بدأت ظاهرة ارتياد مقاهي الشيشة تثير ريبة الأجهزة الأمنية في المغرب وبخاصة في ظل تحول هذه الأماكن إلى فضاءات لتناول المواد الخطرة وإقامة العلاقات الجنسية غير الشرعية ما يزعزع قيم المجتمع ويضر في بنيانه.


الدار البيضاء: انتشرت مقاهي الشيشة بشكل كبير في المغرب، خاصة في المدن السياحية، حيث يتزايد إقبال الشباب عليها بشكل كبير.

ارتياد القاصرات المقاهي يزيد من مخاطر الظاهرة

وبات هذا النوع من المقاهي يشكل تحديًا للسلطات الأمنية، بعد أن تحول بعض هذه الفضاءات إلى أماكن لربط علاقات محرمة، إذ باتت تتردد عليها بشكل لافت الفتيات القاصرات.

ورغم لجوء السلطات المحلية إلى إصدار قرارات عملية تقضي بمنع تقديم الشيشة للزبائن في المقاهي، سعياً وراء محاربة انتشار عادة استهلاك الشيشة الغريبة عن تقاليد المجتمع المغربي، وذلك في انتظار تعزيز الترسانة القانونية، بنص قانوني يمنع التدخين في الأماكن العامة، بما فيها المقاهي، إلا أن دائرة مستهلكي الشيشة آخذة في التوسع، وهو ما يثير الكثير من علامات الاستفهام حول هذا الأمر.

طقوس خاصة بالشيشة!

تعرف المقهى الذي يقدم الشيشة من شكله الخارجي، ورائحة الدخان الكثيف التي تنبعث منه، غير أن ما يحدث داخلها قد لا يشابه الصورة التي ترتسم في ذهنك. فما إن تضع قدمك في هذا الفضاء حتى تعتقد، للوهلة الأولى، أنك في ملهى ليلي لفندق من خمس نجوم.

حراس، وفتيات قاصرات، وأدخنة تتصاعد وسط جو صاخب يصعب فيه التنفس، خاصة مع غياب مكيفات أو منافذ للتهوية كثيرة. وشباب وشابات يتبادلون القبل خلسة، في حين ينشغل النادل في تحضير المعسل والجمر، وتنظيف وتغيير الأنبوب المستعمل في التدخين.

يقول سعد (ج)، أحد رواد مقهى الشيشة في وسط مدينة الدار البيضاء، إن quot;الإقبال على مقاهي الشيشة تزايد مع تردد القاصرات على هذه الفضاءاتquot;، مشيرا إلى أن quot;تدخينها بات يواكبه، في بعض الأحيان، تنظيم سهرات، وهو ما جعلها تتحول إلى ما يشبه العلب الليليةquot;.

وأبرز سعيد، لـ quot;إيلافquot;، أنه quot;في حالات قليلة يستبدل المعسل، المادة الرئيسة في تدخين الشيشة، بقطع من الحشيش، أو بمواد خاصةquot;، مشيرًا إلى أن quot;هناك من ينظم جلسات في المنزل يستبدل فيها الماء بالجعة أو الويسكي.. وهذا يكون له تأثير كبير على مستهلكهاquot;.

وأوضح سعيد أن المعسل الأكثر رواجًا هو ذلك الذي يوجد بنكهة التفاح، أو عرق سوس، أما العنب، فهو غائب عن هذا المقهى بسبب غلائه.

ويبلغ عدد مقاهي الشيشة في مدينة الدار البيضاء حوالى 3 آلاف، تشملها، في فترات متفرقة، حملات تسفر حتى عن إيقاف عدد من الشابات والشباب.

يوضح فؤاد (د)، أحد رواد مقاهي الشيشة، quot;بسبب المظاهر المصاحبة لهذه الفضاءات، يلجأ عدد من الأشخاص إلى تنظيم جلسات في المنزل، حيث يستبدل المعسل بالحشيش، والماء، في بعض الأحيان، بالكحولquot;، مشيرا إلى أن quot;تحضيرها يحتاج إلى طقوس خاصة، تبدأ من تجهيز الفحم إلى تهيئة الشيشية وتنظيفها، قبل أن يشرع في استهلاكهاquot;.

وأبرز فؤاد، لـ quot;إيلافquot;، أن quot;كل شخص تعهد إليه مهمة، إذ هناك من يتكلف بشراء المعسل، أو مواد أخرى، ثم هناك من يحضر الفحم وآخر يحضر الشيشة، في حين يتكلف آخرون بتهيئة الأجواء العامةquot;، مبرزا أن quot;هذه الطقوس الخاصة بها تزيد من الإقبال عليهاquot;.

قوات الأمن تحاول السيطرة على الظاهرة
يشار إلى أن دراسات أظهرت أن المعدل العام لعدد المدخنين المغاربة، يصل إلى 18 في المائة، 5.14 في المائة منهم يدخنون بشكل يومي، بينما 3.5 في المائة يدخنون بشكل موقت، و31,5 في المائة من المدخنين هم رجال، و30,3 في المائة نساء، و4.11 هم مدخنون سابقون.

دعارة تحت أنفاس الدخان!

تحولت مقاهي الشيشة إلى أماكن للقاءات بين الأحبة، وللهو والمرح، ومقابلة القاصرات، سياح تحت أنفاس الدخان، وهو ما قد يتطور في بعض الأحيان إلى علاقات جنسية خارج هذه الفضاءات.

يقول علي الشعباني، باحث في علم الاجتماع، إن quot;تدخين الشيشة ظاهرة حديثة، وكانت معروفة في المشرق العربيquot;، مشيرا إلى أنها لم تظهر في المغرب، إلا مع ظهور المقاهي السورية في المملكة.

وأضاف علي الشعباني، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، quot;حاليا يمكن الحديث على أن مقاهي الشيشة أصبحت ظاهرة وصلت إلى درجة استنفار المصالح الأمنيةquot;، مبرزا أن quot;لديها مظاهر سلبية، لكونها تساعد على الانحرافquot;.

وذكر الباحث المغربي أن هذه الظاهرة باتت تشوش على الاستقرار والجو العام، موضحاً أن quot;الشيشة أفقدت المقاهي ذلك الطابع الذي كان يميزها، إذ إنها كانت في السابق مكانا للقاء والترفيه، وربط العلاقاتquot;، مشيرا إلى أنه quot;برزت فيها حاليا مظاهر تنفر الناس من هذه الفضاءاتquot;.

وقال علي الشعباني إن quot;هذه الظاهرة تنعكس بالأساس على الشباب، خاصة الفتيات، كما أنها تؤثرفي سمعة مرتادي هذه المقاهيquot;، مشيرًا إلى أنها quot;تنعكس على الحياة الزوجية، والعلاقات، وتشجع على الدعارة، إلى جانب أشياء أخرى تؤثرفي الوضع الاجتماعي في المغربquot;.

ويزداد الإقبال، بشكل لافت جدًا، على مقاهي الشيشة، خلال شهر رمضان، وهو ما يجعل السلطات الأمنية، تطلق حملات متواصلة للحؤول دون انتشارها.

ففي مدينة مراكش، ألقت مصالح الأمن، في بداية شهر الصيام، القبض على حوالى 43 فتاة بينهن قاصرات، متلبسات بتعاطيهن الشيشة.

كما حجزت المصالح الأمنية حوالى 300 شيشة من ملهى ليلي يوجد في الطريق المؤدية إلى مطار مراكش المنارة الدولي. وتلقى هذه الحملات ترحيبا من طرف المواطنين، الذين باتوا يتخوفون بشكل كبير على أبنائهم من المظاهر السلبية التي خلفها انتشار هذه المقاهي.