تباينت ردود الفعل العراقية حيال الاحداث التركية والانقلاب الذي بدأ مساء وفشل صباحا، حيث جاء الموقف الرسمي بشقين الأول داعم للدولة التركية بقيادة رجب طيب اردوغان والحكومة التركية ومؤسساتها المنتخبة والديمقراطية، أما الثاني رفض التدخل بالشؤون الداخلية التركية، فيما انقسم الشارع العراقي بين رافض للانقلاب ومؤيد له.


محمد الغزي: اكد المجلس الوزاري للأمن الوطني العراقي، السبت، احترامه للمؤسسات الدستورية في أي بلد والتزام العراق بـ"ثوابت حسن الجوار والحرص على إقامة علاقات طيبة مع تركيا وعدم التدخل بالشؤون الداخلية".

وفيما اعتبرت الخارجية العراقية ان هذا الامر "شأن داخلي"، فان الرئيس العراقي فؤاد معصوم عبر بموقف مغاير حين قال انه يثق بقدرة الشعب التركي في عودة المؤسسات الديمقراطية المنتخبة الى ممارسة مسؤولياتها في تركيا بشكل كامل وطبيعي.

وقال المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي في بيان تلقت "إيلاف" نسخة منه إن "المجلس الوزاري للأمن الوطني عقد اجتماعا طارئا برئاسة رئيس مجلس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي لمناقشة الأوضاع في الجمهورية التركية"، مبينا أن "المجلس أكد احترامه للمؤسسات الدستورية في أي بلد ومنها الجارة تركيا واحترام إرادة مواطنيها وحقوقهم".

وأضاف مكتب العبادي أن "المجلس شدد على التزام العراق بثوابت حسن الجوار والحرص على إقامة علاقات طيبة مع تركيا وعدم التدخل بالشؤون الداخلية"، مؤكدا أن "المجلس أشار إلى ضرورة الالتزام ببناء العلاقات الثنائية بين البلدين، على أسس احترام السيادة وعدم التدخل في شؤون كل من البلدين وصولا إلى علاقات تتسم بالاحترام المتبادل وتأمين مصالح البلدين في المجالات المختلفة، وتمنى المجلس الوزاري للأمن الوطني الاستقرار لتركيا وتجنيب شعبها إراقة الدماء".

شأن داخلي

وزارة الخارجية العراقية رأت أن ما يحصل في تركيا من انقلاب "شأن داخلي"، وأعربت عن أملها بأن لا تتسبب هذه الأحداث بإراقة دماء المواطنين الأتراك، ودعت الى احترام السياقات الديمقراطية.

وقال وزير الخارجية العراقية إبراهيم الجعفري، في بيان تلقت "إيلاف" نسخه منه، إن "ما يحصل في تركيا شأن داخلي نتابعه باهتمام"، معرباً عن، أمله بأن "لا تتسبب هذه الأحداث بإراقة دماء المواطنين".

وأضاف الجعفري أن "سلامة المواطنين هي الأهم"، مؤكداً على، أهمية "احترام السياقات الديمقراطية وحفظ مؤسسات الدولة التركية وعلاقاتها مع المجتمع الدولي والدول المجاورة".

وكان الرئيس التركي رجب طيب اردوغان أعلن، اليوم السبت، عن فشل الانقلاب في تركيا وتوقيف الالاف من المرتبطين بمحاولة الاطاحة به، وفيما توعد المتورطين بالرد المناسب وتطهير صفوف الجيش، أكد ان الدبابات التي نزلت للشارع ستعود لثكناتها بقوة الشعب التركي.

معصوم يرمم

وحاولت رئاسة الجمهورية العراقية ان ترمم ما اعتبر انه موقف مغاير من وزير الخارجية العراقية وأعلنت عن دعمها لعودة المؤسسات الديمقراطية التركية المنتخبة لممارسة عملها.

واكد رئيس الجمهورية فؤاد معصوم في بيان صحفي تلقت "إيلاف" نسخة منه "ثقته بقدرة شعب الجمهورية التركية الصديقة على اجتياز الازمة الطارئة وعودة المؤسسات الديمقراطية المنتخبة الى ممارسة مسؤولياتها في تركيا بشكل كامل وطبيعي"، معربا عن امله بان "يعم الهدوء وسيادة القانون في تركيا".

واضاف ان "العراق يتابع تطورات الاحداث في تركيا عن كثب وباهتمام بالغ آملا بقوة ان تستطيع الجارة تركيا اجتياز هذه الازمة، وان ينعم شعبها الصديق بالسلام والاستقرار والتقدم والعودة إلى النظام الدستوري بأسرع وقت".

الجبوري .. احترام الشرعية 

فيما كان موقف رئيس مجلس النواب سليم الجبوري، اوضح بصورة اكبر حيث اكد على" ضرورة احترام الشرعية الدستورية والقانونية وعدم المساس بها، وادان الاعتداء على مجلس الشعب التركي بما يمثله من "مساس بهيبة السلطة التشريعية الاعلى في البلاد".

واكد على ضرورة احترام العملية السياسية في تركيا بكافة صور عملها، وصون النظام الديمقراطي كونه يمثل صمام أمان البلاد واستقرارها، معرباً عن تمنياته بأن تتجاوز تركيا تلك الاحداث بأسرع وقت ممكن و"تواصل دورها الهام في المنطقة".

انتقاد الخارجية العراقية

وانتقد النائب التركماني في البرلمان العراقي جاسم محمد جعفر البياتي بيان وزير الخارجية العراقية وقال ان "الانقلاب الفاشل في تركيا كان محاولة لإزاحة الشرعية وموقف الخارجية العراقية من الانقلاب كان غير موفق ".

واعتبر البياتي محاولة الانقلاب الفاشل في تركيا "موقفا خطيرا يهدد الشرعية والديمقراطية ورسالة سيئة تؤدي الى سلب رأي الجماهير المشاركة في الانتخابات".

واكد البياتي وهو احد النواب التركمان في ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه نوري المالكي "رغم اننا لسنا راضين عن تدخل اوردغان السافر في شؤون سوريا والعراق وتعامله مع المعارضة داخل تركيا، لكن لا بد من الوقوف مع الشرعية والحكومة المنتخبة لان تكراره سيعيد لنا عصر الانقلابات العسكرية في العقود الخمسة الاخيرة والتي كانت أكثرها سيئة وديكتاتورية وضد تطلعات الجماهير وشعوب المنطقة".

وقال البياتي ان "موقف الخارجية العراقية كان موقفا ضعيفا وغير موفقا فبدلا ان يقف مع الشرعية والحكومة المنتخبة ساوى مع الانقلابيين واعتبر الانقلاب شانا داخليا".

وطالب النائب التركماني الخارجية العراقية بـ"موقف مؤيد للشرعية"، مطالبا بـ"دراسة التجربة والاستفادة عما حدث في أنقرة على ان لا يتكرر في العراق".

واكد ان البعض يحاول تكرار مفهوم التغير في الدولة العراقية بأسلوب اخر بعيدا عن الشرعية ومتطلبات الدستور العراقي وهذا بحد ذاته نوعا من انواع الانقلاب على الشرعية، مطالبا كل الكتل السياسية العراقية باللجوء الى الاليات الدستورية في التغير وإدارة الحكم في العراق وعدم التفكير بالانقلابات.

تشف .. ودفاع

النائب المثيرة للجدل حنان الفتلاوي نشرت على صفحتها بموقع التواصل الاجتماعي فايسبوك منشورا جاء فيه: "طاغية آخر يسقط ..هاردلك أردوغان وان شاء الله نهاية كل من تسبب بأذية العراق.. أتمنى ان ارى الآن وجه أثيل النجيفي.. أثيل النجيفي يستقبل تعازيكم في اربيل ولمدة اربعين يوما".

الدكتور احمد المساري رئيس الكتلة النيابية لتحالف القوى العراقية بارك للشعب التركي الجار وحكومته المنتخبة حفاظه على تجربته الديمقراطية الرائدة ووحدته الوطنية وامنه واستقلاله.

وقال المساري "لقد انتصرت ارادة الشعب التركي مرة اخرى بالتفافها حول قيادتها الوطنية وتمسكها بالشرعية التي افرزتها الانتخابات الديمقراطية التركية ووقوفها صفا واحدا لإفشال المحاولة الانقلابية التي استهدفت تركيا شعبا وحكومة".

قراءات وانقسام 

وقال الدكتور ليث شبر مدير المركز الإنمائي للطاقة والمياه ان "انقسام الرأي العراقي أمر طبيعي فمن يعتقد بأن النظام في تركيا يقطع عنه المياه ويدخل الى أراضي دولته عنوة ولايقف معه في القضايا الوطنية مثل الاعتراض الأخير على ادراج الأهوار والآثار ضمن لائحة التراث العالمي ويساعد داعش للتوغل في سوريا والعراق فإنه مما لاريب فيه سيكون مسرورا بتغييره".

وأضاف "من يعتقد ان النظام في تركيا هو امتداده الأقليمي والعنصر الموازن للامتداد الإيراني وحجم التبادل التجاري والمصالح الاقتصادية والترابط بين الجغرافية فانه بلاريب سيقف بالضد من سقوط اردوغان".

لككن شبر قال أيضا "رأينا ما يكفي من الانقلابات العسكرية في التاريخ العراقي وكلها كانت هدامة اوصلتنا الى مانحن فيه اليوم.

العسكر يجب أن لا يتدخلوا في حكم الدولة انهم مؤسسة كباقي مؤسسات الدولة الأخرى" مبينا ان "سوء الحكومة والأحزاب لايبرر اختيار حل أسوأ بأحكام عرفية وتسلطية جربناها في العراق ورأينا مساوئها في دول أخرى".

بدوره قال الشيخ غيث التميمي رئيس المركز العراقي لادارة التنوع "لا تنسى ان اعلان الانقلابيين من الجيش التركي، تضمن التاكيد على علمانية الدولة التركية التي هتكها اردوغان، وأكدوا احترامهم لكافة القوانين والاتفاقات والعلاقات الدولية، بينما لم يهتف جماهيرنا الا للقائد الصدر، ولم يلعنوا الا خصومه، بغض النظر عن اي اعتبار لمفهوم الدولة".

وأضاف "اعترف بتناقضي الواضح اذ انتقد انقلاب عبد الكريم قاسم في العراق امس، ومسرور، في انقلاب السيسي في مصر، والجيش التركي في اسطنبول، "ماضيا الى القول "كنت سعيدا بتظاهرات الشعب الإيراني ضد الولي الفقيه، وكنت سعيدا بثورة الشعب التونسي ضد ابن علي، وكنت سعيدا بثورة الشعب الليبي ضد القذافي، وكنت سعيدا بثورة الشعب المصري ضد مبارك، وكنت سعيدا بثورة الشعب السوري ضد الأسد، وكنت سعيدا بمظاهرات العراقيين وثورتهم ضد فساد المالكي، وانا سعيد بانقلاب الجيش التركي ضد ارودغان، وسأبقى سعيدا لاستمرار الاحتجاجات والتظاهرات السلمية في العراق، وساكون مؤازرا لأي حركة احتجاجية، في اي بقعة في العالم".

وتابع " افرح لاي حركة ضد من اضروا العراق وساهموا بقتل شعبه، سواء كانت حركة انقلابية ضد اردوغان، او ثورة شعبية ضد بشار الاسد، او ثورة اصلاحية ضد خامنئي، لا يعني ذلك بالضرورة تاييد من سياتي بعدهم، ولا يعني تدخلا بشؤون الاخرين وخياراتهم".

في حين قال القيادي في اتحاد القوى العراقية عمر الحميري ان " فشل الإسلاميين في العراق بإدارة الدولة لا يعني ان كل الإسلاميين لا يصلحون للقيادة ولا ينبغي وضع الإسلاميين في العراق قاعدة ليقاس عليها بقية الإسلاميين الآخرين".

وأضاف "لست تركيا وافتخر بعراقيتي وعروبيتي ولكن عندما يحصل اردوغان على اكثر من ٥٠٪‏ من أصوات الأتراك الا يعني هذا نجاح التجربة الاسلامية ؟ الم يوصل تركيا وقفز بها سنوات ضوئية من التقدم ؟ الم يشهد الجميع بنزاهة الحزب الحاكم وعدم تلوث أيدي اتباعه بالمال العام ؟".

وأضاف الحميري: "الم يكن العلمانيون اكثر ضررا على الدولة وكانت تركيا بعهدهم اسوء دولة ، لذلك انا افرح ومعي مئات الملايين من المسلمين بالقضاء على الانقلاب الإرهابي".

وحيال انقسام المواقف العراقية قال الإعلامي والكاتب عبد الحميد الصائح ان "هنالك مبرران للاندفاع العراقي لمباركة الانقلاب ..الاول ديني طائفي يتصل بانحياز اردوغان ودوره في تسويق دولة الخلافة البائدة والاخر مدني رغم رفضه التقليدي لفكرة الانقلابات العسكرية الا انه يراها انتقاما لضعفه في مواجهة تمادي الاسلاميين في استغلال الديمقراطية اما لمصالحهم الشخصية او تسويق الدين على حساب مصالح الوطن".

وأضاف "هو اندفاع في جانبيه عاطفي غير مدروس يعكس تسرع الشخصية العراقية في احكامها وتقلب مزاجها . ومهما كانت الظروف الغامضة لبداية ونهاية الانقلاب فانه مادة للانقسام في العراق ..المستعد دائما للانقسام على اي حدث او فكرة او شخص بجميع مستويات الانقسام".