انطوت ثروات بعض زعماء دول المنطقة والعالم على مؤشرات، توشي بفساد واحتكار المال العام لتكوين ثروات خاصة، وجاء ضمن قائمة هؤلاء الزعماء بشار الاسد، والرئيس المصري السابق حسني مبارك، ونظيره التونسي، ومعمّر القذافي، والرئيس العراقي الراحل صدام حسين، ورئيس وزراء تايلند المُقال ولوران غباغبو.
فرض زعماء دول العالم سرية تامة على ثرواتهم، ودار حول تكوين هذه الثروات العديد من علامات الاستفهام، التي ربما كانت سبباً في الثورات الشعبية ضد عدد من حكام المنطقة العربية. ووفقاً لقائمة اعدتها صحيفة quot;غلوبسquot; الاقتصادية العبرية، يمتلك الرئيس السوري بشار الأسد ما بين 30 إلى 40 مليار دولاراً، تدور استثماراتها بين أعضاء أسرة الأسد داخل الجمهورية السورية وخارجها.
ونقل تقرير عبري عن عناصر وصفها بالمعارضة لنظام حكم الاسد تقديراتها، بأن ثروة أسرة الأسد تجاوزت سقف الـ 40 مليار دولاراً، ويعتبر جزء كبير من هذا المبلغ ثروة خاصة للأسد الابن.
بشار الأسد وعائلته
وبحسب الصحيفة يرى quot;دورون باسكنquot; مدير وحدة الأبحاث في مؤسسة quot;انفو بروquot; الاسرائيلية، أنه من الصعب تقدير ثروة الأسد وأفراد أسرته، أو ترجمتها إلى أرقام محددة.
وإنما يمكن التأكيد على أن ما بين 12 إلى 15 مليار دولاراً، هي الجانب الأكبر من ثروة اسرة الاسد، يديرها quot;رامي مخلوفquot; ابن خال الرئيس السوري بشار الاسد وكاتم اسراره.
إذ قام مخلوف بجمع مبالغ مادية ضخمة، هي في الاساس حصيلة عمليات الخصخصة الاقتصادية التي جرت في سوريا خلال الاونة الاخيرة في مجالات العقارات والمواصلات والهواتف النقالة والمناطق الحرة.
ومن بين فروع عائلة الاسد، التي تدير جزءاً من تلك الاموال quot;اسرة الاخرسquot;، التي تنتسب اليها quot;اسماquot; زوجة الرئيس السوري، ويبلغ حجم الاموال التي يستحوذ عليها هذا الفرع مليار دولار، يجري استثمارها في شركات عقارية في لندن ولبنان.
وخلال الاشهر القليلة الماضية اسست الاسرة شركة لتنظيم العمليات الاستثمارية التي تخصّ اموالها. اما جميل الاسد شقيق الأسد الاب، فيستأثر بما يربو على خمسة مليارات دولار، وبعد وفاة جميل اتضح انه كان يمتك ما يزيد عن 160 منزلاً في سوريا، وعددًا لا يقل عن ذلك من القصور والفيلات في اوروبا، خاصة في فرنسا، وتم ايداع مبالغ كبيرة من امواله في مصارف في اوروبا ولبنان، الامر الذي خلق اجواء من الخلافات بين اسرته quot;الورثةquot;، حول حصول كل طرف على نصيبه من التركة.
اما ثروة كامل الاسد ابن عم بشار فتدور في حجمها وفقاً لصحيفة غلوبس العبرية حول ملياري دولار، ويسيطر كامل الاسد على معظم الاستثمارات في منطقة الساحل الشمالي لسوريا. ويأتي دور رفعت الاسد المنفي في فرنسا، عم الرئيس السوري بشار، إذ تقدر ثروته بما بين 4 الى 7 مليارات دولار، ويضع رفعت الاسد معظم استثماراته وثروته في فرنسا واسبانيا، ويعد رفعت من اكبر المستثمرين في بورصة باريس، إذ يمتلك فندقاً كبيراً في ضاحية مارسي الفرنسية، وكازينو في مالطا، إضافة الى محطة تلفزيونية quot;ANNquot;.
مبارك الأب والأبناء
ويحتل الرئيس المصري السابق حسني مبارك المركز الثاني في قائمة الصحيفة العبرية، التي اكدت امتلاك اسرته ما بين 40 الى 70 مليار دولار.
ووفقاً لما نقلته صحيفة quot;غلوبسquot; عن نظيرتها البريطانية الـ quot;تليغرافquot;، نقل مبارك امواله الخاصة التي تقدر بثلاثة مليارات دولار الى مصارف في نيويورك ولندن وباريس وبفرلي هيلز.
وكانت معلومات أخرى قد تناقلتها وسائل الاعلام قد اشارت الى ان مبارك يضع امواله في بنك UBS السويسري، وبنك quot;أوف سكوتلاندquot; التابع لـ quot;لويدسquot; البريطاني، ووفقاً لمعلومات نشرها احد مراكز الابحاث المصرية، يمتلك مبارك خلال السنوات الثلاثين الماضية ما يقرب من 19 طناً من البلوتونيوم، ويودعها في حساب خاص في أحد بنوك سويسرا، وتقدر قيمة البلوتونيوم الذي يمتلكه مبارك بـ 15 مليار دولار.
الى تلك المعطيات تمتلك اسرة مبارك بحسب الصحيفة العبرية عقارات quot;أصول ثابتةquot; في باريس ودبي ومدريد وفرانكفورت ومصر، ومن المعروف ان مبارك يمتلك عدداً من المنازل في منهاتن وبفرلي هيلز، بينما يمتك جمال مبارك، الذي كان يعدّه الأب لتولي مقعد الرئاسة خلفاً له عدة منازل في ارقى أحياء العاصمة البريطانية لندن، فضلاً عن امتلاك العائلة يختين تقدر قيمتهما بـ 60 مليون دولار. وتقول الصحيفة العبرية: quot;ان معظم اموال اسرة مبارك تم جمعها من خلال اتفاقيات عسكرية وشركات ائتمان وشراكة مع هيئات ومؤسسات أجنبية، كانت لها استثمارات ضخمة في مصرquot;.
ويفرض القانون المصري بحسب quot;غلوبسquot; حصول الشركاء المحليين على 51% من قيمة هذه المشاريع للحيلولة دون خروج حق الادارة بعيداً عن مصر، ويمتلك quot;جمال وعلاء مباركquot; نصيباً ليس بالقليل من اسهم توكيلات الشركات الخاصة الكبرى في مصر، ولم يدفع الشقيقان مقابلاً لحصولهما على هذه الاسهم، ومن هذه التوكيلات هيونداي، وسكودا، ومارلبورو، وشبكة مطاعم تشيلسي.
زين العابدين وليلى الطرابلسي
عن الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي، فتقول تقارير صحيفة غلوبس الاقتصادية العبرية: quot;قبل اضطراره إلى الفرار من بلاده، كانت اسرته واسرة عقيلته ليلى طرابلسي تسيطران على ما بين 30 الى 40% من اقتصاد تونسquot;.
ووفقاً لمعطيات منظمة quot;ترانسفرانسي انترناشيونالquot; جمعت العائلتان مبالغ مادية ضخمة تقدر بـ عشرة مليارات دولار، شملت استثماراتها مختلف المصارف وشركات التأمين والسياحة والمؤسسات العقارية العملاقة.
وطبقاً لتقارير موثقة، حوّلت ليلى طرابلسي ما يقرب من 1.5 طن من الذهب الى دبي، منذ اندلاع الشرارة الاولى للثورة التونسية، فكان التونسيون على قناعة بأن اسرتها هي رمز الفساد الاول في بلدهم، إذ كان اشقاؤها يهيمنون على الفنادق الفاخرة في تونس، والمحطات الاذاعية والمصانع والشركات العقارية والاراضي التي تم تمويل شرائها عن طريق روض ممنوحة بنوك سيطر عليها بن علي ورجاله، وتمكنت ليلى من خلال هذه القروض والمنح من بناء مدرسة، خاصة بأبناء الطبقة الثرية من الاجانب والتونسيين.
وكانت ليلى قد حصلت على قطعة الارض التي اقيمت عليها المدرسة في مدينة قرطاج كمنحة من الحكومة التونسية، تلا ذلك حصولها على قرض من الحكومة التونسية بقيمة مليون ونصف مليون دولار، الا انها باعت المدرسة قبل تشغيلها إلى عدد من المستثمرين البلجيكيين مقابل مبلغ ضخم، لم يُعلن عن مقداره، من دون ان تتكلف دولاراً واحداً.
إضافة الى ذلك سيطر اشقاء قرينة الرئيس التونسي على منظومة المصارف في البلاد، بينما اشترى ابن اخ الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين 17% من اسهم البنك التجاري التونسي، قبل ان تتم خصخصة البنك بفترة وجيزة، وبذلك سيطر مبروك ابن شقيق الرئيس التونسي على البنك، الذي تم طرح 35% من اسهمه للبيع للجمهور.
وبحسب الصحيفة العبرية لم تغفل ليلي الطرابلسي نصيب والدتها quot;الحاجة ناناquot; من كعكة ثروة الرئاسة التونسية، إذ اضحت حماة زين العابدين بن علي وسيطاً رئيساً في كل الصفقات الكبيرة مقابل حصولها على نسبة ليست بالقليلة.
القذافي واستثماراته المتشعبة
اما الزعيم الليبي معمّر القذافي فقدرت ثروته بـ 30 مليار دولار بحسب صحيفة غلوبس العبرية، التي اشارت الى انه في اعقاب العقوبات التي فرضها مجلس الامن الدولي على نظام الحكم في طرابلس، منعت الولايات المتحدة القذافي وعائلته من التصرف في ثروة تقدر بـ 30 مليار دولار، واعلنت عن ذلك في حينه وزارة الخزانة الاميركية، كما تم تجميد اموال لأسرة القذافي في البنوك الكندية بلغت قيمتها 2.4 مليار دولار.
فيما ابلغ بنك استراليا المركزي عن تجميد 1.6 مليار دولار، واحبطت بريطانيا محاولة القذافي تحويل 1.4 مليار دولار، غير ان الرئيس الليبي لا يزال يمتلك ثروة كبيرة داخل بلاده، كان تم توزيعها على مختلف البنوك والمؤسسات العقارية والتجارية.
ووفقاً لما نقلته آلة الاعلام العبرية عن التايمز البريطانية، نقل القذافي سراً خلال الاونة الاخيرة 4.8 مليار دولار إلى أحد مراكز الاستثمار العملاقة الخاصة في لندن، بينما يمتلك ابنه سيف الاسلام اقطاعية كبيرة في العاصمة البريطانية، طرحها أخيراً للبيع مقابل 18 مليون دولار.
اما معظم ثروة سيف الاسلام الخاصة فتقدر بـ 70 مليار دولار، ويوجد هذا المبلغ الضخم وفقاً لتحقيق نشرته صحيفة quot;نيويورك تايمزquot; في أحد الصناديق الاستثمارية التي اقامها القذافي الابن منذ خمس سنوات تقريباً، ويستثمر هذا الصندوق امواله في دار النشر البريطانية العملاقة quot;بيرسونquot;، ونادي كرة القدم الايطالي quot;يوفنتوسquot;. إضافة الى ذلك استثمر معمّر القذافي بعينه في عام 2009 ما يقرب من 22 مليون دولار، في شبكة متشعبة من الفنادق الايطالية، خاصة في مقاطعة quot;لاكويلاquot;.
تدور علامات الاستفهام، التي ابرزها تحقيق الـ quot;نيويورك تايمزquot; حول سيولة مادية تقدر بـ 50 مليار دولار، كان صندوق الاستثمارات الذي انشأه القذافي الابن يستحوذ عليها، إذ يقول عدد من الخبراء والمستخدمين في الصندوق: quot;انها ارصدة سرية، وكانت آخر دورة استثمارية لها في عام 2008، وتوجد معظم هذه الاموال في بنوك ليبية ودول اخرى في منطقة الشرق الاوسط، بعيداً من امكانية خضوعها إلى العقوبات الدولية المفروضة على ليبياquot;.
وتنقل صحيفة غلوبس العبرية عن وثائق ويكيليكس، ان حجم ثروة القذافي كانت سبباً مباشراً في نشوب خلافات حادة بين ابنائه، الذين يحصلون على دخل ثابت من ايرادات ليبيا النفطية، إذ يتخطى حجم صادراتها النفطية حاجز عشرات مليارات الدولارات سنوياً.
صدام حسين وقصي
لم ينس تقرير صحيفة quot;غلوبسquot; العبرية الحديث عن ثروة الرئيس العراقي السابق صدام حسين، مشيراً الى ان ثروته كانت تقدر في الماضي بما بين 10 الى 20 مليار دولار، كانت كلها حصيلة ما دخل حسابه الخاص من صفقات واستغلال الثروات العراقية.
ووفقاً لتقديرات وصفتها quot;غلوبسquot; بالغربية، امتلك الرئيس العراقي الراحل شبكة شركات مالية سرية في جنيف، أدارها آنذاك عدد من كبار رجال الاعمال العراقيين، وعمل هؤلاء في تلك الشبكة غطاء للرئيس العراقي المخلوع او بالوكالة عنه، سواء بتهديد من صدام حسين، او بعد حصولهم على اموال ضخمة على سبيل الرشى.
وحتى الان بحسب الصحيفة العبرية ليس من المعروف مصير هذه الاموال او الشركات التي كانت تُدار لحساب صدام حسين، الا انه خلال السنوات الماضية تمكنت العقوبات المفروضة على بغداد من تجميد 5.5 مليار دولار في الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا وسويسرا وفرنسا، ووفقاً لتقديرات اقتصادية غربية اودع صدام حسين 3 مليارات دولار في بنوك سورية.
وقبل ساعات معدودة من الغزو الاميركي العراق، سحب قصى ابن صدام حسين مليار دولار من البنك المركزي العراقي، ووضع نصف هذا المبلغ في حسابه الخاص. اما النصف الاخر فوضعه في حساب احد كبار مستشاري والده. وفي ما يتعلق بأموال قصى صدام حسين فتشير تقديرات عبرية الى انه احتفظ بها قبل وفاته لدى احدى الأسر السورية المقربة من عائلته.
تكشين شينوترا، ولوران غباغبو
لم تقتصر معطيات صحيفة quot;غلوبسquot; العبرية على ثروات الزعماء العرب، وانما وصلت الى زعماء عالميين، وذكرت في مقدمتهم رئيس وزراء تايلند المُقال quot;تكشين شينوتراquot;، مشيرة الى انه كان معروفاً بلقب برلسكوني جنوب شرق آسيا quot;بعيداً من قضاياه الجنسيةquot;.
وطبقاً للمعلومات العبرية، امتلك شينوترا 1.9 مليار دولار quot;غير خاضعة للضرائبquot;، وقبل اقالته من رئاسة الوزراء انتج عدداً من الافلام التسجيلية، التي اوضح فيها كيف اعاد بناء الاحياء الفقيرة في بلاده على نفقته الخاصة. ومثل نظيره الايطالي اشترى شينوترا نادياً لكرة القدم quot;مانشستر سيتيquot;، الذي باعه بعد ذلك بعام لعدد من اثرياء النفط في أبوظبي مقابل 210 مليون جنيه استرليني، ليحقق مكاسب من وراء تلك الصفقة بلغت 20 مليون جنيه استرليني.
وكان رئيس وزراء تايلند المُقال يمتلك ثروة تقدر بـ 2.3 مليار دولار، غير ان المحكمة العليا في تايلند قضت بمصادرة 1.4 مليار دولار من امواله، معلنة في حيثيات حكمها ان شينوترا جمع بعض امواله من مصادر غير شرعية، ولزم عليها التنازل عن جزء منها لمصلحة البلاد، وكان شينوترا قد حوكم وأدين بتهمة استغلال اموال الدولة العامة في دعم ثروته ومشروعاته الخاصة.
اما لوران غباغبو، الذي تدور حول شرعية رئاسته لساحل العاج اجواء من الجدل، فتشير معطيات صحيفة quot;غلوبسquot; العبرية، الى انه من الصعب تعقب حقيقة ما يدور من قضايا فساد او غيرها في بلاده، نظراً إلى انشغال وسائل الاعلام العربية والعالمية بتغطية التطورات السياسية الدراماتيكية في منطقة الشرق الاوسط، غير ان المؤشرات المؤكدة تشير الى انه قبل خسارة غباغبو في الانتخابات الرئاسية، ورفضه التنازل عن منصبه، الامر الذي كان سبباً في اندلاع حرب اهلية في البلاد، سحب غباغبو بطريق غير مشروع ما يربو على 152 مليون يورو من البنك المركزي التابع لدول غرب افريقيا.
التعليقات