في تطور لافت، شكل حداثيون في المغرب جبهة سياسية للعمل ضد التيار المحافظ، كيفما كان نوعه، سواء في المؤسسات أو خارجها، مشيرين إلى أن البلد لا يمكن أن يحقق مكتسبات إصلاحية كبيرة بعقيلة المحافظين.


الرباط: شكل حداثيون في المغرب quot;جبهة سياسيةquot; للدفاع عن مشروعهم ومواجهة quot;الضغوطاتquot; التي يمارسها المحافظون لـ quot;تجميدquot; مجموعة من الإصلاحات الكبرى، التي بدأت عجلتها في الدوران.

الحداثيون في المغرب يعلنون تحديهم للمحافظين

جاءت هذه quot;الجبهةquot; على شكل تحالف لثمانية أحزاب، ذات إيديولوجيات مختلفة، يجمعها هدف واحد، ألا وهو التصدي لأي تيار محافظ في مختلف الساحات، بما فيها الشارع.

ويتعلق الأمر بالتجمع الوطني للأحرار، والحركة الشعبية، والأصالة والمعاصرة، والاتحاد الدستوري، والحزب العمالي، والحزب الاشتراكي، واليسار الأخضر، والنهضة الفضيلة.

وقال عبد الكريم بن عتيق، الأمين العام للحزب العمالي: quot;إن هذه الخطوة أعمق من ذلك، إذ بالنسبة إلينا، فإننا نرى أنه ليس هناك، هذه السنة، نقاش في المغرب حول القضايا الأساسية، بل هناك فقط نقاش يطغى عليه، إما العمل الانتخابي المحض، أو ترتيبات ما بعد الانتخابات، وإما أنه يبقى في إطار بسيط وسطحيquot;.

وذكر عبد الكريم بنعتيق، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، أن quot;النقاش الأعمق في المغرب هو من يريد تنزيلا حقيقيا للدستور، الذي تكون فيه الديمقراطية هي المرتكز، وقيم الحداثة هي الأساسquot;.

وأوضح القيادي السياسي أن quot;هذا تحالف ديمقراطي حداثيّ ضد أي تيار محافظ، كيفما كان نوعه، سواء في المؤسسات أو خارجها، وحتى إذا كان في الشارع فنحن ضدهquot;، مشيرًا إلى أن quot;المغرب لا يمكن أن يحقق مكتسبات إصلاحية كبيرة بعقلية المحافظين. فالمغرب يجب أن ينجز الإصلاحات وهو مرتاح، ويجب أن لا يستمروا في الضغط علينا في كل لحظة معينةquot;.

واعتبر الأمين العام للحزب العمالي أن quot;هذه الثوابت لا علاقة لها لا بالانتخابات، ولا بالسياسة ولا بالالتحاق بالحكومة، بل لها علاقة بمن مع المشروع الحداثي الكبير ومن ضده ويشكل قوة محافظةquot;.

وذكر القيادي السياسي أن quot;هناك مجموعة من الناس يعتبرون أنفسهم أنهم أوصياء على الإسلام، إما بالخروج إلى الشارع أو يهددون بهquot;، مبرزًا أن quot;هذا حدث عندما وقّع المغرب على عدم التمييز بين الرجل والمرأة في الأمم المتحدة، إذ إن الأصوات كلها، من الاتجاهات المحافظة كافة، ليس بالضرورة المنتمية سياسيًا، نفذت هجوما قوياً، واعتبرت نفسها أن المغرب إذا أراد أن يقوم بأي مبادرة من أجل أن يقوي مكتسبات المرأة يجب أن يتشاور معهم، لأنها هي وصية على الدين. وهذا نعتبره خطرًا على أي مشروع حداثي، لأن المملكة ليست في حاجة إلى من يعطيها الدروس، لأنها مقتنعة، منذ الستينات، بأن المرأة جزء من المشروع المجتمعيquot;.

أحدثت هذه الخطة المفاجأةهزة في المشهد السياسي، وضخت الدماء في تحالفات كانت، إلى الأمس القريب، غير مطروحة، بعدما أخفق اليساريون في توحيد الصفوف من جديد.

أولى بوادر هذه التحالفات لاحت من بيت الكتلة، التي تضم أحزاب الاستقلال والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والتقدم والاشتراكية (الائتلاف الحاكم)، إذ سارع عباس الفاسي، رئيس الحكومة والأمين العام للاستقلال، إلى الاتصال، خلال الأسبوع الجاري، بالأمين العام للعدالة والتنمية، عبد الإله بنكيران، للالتقاء به، وهو ما يراه مراقبون تهديدًا من قائد الائتلاف الحاكم للدولة بإمكانية التحالف مع الإسلاميين.

وفي تعليقه حول ما يجري تداوله بخصوص التحالف مع الكتلة، رد عبد الإله بنكيران متسائلاً quot;هل نتحالف معها بالقوةquot;، مشيرًا إلى أن quot;الكتلة تتكلم عن شيء معقول، إذ إنها تشير إلى أن التحالفات لن تكون إلا بعد أن تظهر نتائج الانتخابات، وهذا منطقيquot;.

وذكر الأمين العام للعدالة والتنمية، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، أن quot;هذا النوع من الخطوات، في إشارة إلى تشكيل تحالف الأحزاب الثمانية، quot;ليس جديدًا، وهو موجود من سنة 2003quot;، مبرزًا أن quot;المستجد هو تغيير الطريقة، إذ إن الأصالة والمعاصرة بعدما انكسر بسبب حركة 20 فبراير الشبابية، عمدوا إلى ترميمه من خلال هذه المكونات. فمؤسسو الأصالة والمعاصرة هم من يقفون وراء هذاquot;.

وحول الاتهامات الموجّهة إليهم بأنهم ضد الحداثة، ردّ القيادي السياسي بالقول quot;من كان أكثر من حداثة فليبين ذلكquot;.

من جهته، قال محمد زين الدين، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الحسن الثاني المحمدية، إن quot;هذا التحالف مسألة إيجابية بالنسبة إلى المغرب، لأنه أولاً يدخل في إطار تحالف قبلي (أي قبل الانتخابات) وليس بعديا، وهذه مسألة ديمقراطية، من شأنها أن تعطي الثقة للمواطن المغربي في هذه الأحزابquot;.

وذكر محمد زين الدين، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، أن quot;هذه الأحزاب إذا تمكنت من بلورة برنامج سياسي يستجيب لمطالب المجتمع أو الشارع، فإنها ستكون قد نجحت بشكل كبير جدًا، باستثناء العائق الإيديولوجي الذي يفصل بينهمquot;.

وأضاف المحلل السياسي quot;يقولون إن الهدف من هذا التحالف هو خلق مشروع مجتمعي حداثي ديمقراطي، ولكن نرى أن هذا التحالف جاء من أجل قطع الطريق على حزبين، هما الاستقلال والعدالة والتنميةquot;.

واعتبر محمد زين الدين أن quot;حزب الاستقلال دائمًا ما يشكل قوة تنظيمية قوية جدا، رغم أنه سيكون عرضة لتصويت عقابي بسبب عدم عمله بالشكل المطلوب على الملفات الاجتماعيةquot;.