عاهل الأردن مستقبلا رئيس وأعضاء الهيئة المستقيلة
في خطوة غامضة حتى الآن، وضع رئيس وأعضاء هيئة عليا معنية بمكافحة الفساد في الأردنإستقالاتهم بتصرف رئيس الحكومة، دون أن تصدر أي إشارات بعد لمن سيخلفهم، وسط أنباء متضاربة حول مصير هذه الهيئة.

من دون مقدمات وضع القاضي والقانوني الدكتور عبد الشخانبة رئيس هيئة مكافحة الفساد الأردنية ndash; هيئة ملكية عليا تعنى بملاحقة قضايا الفساد داخل الأردن- إستقالته من منصبه الذي ظل يشغله منذ مطلع عام 2007، وقت تأسيس الهيئة، إذ ترددت معلومات في الداخل الأردني بأن الدكتور الشخانبة قد وضع إستقالته خلال الأشهر الماضية أكثر من مرة، إلا أن الغامض هو إقدام خمسة أعضاء آخرين في الهيئة على وضع استقالاتهم بتصرف رئيس الحكومة الأردني سمير الرفاعي، الذي تردد أنه ينوي إعادة تشكيل المجلس، بعد فترة تجميد قصيرة، لتعديل قانون الهيئة ليصبح أكثر تشددا على صعيد صلاحيات الرقابة والملاحقة في قضايا الفساد.

وتأتي إستقالة الشخانبة والأعضاء في هيئة مكافحة الفساد التي كانت على إتصال وتواصل دائمين مع العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني على مدى السنوات الثلاث السابقة التي أعقب تشكيلها بقرار ملكي أعلى، في إطار تعيين رئيس جديد للهيئة، وأعضاء جدد، بعد أن بقي الأعضاء المستقيلون بلا تغيير منذ تأسيس الهيئة، إذ لم تبد أي إشارات حتى الآن توحي بأن الحكومة الأردنية بصدد تسمية رئيس جديد للهيئة، وأعضاء آخرين في مجلسها، رغم ورود إسم جنرال الإستخبارات الأسبق ndash;الوزير والنائب لاحقا- سميح بينو ليشغل المهمة بسبب خبرته الطويلة في مجال مكافحة الفساد حين أسس وأدار قسما لمكافحة الفساد ضمن نطاق جهاز الإستخبارات الأردني عام 1996، إلا أن صاحب فكرة هذا الجهاز الجنرال سميح البطخي المدير الأسبق للإستخبارات الأردنية، حوكم وأدين وسجن بعد تقاعده على خلفية قضية فساد ضخمة تضمنت الإحتيال على مصارف أردنية، وتلقي رشى وعمولات من خلال استغلال وظيفته.


وتدور الإنطباعات في العاصمة الأردنية بأن الحكومة الأردنية منذ تشكيلها في منتصف شهر كانون الأول/ ديسمبر الماضي، وجدت أن قانون هيئة مكافحة الفساد بشكله الحالي، لا يلبي رغبة الحكومة المدعمة بتوجيهات مرجعيات عليا بتحجيم الفساد في الأردن، وإخضاع أبرز المتورطين في قضاياه على مدى العقود الماضية، وأن قانونه الذي صمم عام 2005 إثر رسالة ملكية الى رئيس الوزراء الأردني السابق عدنان بدران، يحتاج الى كثير من التشريعات الإضافية، وتعديله بحيث يتم توسيع صلاحياته التحقيقية والرقابية، وهو أمر غير متاح حاليا بسبب عدم رغبة الحكومة في إصدار قانون موقت، نظرا إلى غياب البرلمان الأردني منذ أكثر من عام إثر حل الملك الأردني له، والدعوة إلى انتخابات مبكرة، تقرر أن تجري في التاسع من الشهر المقبل.

وفي شهر آذار/مارس الماضي صدرت أنباء في العاصمة الأردنية أن رئيس هيئة مكافحة الفساد قد استقال من منصبه، وأن القانوني والنائب السابق غالب الزعبي بات مرشحا للحلول مكانه، إلا أنه سرعان ما تبددت هذه المعلومات مع رفض مرجعيات أردنية البت باستقالة الشخانبة، وتفضيل بقائه في منصبه، قبل أن يعين الزعبي رئيسا لديوان التشريع والرأي الذي يتبع الحكومة، الأمر الذي قاد إنطباعات بأن هيئة مكافحة الفساد بعيدة عن التغيير في الوقت الراهن، أقله حتى إجراء الإنتخابات الأردنية المقبلة.

يشار الى أن العاهل الأردني كان قد طلب من رئيس حكومته عام 2005 إنشاء الهيئة مطالبا باستقلاليتها وضمان عملها بعيدا عن أي تأثير أو تدخلات من أي جهة كانت وأن تخضع لمعايير المساءلة والمحاسبة، وطالب المليك حينها بأن يشمل عمل الهيئة جميع مؤسسات الدولة والمجتمع المدني والشركات المساهمة العامة والمؤسسات التي تتعامل مع القطاع العام، وأن يتم اختيار الأشخاص المنضويين في عمل هذه الهيئة عبر آلية تسمح بمشاركة السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية في عملية تزكيتهم والتوصية بهم، وفق أسس ومعايير واضحة ومنضبطة ، وان يتم رفد هذا الجهاز بما يتطلبه من إمكانيات ومتطلبات، بما في ذلك ما يحتاجه من كوادر الادعاء العام والتحقيق وضمان سهولة الوصول للمعلومات.