لم يكن من الطبيعي ان تظل المرأة في المملكة وهي التي تجاري الرجل في كل شيء محرومة من ابسط حقوقها وهو قيادة المرأة للسيارة. ولم يكن من المنطق ان ان تناشد المرأة كل صباح ابيها او اخيها او حتى تتملق السائق عائشة تحت رحمة قراره لكي يوصلها دون مشاكل.
اما الاب والاخ الذين لا يتولون مهمة ايصال نساء العائلة لاساب قاهرة كعمل او سفر او تضارب مواعيد فانهم يشعرون بالقلق في كل مرة تذهب احدى النساء او الاطفال مع السائق.
كتبنا وكتب الكثيرون من النساء والرجال عن قيادة المرأة للسيارة وانها مطلب حيوي وضروري واصبحت هناك شبه مناظرات بين المؤيدين والمعارضين وان كان الاخيرين يعارضون بلا سبب او تشفيا بالمؤيدين او خوفا من مجهول لا يعرفونه.
لا نريد ان نكرر ما كتبناه طوال السنوات الماضية فاليوم كان الفرح يغمر زوجتي ويغمرني بطبيعة الحال فالمواطن السعودي اكثر من يعرف بالمعاناة التي تحل بمنزل لا تقود فيه المرأة.
الامر صدر من خادم الحرمين وهو ما يعني ان لا فصال ولا نقاش في ذلك فقد قضي الامر فله خالص الشكر حفظه الله.
في غمرة الفرح لا ننسى ان نشكر كل من جعل من قيادة المرأة احدى اهدافه وسعى لايصال رأيه للمسؤولين وربما لا يعرف الجميع ان اول من كتب عن قيادة المرأة للسيارة مطالبا بها هو الدكتور حمود البدر امين عام مجلس الشورى سابقا وقوبل رايه انذاك بمعارضة كبيرة غير ان هذا كان متوقعا في بداية الثمانينات ميلاديا ومات الامر في مهده.
كان 6 نوفمبر 1990م حدث تاريخي ومفصلي في السعودية فقد قامت 47 أمرأة سعودية من اعضاء لهيئة التدريس ومعلمات وموظفات وسيدات اعمال وربات بيوت وطالبات (تتراوح اعمارهن ما بين ال 19 وال 45 ) ومن مناطق مختلفة من المملكة بكتابة طلب الى امارة الرياض برغبتهن بالقيادة خاصة ان البلاد كانت في حرب تخوضها ابان غزو الكويت، ثم قامت هؤلاء النساء بقيادة 14 سيارة ضمتهم جميعا وهم حاملين لرخصهم من دراستهم في خارج المملكة. غير ان تدخل هيئة الامر بالمعروف بطريقة رعناء اجهض الامر بعد ان رأى فضيلة المفتي عبدالعزيز ابن باز رحمه الله ان في الامر فتنة.
ثم تم طرح الموضوع مرة اخرى في مجلة المجلة عام 99 م بعد ان صرح مصدر مسؤول في الخارجية ان المانع من القيادة ليس شرعي وانما اجتماعي. واذكر ان العدد انذاك قد نفذ من الاسواق واضطرت المجلة ان تطبع نسخ اضافية وكانوا في منطقة القصيم يصورون المجلة تصويرا
وفي عام 2005 م ومن خلال مجلس الشورى تم طرحه مرة اخرى بمقترح من الدكتور محمد ال زلفة وبشكل ما لم يتاح للتوصية ان تظهر فتم وادها في حينه
وبعد اختيار سيدات في مجلس الشورى تم طرحه من الدكتورات هياء المنيع ولطيفة الشعلان ومنى آل مشيط عام 2013 م وكالعادة كان هناك من يمنع حتى مناقشته بالشورى، كما اعادت الدكتورتان المنيع والشعلان طرحه بعد عدة اشهر مرة اخرى دون جدوى، غير ان التفاعل كان قويا جدا في السنتين الاخيرتين في وسائل التواصل الاجتماعي
كان الملاحظ ان ان مؤشر التأييد يتحول باضطراد بشكل ايجابي وفي السنوات الاخيرة عموما تزامنا مع البعثات التي تقاسمها النساء والرجال وقنوات الفضاء والتواصل الاجتماعي وقرارات الدولة التي حرصت على انصاف المرأة وتحييد المتشددين كان ولا بد ان يصدر قرارا لصالحها اخيرا
كانت المراة وطوال الفترة الماضية وخصوصا ما بعد 1990م تخرج بين الحين والاخر لتقود هنا وهناك وبعضهم يصور نفسه في اليوتيوب وخلافه بشكل هاديء وسلمي.
القرار حدد التنفيذ بعد حوالي العشرة اشهر في شوال 1439 ومن المؤكد ان ذلك لكي يتم الاعداد للامر بشكل منظم وقانوني وتوظيف نساء وتهيئة وتجهيز كل ما من شأنه ان يساعد على تنفيد القرار بشكل منظم. بمناسبة التوظيف فالسماح يعني دخل اضافي للمرأة السعودية من ناحية ان يتم توظيفهن في اقسام الشرطة وكذلك من المحتمل شرطيات واحيانا سائقات.
من دون ريب كانت لمطالبات النساء وكذلك الرجال دور في تحفيز الدولة لاصدار قرارها خاصة انها وليدة حاجة ملحة امنيا واقتصاديا واجتماعيا.
محاولة تقزيم منافحات النساء ومطالباتهم او السخرية من نضالهن تعبر عن نفس ذكوري ضيق يستكثر عليها ذلك او غيرة وحسد من البعض لعدم مشاركتهم في المطالبات من الاساس فقد كانوا لا يتوقعون موافقة الدولة ابدا لذا كانت الموافقة لطمة شديدة لمواقفهم الرافضة او لتخاذلهم عن دعمها.
الف الف مبروك لكل امرأة ورجل، والشكر مضاعف لسيدات 6 نوفمبر 1990 الرائعات اللاتي اول من من حمل المشعل وكذلك لكل ازواجهم او احد افراد عائلاتهم الذي كان لهم دورا في المساندة والتأييد والدعم ورسالة حب وعرفان لمن غادر منهم دنيانا قبل صدور القرار ومنهم ان لم تخني الذاكرة ودون القاب : سعد الناهض وصالح العزاز وعبدالله السكران ومحمد الصويان وعبدالله اليحيان رحمهم الله. كما لا يفوتني ان اهنيء وابارك للسيدات اللاتي ارتبط اسمهن بالحدث سواء بالمطالبات او بالقيادة الفعلية مثل سحر نصيف وعزيزة اليوسف ومنال الشريف ولجين الهذلول وميساء العمودي وتماضر اليامي.
اضيف لاعلاه الراحل مصطفى السدحان رحمه الله بقصيدته الجميلة عن رائعات 6 نوفمبر عام 90 م، الاستاذ والناشط القدير علي الدميني بقصيدته الرائعة : روائع المبرقعات، وكذلك الاستاذ الكاتب عبدالله العلمي الذي دائما ما يكتب عن القيادة كما اصدر كتابا خاصا عنها بعنوان : متى تقود السعودية السيارة؟ عام 2012 م.
القيادة للمرأة بداية صغيرة ونأمل حقوقا اكبر في القريب العاجل.
التعليقات