وقائع ميدانية كثيرة كانت تؤشر الى تألق السورية غادة شعاع التي برعت في سباقات الضاحية ولعبة كرة السلة منذ صغرها، فاختيرت لمنتخب بلادها وعرض عليها الاحتراف في اندية عدة، بطلة استثنائية في مسابقة صعبة ومعقدة و"جحودة"، تنفر كثيرات من مزاولتها، نظرا للمجهود الذي تتطلبه والتضحيات التي تبذل لبلوغ مراتب متقدمة.

انها المسابقة السباعية، التي تجعل من المتفوقات فيها "رياضيات كاملات" او بالاحرى "بطلات كاملات".

وغادة شعاع فرضت وجودها واثبتت حضورها بجدارة بين "كبيرات" هذا "الكار"، علما انها لم تأت من بلد ذي جذور وتقاليد في هذا المضمار، لكنها الموهبة الطبيعية والخامة الفطرية التي نمتها، والتي لو سارت الامور لاحقا على ما يرام ولم تداهمها الاصابة، لاستطاعت ابنة محردة السورية تحطيم الرقم القياسي العالمي على غرار تألقها عالميا واولمبيا.

ولما حانت الساعات الاخيرة من القرن الـ20 كان اختيار شعاع كرياضية القرن في سوريا، نتيجة طبيعية ومنطقية للانجازات الرياضية غير المسبوقة التي حققتها لبلادها في ميادين "ام الالعاب" على مختلف الاصعدة، فقفزت بالرياضة السورية الى العالمية.

كانت دورة العاب البحر المتوسط الـ12 في كاب داغد بفرنسا عام 1993 بداية دخول شعاع العالمية عندما تخلت عن المشي خطوة خطوة وقفزت برقمها 890 نقطة فسجلت 6168 نقطة ونالت الميدالية الفضية. علما انها سجلت مشاركتها العالمية الاولى في بطولة العالم عام 1991 في طوكيو وحلت في المركز 24 (5066 نقطة).

وسطرت غادة اسمها في سجل العالمية في دورة النوايا الحسنة في مدينة سان بطرسبرغ الروسية عام 1994 بميدالية برونزية مسجلة 6361 نقطة، وفي العام ذاته احرزت ذهبية الالعاب الآسيوية في هيروشيما مسجلة 6260 نقطة.

ثم مهد لقاء غوتسيش النمساوي الدولي عام 1995 لشعاع الفوز في بطولة العالم منتزعة المركز الاول، بعد ان ابعدت كبرى بطلات العالم وسجلت 6760 نقطة (افضل رقم عالمي). فتوجهت اليها الانظار في "مونديال غوتنبرغ" (السويد) عام 1995، وهناك انتزعت اللقب العالمي لها ولسوريا مسجلة 6651 نقطة بعد ان قهرت عملاقات، في مقدمهن الاميركية جاكي جوينر كيرسي والالمانيتين سابين بروان وهايكه دريشلر.

وخاف الجميع على شعاع، التي اصبحت حكاية شعبية في سوريا، من اضواء الشهرة. لكن الشابة الواثقة والطموحة المتحفزة لبلوغ مراتب اعلى، ردت في الوقت المناسب وبالطريقة المناسبة عندما سجلت رقما شخصيا مقداره 6942 نقطة في لقاء غوتسيش (26 ايار/مايو 1996)، وهو افضل رقم عالمي سجل منذ خمس سنوات.

و"غادة الذهبية" (27 عاما، 87ر1م) لم تخيب آمال بلادها في دورة اتلانتا عام 1996، فكان صوتها مدويا وتفوقت على المشاركات جميعهن، لتنال الميدالية الذهبية الاولى لسوريا في تاريخ الالعاب الاولمبية بعدما سجلت 6780 نقطة وبفارق كبير عن وصيفتها البيلاروسية ناتاشا سازانوفيتش (6563 نقطة) والبريطانية دينيز لويس (6489 نقطة)، وهي الميدالية الاولمبية الثانية لسوريا بعد فضية المصارع البطل السوري جوزيف عطية في دورة لوس انجيلس عام 1984. فلقيت تكريما كبيرا في بلادها بدءا من الرئيس حافظ الاسد.

غير ان الاداء التصاعدي لشعاع بعد "اتلانتا 1996" تراجع بسبب الاصابة، وقد اوفدتها بلادها للعلاج في المانيا حيث اقامت لفترة طويلة، وتعمل في مجالات عدة منه التجميل. وهي اختتمت مسيرتها الدولية باحرازها برونزية السباعية في بطولة العالم عام 1999 في اشبيلية. ثم اخفقت في "سيدني 2000" وانسحبت بعد سباق ال100 م حواجز، بداعي الاصابة.

وتلفت شعاع، التي تشعر بمرارة من اهمال الابطال بعد اعتزالهم وعدم تقديرهم في بلدان عربية عدة، الى ان "البطل الاولمبي مشروع طويل الامد وليس شغل سنة او سنتين. انا مررت بظروف صعبة جدا، لم يتوافر لي اي من هذه المقومات". وتتابع: "لا يوجد عندنا جدول زمني للمدربين والمدربات. هذه الرياضات الفردية في حاجة الى الصبر ونحن ما عندنا صبر. بالطبع ليس هناك مستحيل، نستطيع ان نغير هذا النمط السيئ ان اردنا، المهم ان نخطو الخطوة الاولى".