فتيات مصريات بعد الإدلاء بأصواتهن في المرحلة الأولى

حققت مرشحة حزب الحرية والعدالة الفوز في المرحلة الأولى من الانتخابات المصرية، في حين سقطت المرشحات الباقيات، ما يثير المخاوف من تكرار هذه الحالة في المرحلة الثانية. ويعود ذلك بحسب البعض إلى وجود التيار الديني بقوة في الانتخابات.


القاهرة: أسفرت نتائج المرحلة الأولى من انتخابات مجلس الشعب عن فوز مرشحة واحدة ممثلة للمرأة المصرية، وذلك على قائمة حزب الحرية والعدالة، في حين سقطت المتنافسات على المقعد الفردي، وكانت أبرزهن جميلة إسماعيل، والفنانة تيسير فهمي ومرشحة حزب الوفد نهال عهدي.

وقد أرجع البعض ذلك إلى غلبة التيارات الدينية على الانتخابات، حيث كان من الصعب خلق منافسة معهم، في ظل التصريحات اليومية، التي ترفض وجود المرأة في العمل السياسي والتشريعي.

إزاء هذه النتائج المخيبة للآمال، التي تحققت في الجولة الأولى، هناك مخاوف من تكرارها، وحصول المرشحات على صفر جديد في الجولة الثانية للانتخابات، خاصة أنها تشهد ترشح عدد كبير عن المقاعد الفردية أو القوائم الحزبية. فهل ستغيب المرأة المصرية عن البرلمان المقبل، وللمرة الأولى؟، مما يعيد من جديد الحديث عن تحديد كوتة للمرأة في البرلمان، والتي تم إلغاؤها في الإعلان الدستوري وقانون مباشرة الحقوق السياسية.

الإنتهاكات أفسدت نزاهة العملية الانتخابية

ترى عزة فاروق، إحدى المرشحات، أن المنافسة لم تكن شريفة بعد سيطرة التيار الديني على الانتخابات، وكذلك ارتكاب انتهاكات، أفسدت نزاهة العملية الانتخابية بتوزيع دعاية انتخابية، تحرم مشاركة المرأة في السياسة ودخولها إلى البرلمان.

أما الأمر الأخطر من ذلك، هو أن نسبة كبيرة من السيدات أدلين بأصواتهن للمرشحين من الرجال، وخاصة عن التيارات الدينية، ولم تذهب أصواتهن إلى المرشحات من بنات جنسهن.

وقالت فاروق لـquot;إيلافquot;: إن نتائج المرحلة الأولى من الانتخابات، وسقوط المرأة فيها دليل قوي على أننا ما زلنا نعيش في مجتمع ذكوري، تنظر فيه القوى السياسية إلى المرأة نظرة متخلفة. ولم تُدعم السيدات اللواتي ترشحن بالشكل اللائق، بدليل أن هناك أحزابًا وضعت المرأة في مؤخرة ترتيب القوائم، وأحزاب أخرى أصرّت على إضافة المرأة إلى قوائمها؛ لتطبيق شروط الترشيح فقط من دون إيمان حقيقي بقدرتها على المنافسة.

تتوقع عزة فاروق استمرار النتائج السيئة نفسها، وتظن أن المرأة لن تحصل سوى على مقاعد تعدّ على أصابع اليد الواحدة في برلمان الثورة.

كيف تنجح مرشحة في ظل هذا الجو الرجعي؟

تبرر نهاد أبو قمصان الناشطة الحقوقية في مجال المرأة في حديثها لـquot;إيلافquot; سقوط المرشحات في الجولة الأولى من الانتخابات، بضيقالوقت المخصص للدعاية الانتخابية، في ظل معركة شرسةمع التيار الإسلامي، الذي أكد سيطرته على الشارع.

من هنا كان من الصعب وجود مكان للمرأة يخوّلها الدخول في منافسة عادلة هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن نظرة المجتمع للمرأة لم تتغير بالشكل الملحوظ، فما زال البعض يرى أن دورها ينحصر في وظائف معينة، وأن حصولها على مقعد برلماني يعدّ بمثابة حلم وشرف لها، ويكفي أن أحد التيارات الدينية اعتبر أن صورة المرأة عورة، ورفض إضافة صورة المرشحة، واكتفى بوضع اسمها فقط، فكيف تنجح مرشحة في ظل هذا الجو الرجعي؟ بحسب وصفها.

تأمل نهاد أبو قمصان في تحسن النتائج، وحصول المرأة على مقاعد في الجولة الثانية والثالثة، فما زال الأمل موجودًا، خاصة أن هناك مرشحات على قوائم حزب الحرية والعدالة، وفرصهن قد تكون كبيرة، ولكن نجاح مرشحات على قوائم الفردي قد يكون من الصعوبة تحقيقه في الجولتين المقبلتين.

ورفضت نهاد ربط سوء النتائج بغياب من يتحدث عن المرأة بعد سوزان مبارك، مؤكدة أنها لم تقدم شيئًا كبيرًا للمرأة المصرية، حتى نترحم على غيابها، فقد استغلت مشاكل المرأة؛ لتحقيق منافع لبعض المقرّبين منها فقط، ونتائج الانتخابات تعود إلى تراكم مجتمعي على مدار سنوات.

عدم خبرة المرأة بالألاعيب الانتخابية أدى إلى خسارتها

أرجعت الدكتورة ليلى عبد المجيد أستاذة علم النفس السياسي في جامعة القاهرة، خلال حديثها لـquot;إيلافquot; أسباب سقوط المرأة في انتخابات برلمان الثورة،إلى عوامل عديدة، من بينها، عدم قدرتها على المنافسة في ظل توسع الدوائر، والتي تحول دون الوصول إلى جميع المواطنين والتواصل معهم، إضافة إلى غياب خبرة المرأة بألاعيب الانتخابات والتحالفات، وخاصة التي تتم في اللحظات الأخيرة.

أما أخطر الأسباب، بحسب حديث الدكتورة ليلى، فهو متمثل في وجود التيار الديني وللمرة الأولى، واكتساحه لكل المقاعد إلى حدّ إضعاف فرصة المرشحين من الرجال المستقلين والليبراليين. ووجود المرأة في هذا المناخ ليس في مصلحتها.

وترى أن وجود النائبة الممثلةللتيار الديني لن يكون سوى ديكورًا للبرلمان، ولن تكون ممثلة حقيقية للمرأة المصرية، حيث ستعرض القضايا التي تتوافق مع فكرها الديني والتيار السياسي التي تمثله.

وتطالب القائمين على صياغة الدستور الجديد، بضرورة عودة كوتة المرأة من جديد لفترة ما؛ لكي يتقبل المجتمع وجود نائبة عنه في البرلمان قادرة على سحب الثقة من الحكومة.

ورفضت الدكتورة ليلى ربط سقوط المرأة في الانتخابات بغياب سوزان مبارك، مؤكدة أنها لم تكن تدافع عن حقوق المرأة، كما كان يروّج لها النظام السابق، بل إنها استغلت المرأة المصرية من أجل دخول قوانين غربية، أفسدت المجتمع والأسرة، والندم على أيام سوزان مبارك ليس في وقته ومحله،حيث يصبّ في مصلحة أعداء الثورة، التي شاركت فيها المرأة بدمها وتقديم أرواح أبنائها إلى الوطن.