هناك حالةً عربية وعالمية من القَلق والخَوف على مصير المنطقة العربية تتساوى تماما مع حالة القلق والخوف من المنطقة العربية.
قلق خارجي وداخلي مماثل وإن إختلفت أسبابه. الخارجي خوف الدول على إستثماراتها في المنطقة يلازمه خوف على مصالحها الإستراتيجية المرتبطة بالحفاظ على تدفق النفط. خاصة وهي تشهد تقلبات متسارعة في المشهد السياسي. فالبديهي في الدهنية السياسة في الدول المتقدمة الترابط التام بين الإستقرار السياسي والإقتصادي. لأن رأس المال جبان ولن يقترب من الدول التي تتعرض لعواصف سياسية كبيرة . إضافة إلى خوف الغرب من تحمل عبء أي شكل من أشكال الهجرة .
القلق الداخلي يتمثل في خوف الشعوب مما يحدث في المنطقة من تقلبات غير مسبوقة والوقوف على حافة الإنهيار والتصنيف كدول فاشلة وما مصير مستقبل أطفالهم.
دعنا نبدأ بالتأكيد بأن السعودية لعبت أدوار كبيرة على المستويين الإقليمي والعالمي. ولكن العديد من تلك الأدوار بقيت مرتبطة بإصلاحات عجزت الحكومات السابقة عن القيام بها لإعتقادها بالترابط الوثيق بين شرعيتها ووجود السلطة الدينية التي وفي خلال السنوات السابقة أصبحت عبئا على المجتمع السعودي وصورة الدولة.. وإرتبطت في الدهنية الغربية بحقوق المرأة خاصة في حرمانها من حقها في قيادة السيارة إضافة إلى الصلاحيات الكبيرة للسلطة الدينية . وإرتفاع نسبة البطالة بين الشباب في دولة غنية .. والتغاضى عن ملف الفساد الكبير الدي لفت نظر العالم خاصة بعد سيول جدة ؟؟؟ .
دعنا نعترف بأن هناك فجوة ثقافية كبيرة بين الجيلين في كل الدول العربية الفرق انها وفي دول الخليج الغنية أكثر وعيا بالمتناقضات المجتمعية نظرا لمستوى التعليم الخارجي في أكبر جامعات العالم والثقافي من خلال السفر لبلدان العالم .. وأن هدا الجيل بدأ بالتساؤل والتململ وربما الخجل من مستوى التخلف الدي يراه في مجتمعاته بعد رؤيته وإتصاله بالعالم من خلال السفر كما أشرت ومن خلال الشاشات الفضية, ووسائل التواصل الإجتماعي .. كلها كانت احد أهم الأسباب لإنتفاضته في الدول العربية الأخرى والمعروفة بالربيع العربي ..
ما فعله ولي العهد السعودي الشاب لم يكن لتصفية حسابات مع خصوم سياسيين بل هو إستباق لأي إنتفاضة شعبية تتساءل .
بدون سابق إندار قام بإصلاحات تصل إلى حد بناء بنية تحتية مجتمعية جديدة تقوم على مشروعية وشرعية الدولة المستمدة فقط من شعبها وليس من السلطة الدينية ؟؟
لآ أعتقد أن ما قام به من إصلاحات كان ’مخططاه لها .. بل هي منطق يعتمد على بصيرة ورؤية مستقبلية حكيمة وواعية ..إستندت من نشأته وخبرته وإتصاله برؤساء العالم أهله لفهم واقع العالم المتقدم الدي يعتبر أن لا مكان للدولة الدينية في المستقبل العالمي .. وأن محاربة الفساد هي الطريق الحقيقي للوصول إلى قلوب الشعوب .. والأهم جدول إقتصادي يعمل على التنمية المستدامة لضمان وظائف ولقمة عيش كريمة لكل مواطن ..
الخطوات التي قام بها والتي بدأها بسحب صلاحيات الهيئة الدينية وليس بإستبعاد الدين . بدأه بتقليم صلاحيات السلطة الدينية .. تؤكد فهمه لمعنى الحداثة والتحديث حين فاجأ مجتمع السعودية بهزة في ’مسلمات ’أعتبرت من ثوابت الدين. ولكنها أدت للتساؤل الدولي حول مدى إعتدال الإسلام في السعودية.
أتبعها بإسكات خطباء التحريض حين منع الدعاء على الشيعة والكفار في المساجد ..
وبعد فترة وجيزه وحين إطمأن إلى الرضى الشعبي لهده الخطوة , أتبعها بقرار السماح للمرأة بالقيادة ربما لضمان كسبها في خطوات الإصلاح الأخرى ... ثم بإنشاء هيئة للترفية المجتمعي ..
إعلانه عن مشروع نيوم الدي سيستثمر فية حوالي 500 مليون والمؤمل بدء العمل به خلال سنتين في الوقت المناسب لتطمين الشباب السعودي العاطل عن العمل أن بإنتظاره فرصة عمل .. والتي اتمنى أن يتبعها بورش تاهيل مناسب لرفع مستوى العاملين السعوديين فيه ..
ولكن الضربة القاصمة كانت في محاربة الفساد .
البعض يتهمه بوجود أياد او ضغوط أمريكية .. وبغض النظر فيما إدا كانت هناك مثل هده الضغوط كوالتي لا أعتقد بوجودها. السؤال الحتمي هو هل هي في مصلحة الشعب السعودي ومصلحة الحكم السعودي ؟ هل أخطأ حين بدأ بالعشرة من أعضاء العائلة المالكه .. وعدد من كبار الوزراء والمسؤولين السابقين .. أنا أعتقد بأن بدئه بهم يؤكد على مصداقيته في الإصلاح وبأنه لن يستثني أحدا .. الأمر الدي سيكسبة المصداقية الشعبية والإحترام الدولي . وأيضا سيعمل على دفع الدولة بالإتجاه الصحيح الدي يتماشى مع الواقع الدولي والتحديات خاصة التحدي الوجودي للمملكة !
نعم لقد وعي الأمير الشاب بأن الواقعية الدولية تحتم الإصلاح الداخلي لضمان الإستقرار السياسي والإقتصادي والتغيير المجتمعي لغد أفضل .. ولكنه وعي أيضا لمسؤوليتة الدولية تجاه الأمن الدولي.
إن مساندة ودعم الجيل الجديد من نساء ورجال هو ما سيعطيه الشرعية والمصداقية . وليس من أي سلطة دينية إشتهرت بالتسلط على المجتمع السعودي, وإعتقدت ان لديها توكيلا إلهيا على الأرض, وهو ما يتنافى مع التعاليم الدينية التي تؤكد على خصوصية العلاقة بين الإنسان والله عز وجل.
قد يعتبرها البعض مغامرة جريئة كبرى في مجتمع تجمد في الماضي.. ولكني أؤمن بأنها صمام الأمان ونقلة نوعية للسعودية للقرن الحادي والعشرين .. نعم هو ولي الأمر .. ومن مسؤولية ولي الأمر العمل على خطة تضمن الصالح العام لمجتمعه وشعبة. وهدا ما فعله الأمير الشاب. وكما قال أحد الصحفيين المشهورين في مقالة تتساءل وترفض ما يحدث في المملكة "" السعودية التي نعرفها اليوم غير السعودية التي عرفناها على مدى 80 عاما "" وأضيف نعم هي السعودية الجديدة التي سأكون فخورة بها.
تحية للسعودية وإلى غد مشرق.
التعليقات