المقرر فنسنت يلوّح من لاهاي بمحاكمات غيابية إذا لم تتعاون سوريا
المحكمة الدولية تعلن جهوزيتها : لا أحكام قبل 6 سنوات
إيلي الحاج من بيروت: بدأ فعلياً العد العكسي لانطلاق أعمال المحكمة ذات الطابع الدولي لمحاكمة قتلة الرئيس رفيق الحريري ورفاقه في الأول من آذار/ مارس المقبل في لاهاي، ليبدأ مسار طويل قد يستغرق سنوات قبل صدور الأحكام وفق ما أكد مقرر هذه المحكمة روبرت فنسنت خلال مؤتمر صحافي عقده بعد ظهر الثلاثاء في لاهاي . ولا ترتبط إنطلاقة المحكمة ببدء عملية المحكمة باعتبار أن الإجراءات التمهيدية تستلزم أشهراً، لكن هذه الإنطلاقة يتحسب لها طرفا النزاع السياسي الرئيسان في لبنان، أي قوى 14 آذار و8 آذار/ مارس، من زاوية أن هذا التطور ونقل الضباط الأمنيين الأربعة الموقوفين إلى مقر المحكمة يصب في مصلحة قوى الغالبية النيابية، خصوصاً في أجواء الإنتخابات النيابية المقبلة التي يتفق الطرفان على أنها quot;حاسمةquot; في الصراع على السلطة في البلاد.
ولن يقتصر عمل المحكمة على النظر في قضية اغتيال الحريري بل ستدرس أيضاً ملفات بقية الإغتيالات السياسية التي شهدها لبنان منذ عام 2005 للترابط في ما بينها بحسب القرارات الدولية .
وفي حين تواصلت التحضيرات في مبنى المحكمة الأزرق في لاهاي ، تابع رئيس لجنة التحقيق الدولية القاضي دانيال بيلمار جولاته الوداعية على المسؤولين اللبنانيين قبيل انتقاله الى هولندا ليصبح المدعي العام للمحكمة، وزار مع وفد من أعضاء اللجنة وزير الدفاع الياس المر ووزير العدل إبراهيم نجار الذي سلم بلمار كتابا موجها إلى المحكمة الدولية يؤكد فيه تعاون الحكومة اللبنانية معها، مشيرا إلى quot;أنها المرة الاولى في تاريخ القضاء اللبناني ستكف يده عن النظر في جريمة من اختصاصه لتنظر جهات دولية فيهاquot;.
ومن المقرر ألا يترك بلمار لبنان من دون إطلالة إعلامية، يوجه خلالها رسالة إلى الشعب اللبناني لمناسبة إنتهاء أعماله في لبنان وانتقاله إلى مقر المحكمة الدولية.
وفي انتظار ان يبحث مجلس الوزراء من ضمن بنود جدول اعمال جلسته المقبلة، في طلب وزارة العدل تركيب كاميرات أمام منازل المعنيين بالمحكمة الدولية وأمام قصور عدل بعبدا والجديدة وصيدا، ونقل الإعتماد اللازم لهذه الغاية من إحتياطي الموازنة العامة الى موازنة الوزارة المذكورة لعام 2009 على أساس القاعدة الإثنتي عشرية، شكلت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي فرقة قوامها 300 ضابط ورتيب ومجنّد بهدف حماية القضاة اللبنانيين الخمسة الذين سيعملون في المحكمة الدولية. وتتضمّن مهمات الفرقة المذكورة حماية منازل القضاة وزوجاتهم وأبنائهم، فضلاً عن مرافقتهم شخصياً طوال وجودهم في لبنان.
وبالعودة إلى المؤتمر الصحافي لمقرر المحكمة روبرت فينسنت الذي عقده في لاهاي فقد أكد quot;ان لجنة التحكيم القضائية في المحكمة لها علاقات وطيدة باجراءات مجلس الأمن، واذا لم تتأمن المساعدة من سورية في تسليم شهودها فسيكون الأمر أشبه بضربة الى مجلس الأمن، وفي حوزتنا نصوص متعلقة بالمحاكمة الغيابية اذا تطلب الأمر، كما أن هناك ضغوطاً محددة على الدول المعنية قد يمارسها مجلس الأمنquot;. ورأى ان المحكمة قد تستمر لأكثر من ست سنوات quot;وانا لدي وجهات نظر صارمة في هذه المسألة، كما انني متمسك بها، وإذا لم يشاطرني الناس وجهات نظري، او شعروا احيانا بأنني ابالغ في نزاهتي بشأن بعض الامور، فسأكون آسفاً. فكل المحاكم المشابهة، حتى في المحكمة التي خصصت لسييراليون التي ارتبطت بها عن قرب ثلاثة اعوام ونصف العام، لم نشهد حتى اليوم اي محكمة أنجزت مهماتها خلال مدة تقل عن خمسة اعوام. ومحكمة سييراليون هي في عامها السابع هذه السنة، وفي البداية كانت هناك طلبات لتعهدات مالية تشمل ثلاثة اعمال، اما المحكمة الخاصة بكمبوديا فقد بدأت للتو اولى محاكماتها، وهناك الكثير مما قد نشهده مستقبلاً، وقد شهدنا في نيويورك تعهدات بتقديم المال على المدى الطويل، وعليهم الا يتوقعوا نهاية اعمال المحكمة قبل خمسة اعوام، هذه وجهة نظريquot; . وقال ان quot;عمل المحكمة سيكون شفافا، ولا يعني ذلك اننا سنخرق سرية المعلوماتquot;.
وشاركت في المؤتمر المسؤولة الإعلامية للمحكمة سوزان خان، وهي فلسطينية، والمسؤول عن العلاقات الخارجية بيتر فوستر الذي رأى أن التحدي الاكبر هو التواصل مع الاعلام واثره على الجمهورquot;. واضاف : quot;ادرك أهمية العلاقة مع الاعلام ليستطيع الشعب في لبنان والمنطقة الاطلاع على التفاصيلquot;، معلنا انه quot;سيكون لنا مكتب اعلامي في لبنانquot;. وأكد ان المحكمة تقدم تحديا مختلفا، وقال: quot;سنقبل كل انتقاد ونصيحة بناءةquot;.
ولفت فينسنت الى ان اختيار مقر المحكمة في لاهاي له منافع عدة، مشيرا الى انه مؤلف من 7 طبقات وكان مركزا للمخابرات الهولندية.
وأعلن quot;ان النائب العام سينتقل في الاول من آذار/ مارس مع فريقه الى لاهاي، وستخصص له طبقتان، اضافة الى مكاتب للقلم وستكون الطبقة الأولى مخصصة للدفاعquot;. quot;. ولفت الى ان هناك quot;خطة لحماية الشهود لا تزال قيد البحث، وسنضمن عدم استهدافهم، والشرطة الهولندية تتمتع بخبرة ممتازة في هذا العملquot;.
وتابع: quot;تلقينا نحو 6000 طلب عمل، اخترنا من يتمتع بأكبر خبرة دولية، وقد وافقت لجنة الادارة التي تشرف على عملي وعمل المحكمة والموجودة في نيويورك على 3500 طلب يتوزع أصحابها على مناصب عدة، ومنهم اكثر من 100 في مكتب المدعي العام. وهناك اكثر من 170 يساندون عمل القلم، وقد تمكنا من توظيفهم كي يدعموا عمل المدعي العامquot;، موضحاً أنquot;التحدي الرئيس الذي واجهناه هو، مساعدة المدعي العام لإحضار فريق عمله الى هناquot;.
وأشار الى quot;ان موازنة السنة الاولى تبلغ نحو 51,4 مليون دولار، قدمت الحكومة اللبنانية 49 في المئة منها، اما الـ51 في المئة الباقية فمن مساهمات اخرى، ونعمل في نيويورك مع دول عدة سعيا للحصول على الاموال. وسررت بالرد الذي تلقيته من دول اعضاء كبيرة وصغيرةquot;.
وأعلن quot;ان دولا عرضت مساهمات صغيرةquot;، مؤكدا quot;ان التمويل مهم ويجب ان يحصل لبنان على دعم المجتمع الدولي لدعم المحكمةquot;، لافتا الى quot;ان عملية وضع موازنة المحكمة تسير جيدا، ولسنا قلقين عليها حتى في العامين 2010 و1011، واللجنة الادارية المكلفة هذا العمل مهمة وموجودة في نيويورك وتمثل الدول الاعضاء، وليست لجنة جديدة مؤلفة من اشخاص يمثلون دولا مانحة في المحكمة. وترأس بريطانيا اللجنة الادارية، والنيابة لكندا، وهولندا مشاركة فيها، والولايات المتحدة وايطاليا والمانيا وفرنسا واليابان، ويمكن ادخال مساهمين من دول اخرى.
وتبلغ كلفة الحصول على مقعد في اللجنة الادارية مليون دولارquot;.
وقالت الناطقة الإعلامية في المحكمة سوزان خان إن عشرة أعضاء سيعملون في مكتب الصحافة، وquot;نحن في إطار توظيف المزيد من العناصر، وفي صدد مقابلة عدد من المتقدمين لهذه الوظائف، وسنساعد الجميع في الحصول على المعلومات. ورغم أني المتحدثة الإعلامية باسم المحكمة، ستكون السيدة راضية عاشور الناطقة الاعلامية باسم المدعي العام دانيال بلمار، وستأتي معه من بيروتquot;.
ومن المتوقع أن يصدر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي- مون تقريراً خاصاً بانطلاق عمل المحكمة تنفيذاً للقرار الدولي رقم 1757 الخاص في 28 شباط/ فبراير الجاري، هو الرابع له في هذا الموضوع، وسيحيله على مجلس الأمن، مؤكداً فيه الإنتهاء من كل التحضيرات لانطلاق المحكمة في عملها.
التعليقات