هنادي ديوب من دمشق: يستوقف زوار أسواق دمشق القديمة خطاطون اتخذوا من حبات الرز صفحات لرسم كلماتهم ومن الرمل مادة لتشكيل لوحات من التراث ضمن زجاجات متفاوتة الاحجام.

وتأسر هذه الفنون التي تستعيد حضورها مجددا في أسواق شكلت متحفا طبيعيا للفنون السياح وعشاق هذا الفن الذي يأخذ طابعا طريفا فلا يترددون في طلب كتابة اسم شخص عزيز عليهم أو رسم لوحة كهدية تذكارية الى جانب الهدايا الاخرى التي تزخر بها هذه الأسواق.

وانتشرت هذه الفنون قبل نحو عقدين لاسيما في الأسواق التقليدية مثل الحميدية والتكية السليمانية واستهوت العديد من الاشخاص الذين يستعينون الى جوار الخفة والرشاقة والدقة في عملهم بأدوات بسيطة للخروج بفنون تنسجم مع طبيعة هذه الأسواق.

ويقول عمر سكافيفي إنه يحضر رملا خاصا مازار من بلدة النبك في ريف دمشق لهذه الغاية ويستخدم أنواعا أخرى بعد صبغها بالالوان كالأحمر والأخضر والأزرق استعدادا لتكوين لوحات مختلفة في قوارير زجاجية صغيرة أو كبيرة حسب الطلب وذلك بسكب الرمل في الزجاجات حسب الرسم أو النقش المطلوب لافتا إلى أن الرسمات الشائعة بالرمل هي المناظر الطبيعية والشعارات التي تعتبر أكثر صعوبة من سابقتها كونها تحتاج إلى الوقت والدقة أكثر.


ويضيف السكافي الذي يمارس فن الرسم بالرمل قبل عشر سنوات أن الأدوات المستخدمة هي قمع حديدي ذو رأس مدبب بدلا من ريشة الفنان وملعقة صغيرة لسكب الرمل في القمع ومطرقة صغيرة أو اسطوانة خشبية لتثبيت الرمل اضافة الى السائل الصمغي لمنع الرمل من الحركة أو الخروج منها ولفت الى أن الفترة الزمنية لإنجاز اللوحة يختلف تبعا للرسوم أو الأشكال المطلوبة فبعض الرسمات لا تستغرق سوى دقائق فيما لوحات أخرى تحتاج ساعات عدة وربما أيام مشيرا إلى أن هذا الفن أصبح تقليدا في أسواق دمشق القديمة ويجذب السياح العرب والأجانب وأهل البلد.

وليست الكتابة على حبة الرز اقل ادهاشا من الرسم على الرمل والتي تعود كما يقول عيسى الذيب احد الممارسين لهذا الفن الى الفترة التي تلت ظهور الاسلام من خلال كتابة الايات القرآنية بخطوط صغيرة ومختلفة حيث برزت اسماء خطاطين كثر في هذا الفن.

وأضاف ذيب ان الكتابة على حبة الرز اخذت منحى مختلفا في السنوات القليلة الماضية التي ظهرت فيها وهو تجسيد المشاعر الإنسانية بين الاصدقاء والمحبين عبر وضع حبة الرز في زجاجة صغيرة بمنتهى الابداع تستطيع ان تلفت نظر كل من يراها مهما كان شكلها سواء أكانت معلقة على سلسلة أو على ميدالية.

وعن طريقة الكتابة على حبة الرز قال ذيب ان هذه المهنة تتطلب دقة وتركيزا عاليين فالادوات المستخدمة لانجازها عبارة عن قلم دقيق جدا لا يتجاوز مقاس إبرته 1ر0 ميليمتر ويعبأ بحبر صيني مخصص لذلك يبقى لفترة طويلة دون ان يتأثر بعوامل الزمن.

وتتم عملية الكتابة حسب الطلب اسم عادي او مركب بخط رفيع دون التركيز على نوعية الخط شريطة ان يكون مفهوما وواضحا مشيرا إلى أن كتابة اسم على حبة الرز تستغرق من خمس إلى عشرة دقائق توضع بعدها الحبة في زجاجة صغيرة جدا يتم ملؤها بزيت خاص تضاف إليه مادة صبغية حسب الطلب و تعلق بحلقة معدنية أو بميدالية أو بقلادة بعد احكام اغلاقها لتتحول الى قطعة تذكارية ترتبط بدمشق وأسواقها.

والاهتمام بالكتابة على حبات الرز أو القمح ليس فنا جديدا إذ يحتفظ متحف التقاليد الشعبية في قصر العظم التاريخي في دمشق القديمة في أحد خزائن العرض بتحفة نادرة وهي عبارة عن حبة قمح كتب عليها قبل أكثر من ستين عاما خطاط لبناني 63 كلمة.