايتنا. وهذا ينطبق على أزمة اللاجئين".

التوازن الاثني

وأشار البيان الى أنه "ما من شك أن&هذا الوضع، إضافة للمسائل الآنية من رعاية وسند مادي للناس القادمين، يثير تساؤلات وقلقًا حول الاستقرار ووجود الدولة البلغارية أصلاً. كما يثير التساؤل عن& ماهية السياق الروحي والبيئة الروحية التي سيعيشها الشعب الأرثوذكسي البلغاري إذا استمر هذا التدفق إلى الحد الذي يمكنه من تغيير التوازن الأثني القائم على أرض وطننا بلغاريا، التي شاء الرب أن يجعلها مسكنًا لشعبنا الأرثوذكسي".

وقال: "خلال& الأشهر الأخيرة، شهدنا أمواجًا من طالبي اللجوء القادمين من بلدان أفقرتها الحرب في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يلجأون إلى بلدان أوروبية. أمواج لها كل معالم الغزو. ليس هناك أدنى شك في أن الكنيسة الأرثوذكسية تدعو إلى الرحمة والتضامن مع كل هؤلاء الناس الذين قدموا بالفعل بيننا، أولئك الذين هم فعلا لا وهمًا بحاجة للرعاية والدعم المادي وفقًا لإمكانياتنا. ولنوضح أكثر، أن الكنيسة الأرثوذكسية تعترض وبشدة على الحرب التي هي سبب هذا (الغزو) البؤس البشري. الكنيسة دائمًا تستكشف الأسباب المؤدية للتعاسة وتدعو لإزالتها. إن لم يتم القضاء على أسباب هذه الظاهرة، فالمعركة مع العواقب وخيمة".

وشدد بيان الكنيسة في بلغاريا بالقول: "نحن نساعد وسوف نساعد ما وسعنا ذلك كل اللاجئين الذين صاروا في وطننا، ولا نفرق بينهم في المعتقد والجنسية".

لا يجب السماح بقدوم اللاجئين

ولكن البيان استطرد "نعتقد أن حكومتنا لا ينبغي أبدا أن تسمح بقدوم المزيد من اللاجئين إلى بلدنا. وبالنسبة لأولئك الذين هم هنا بالفعل، فمن المناسب نحن كمسيحيين أرثوذكس وكمجتمع ان نقوم بتقديم الرعاية بما يتناسب مع مواردنا الشحيحة، ولكن ليس أكثر من هؤلاء. على أولئك الذين تسببوا بخلق هذه المشكلة، أن يجدوا لها حلاً، وليس من الحق بشيء أن يدفع الشعب البلغاري الأرثوذكسي الثمن ونختفي كدولة".

وبناء على ذلك، دعت الكنيسة الأرثوذكسية البلغارية "الحكومة البلغارية، – إن كانت حكومة بلد مسيحي-& أن تطرح في جميع المحافل وفي جميع المنظمات الدولية التي تشارك فيها، وتصر بشدة وبشكل قاطع على مسألة وضع حد فوري للحروب في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وإزالة الأسباب المؤدية للتهجير الجماعي لملايين الناس من أراضيهم".

ولفت البيان الى "أن إنهاء الحرب هو الشرط الأول، والذي لا غنى عنه من أجل حل المشكلة، كما ينبغي أن يكون هدف إنهاء الحرب واجب أي حكومة تريد أن تظهر العطف واحترام المبادئ الإنسانية الأوروبية ، ومن ناحية ثانية على حكومتنا أن تستوثق من مسألة فيما إن كان بالفعل تطهيرًا دينيًا للمسيحية هناك، وكيف يتناسب هذا مع ما يمليه التسامح بين الأعراق والأديان."

وطالب المجمع الكنسي الحكومة البلغارية أن "تضع أمام المنظمات الدولية موضوع ضمان التسامح بين الأديان في كل من مصر وسوريا والعراق وغيرها. وما هي التدابير التي سيتخذها المجتمع الديمقراطي في العالم لضمان امتثال تلك البلدان لهذا المبدأ."

وعبّر عن اعتقاده "أن الحكومة البلغارية ينبغي أن تركز جهودها الخارجية -كما أسلفنا- لوقف الحروب، وليس فقط إظهار التعاطف مع عواقبها التي لا تنتهي. من جانب آخر في ما يخص اللاجئين المقبولين من الحكومة وفقًا لحصة (كوتا)، تعلن الكنيسة الأرثوذكسية البلغارية استعدادها للمشاركة في رعايتهم ليشعروا أنهم بخير بيننا. وذلك كمساعدة من المجتمع المسيحي الأرثوذكسي، والذي يفترض ألا يعتبروه مشكلة أخلاقية أو غيرها. لأنه إذا كانت لديهم مشكلة في قبول دعم من المجتمع المسيحي، فإن ذلك يعني أن المجتمع المسيحي في المستقبل ستكون لديه مشكلة أكبر من تلك في الوقت الراهن".

وكان بابا الفاتيكان خلال قداس في ساحة القديس بطرس في روما قال "ينبغي على كل أبرشية، وكل مجتمع ديني، وكل دير، وكل مزار ديني في أوروبا أن تتولى أمر أسرة واحدة، بداية من أبرشيتي في روما".

وأكد البابا إنه "في مواجهة مأساة عشرات الآلاف من طالبي اللجوء الهاربين من الموت، وضحايا الحرب والجوع، والذين هم على الطريق بحثًا عن رجاء في الحياة، فإن الإنجيل ينادينا ويطلب منا أن نكون أقرباء للصغار والمتروكين، ومنحهم رجاء ملموسًا".

وأضاف البابا أن الأمر لا يقتصر على الدعوة لهم بـ"الشجاعة، والصبر".

لا للأسد وزمرته

من جانب آخر وعطفًا على التدخل الروسي في سوريا ومطالبة الائتلاف الوطني السوري المعارض بموقف واضح من هذا التدخل، قالت الهيئة السياسية في بيان، تلقت "إيلاف" نسخة منه، أنه "في الوقت الذي يستمر فيه نزيف شعبنا بكل الأشكال وأكثرها وحشية تحت ضربات النظام الأسدي الضارية٬ ويتدخل أصدقاؤه الروس والإيرانيون بشكل سافر تحت سمع العالم وبصره من دون أي ردّ فعل حقيقي من أصدقاء الشعب السوري٬ تتوالى المواقف المتساهلة مع مَنْ ثبُتت جرائمه ضد الإنسانية في سوريا٬ بدلاً من إحالته إلى المحاكم الدولية المختصة بأمثاله٬ وبدلاً من دعم ثوارنا الذين يواجهون النظام والإرهاب الدولي معاً.".

واعتبرت مصادر معارضة في حديث مع "إيلاف" أن هذا البيان لا يكفي وان الفصائل العسكرية تستعد لمؤتمر صحافي أكثر قوة لبيان مواقفها الرافضة لكل محاولات اعادة انتاج بشار الأسد ولتوجه رسالة واحدة الى رؤساء الدول المجتمعين في نيويورك.

وقال بيان الائتلاف "مع الصمت المريب الذي نراه٬ من قبل أولئك الذين أخذوا يستكينون لاحتمالات الحل السياسي من خلال تأمينه عن طريق تطمين القاتل ومكافأته٬ وإشاحة العينين عن الضحية٬ بل تطبيق الضغوط عليها استسهالاً واستثماراً لآلامها ومصابها، لا نتوقع أيَّ آفاق منطقية لمثل هذه المسارات المرتجلة التي تحاول بناء استقرارٍ وهمي قابل للانفجار بشكل أكثر عنفاً واستدامة الفوضى التي نخشاها ويخشاها العالم".

واكد الائتلاف على أنّ "التمركز العسكري الروسي- الذي لا يقل عن الاحتلال- في سوريا وساحلها خصوصاً٬ يلغم جسم بلادنا ويضع مقدمات لتقسيمها٬ وينتهك سيادتها٬ ويأتي دعماً للنظام لا حرباً على الإرهاب كما يدعي البعض، وهو ملءٌ للفراغ الذي كان ينبغي أن يشغله شعبنا٬ وأن يكون وراءه أحرار العالم".

وأشار الائتلاف الى انه كان ولا يزال "جزءاً من الطرف الذي يعمل من أجل الحل السياسي العادل٬ ورأينا في بيان جنيف وقرار مجلس الأمن رقم ٢١١٨ تحقيقاً له وتطبيقاً لبنوده٬ نستغرب اعتبار العدوان والطغيان دعائم لهذا الحل٬ ونستنكر المحاولات الجارية لإعادة تسويق نظام القتلة وعصابة الإجرام ورأسها٬ ونطالب أشقاءنا وأصدقاءنا قبل غيرهم بالتزام تعهداتهم بنصرة شعبنا وإنصافه ، وقبل أيّ اعتبار آخر٬ نقول إن شعبنا صاحب حق٬ وصاحب ثورة٬ وهو المرجع والمآل٬ ولن تزيده هذه المحاولات إلا تصميماً على تحقيق النصر وبناء الدولة المدنية الديموقراطية. ومن أجل ذلك٬ نطالب القوى الحية والفاعلة على الأرض برفع صوتها عالياً٬ وأن توحد الصفوف في ما بينها ومع المستوى السياسي الحر".

واختتم البيان بـ"لا" للأسد وزمرته٬ وكل ما من شأنه أن يعيد تسويقه… وسوف تتحول ثورتنا إلى حالة مقاومة شعبية لا تستكين للطغيان والعدوان في وقت واحد.

الى ذلك، قال بيان صادر عن حركة سوريا الام التي يقودها معاذ الخطيب رئيس الائتلاف الأسبق، "إن تواجد القوى العسكرية الروسية والإيرانية على الأراضي السورية هو احتلال سافر وانتهاك صريح للقوانين والأعراف الدولية، وهو يعارض تماماً الدور الروسي المفترض في أي حل سياسي وفق بيان جنيف ١ تاريخ ٣٠ كانون الاول ٢٠١٢ والمعزز بقرار مجلس الأمن الدولي ٢١١٨ تاريخ ٢٧ أيلول ٢٠١٣"..

واعتبر البيان "أن تلك التطورات تدفع نحو تردٍ أكثر خطورة على الصعيد الإنساني، والى عدم استقرار المنطقة بالكامل. كما أن التصريحات الدولية المتباينة التي تتجاوز حقوق وتطلعات الشعب السوري في نيل حريته لا يمكن أن تغيّر من تصميمه على إنهاء حكم النظام الديكتاتوري وأنه رغم كل الظروف المأساوية التي يعيشها شعبنا فإنه سيد قراره، وهو صاحب الحق الوحيد في تقرير مصيره".