لم تكن الأشهر الثلاثة الاولى من عمر الحكومة الأردنية برئاسة سمير الرفاعي صافية سياسيًا واجتماعيًا بل كانت صاخبة بملفات لا بل مطبات حادة كان بعضها اصطناعيا بفعل بعض الوزراء الذين يدخلون سدة السلطة التنفيذية لاول مرة، وتحولت المطبات الى أزمات واقعية ترجمت عبر إعتصامات خرجت الى الشوارع، فمن المعلمين الذين يطالبون بحقهم في نقابة، الى عمال مياومة الذين تم فصلهم وبات مصيرهم مهب الرياح.
عمان: رغم وصفات التهدئة الحكومية لاحتواء تلك الأزمات وإنهاء إعتصامات أكثر الفئات تأثيرًا على المجتمع وهم المعلمون، وإرضائهم بتفعيل علاوة المهنة بقيمة خمسة بالمائة على الراتب، وإنشاء روابط لهم في ظل إصرار الحكومة على قضية عدم دستورية نقابة المعلمين، الحلم الذي لن يحقق واقعيا.
إلا أن الأزمات التي أحرجت الحكومة شعبيًا وباتت مطالبة بحل لاحتواء الأزمة التي افتعلها وزير التربية والتعليم الدكتور ابراهيم بدران اثر توجيه انتقاد للمعلمين والتعليق على مسألة الاناقة والترتيب، ويشير بعض المعلمين الذين تحدثت معهم quot;إيلافquot; أن ما quot;زاد الطين بلةquot; تصريح وزير الإعلام الدكتور نبيل الشريف الذي هدد المعلمين المعتصمين بتنفيذ قانون الخدمة المدنية في حقهم من الإستجواب ولفت النظر، وتهديدهم بالفصل.
ويعلّق الناطق الإعلامي للمطالبة بإحياء نقابة المعلمين شرف ابو رمان قائلا ان quot;خطوات الحكومة لاحتواء الازمة كانت معقولة لكنها لم تضف الجديد، فلا يمكن توجيه كلمات الترحيب ازاء قرارها لأنه اساسا موجود منذ عام 1993 وتم تجميده من قبل وزير التربية السابق الدكتور خالد طوقان، وما فعلته الحكومة هو اعادة احيائهquot;. ويصر ابو رمان ان على الحكومة التحاور ومنح المعلمين حقهم بتأسيس نقابة ووضع الشروط التي تريدها كضمانات لعدم تسييس هذه النقابة.
وتشير مصادر رسمية مطلعة لـquot;إيلافquot; الى قرب التعديل الحكومي في ظل إفتعال تلك الأزمات من قبل وزراء، وحسب المصادر ذاتها فإن التعديل سيشمل من 5الى7 حقائب وستشمل quot;خروج بعض الوجوه من الحكومة لانها باتت عبئا عليها خصوصا مع غياب التوافق مع الفريق الحكومي الحاليquot;، إلا أن التعديل الحكومي لن يشمل الوزارات السيادية، وفقًا لتلك المصادر.
ولكن توقعات المراقبين بشقيه السياسي والصحافي يرجح خروج وزير التربية والتعليم الحالي، الزراعة، البلديات، الإعلام، والبيئة كونهم من اكثر الوزراء الذين وضعوا الحكومة في أزمات من خلال تصريحاتهم الصحافية.
وفكرة التعديل التي تطرح مبكرًا من عمر الحكومة الحالية قد تخلق حالة من الإرتياح الشعبي خصوصًا ان المطالبة بإقالة وزير التربية والزراعة والاعلام باتت مطلبًا شعبيًا وضروريًا لإدامة مصداقية الحكومة التي توصف في الشارع السياسي الحكومي على انها quot;حكومة تعمل بجدية رغم الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها المملكة الاردنية الهاشمية quot;.
ومن الامور التي حسنّت من صورة الحكومة رغم فرضها العديد من الضرائب التي اثقلت كاهل المواطن، وشهدت اسعار المشتقات النفطية ارتفاعا في عهدها، فتح ملفات الفساد ووجود ارادة حقيقية لمحاربته.
ويشير رئيس لجنة عمال المياومة محمد سنيد لـquot; ايلاف quot; الى ان quot;الحكومة الحالية غير جادة في حل قضية فقراء الوطن من عمال المياومة البالغ عددهم 265 في وزارة الزراعة وانه رغم اعتصاماتهم المتكررة خلال الفترة الماضية اذ لم نحظَ بالاهتمام، ولم نشكل اولوية لدى الحكومة quot;.
مضيفًا انه quot;رغم ان قضية الاختلاس في وزارة الزراعة التي تجاوزت مليون دينار اردني كانت وراء فصل هؤلاء العمال لان بطل هذه القضية والمسؤول من وجهة نظرنا هو وزير الزراعة quot;.
ويؤكد ان الهدف من التواصل في الاعتصامات هو لإنصاف هؤلاء العمال الذين هم الحلقة الاضعف التي يبدو ان الحكومة لا تريد انهاء مشكلتهم، وهذا يبدو واضحا من خلال الوعود التراكمية لهذه الحكومية والتي اغلبها غير منطقية وغير منصفة بحق هؤلاء العمال. مصيفًا quot;ان اعتصام هؤلاء العمال سلمي للمطالبة بحقوقهم وهو ليس ضد الحكومة، بل لشجب سياسة ظالمة ونهج وزير قائم وهو وزير الزراعة الحالي سعيد المصري quot;.
ويتفق كل من ابو رمان مع سنيد ان اقل ما يمكن القيام به لامتصاص الغضب الشعبي و لحفاظ الحكومة على مصداقيتها وشعبيتها يكون عبر إقالة كل من وزيري الزراعة والتربية والتعليم.
واكد ابو رمان ان اللجنة مستمرة بالمطالبة بنقابة المعلمين لحمايتهم وليصبح لهم مظلة للدفاع عن حقوقهم وكيانهم وهيبتهم، وليس كما تقترح الحكومة روابط بل يعتبرها ابو رمان اخطر ومجال التسييس فيها اكبر quot;فهل يعقل انشاء 12 رابطة ما دورها ولن تكون بديلا عن النقابة؟quot;.
ويرى مراقبون ان على الحكومة التعامل مع القضايا حتى الصغيرة منها كي لا تتفاقم وتصبح ازمات وتشكل قوة ضغط على الحكومة، بل النصائح الموجهة للحكومة هي بالتعامل مع اي قضية حتى لو كانت صغيرة وتأثيرها قليل في ظل وضع اجتماعي بات العنف ووضع اقتصادي صعب شعاره.
فهل ستنجح ظاهرة الاعتصامات المتكررة والخروج الى الشارع للإعتراض ولتثبيت قضية حاضرة ازدهرت في حاضنة الحكومة الحالية في جذب انتباه الحكومة لإيجاد حل حقيقي للمشاكل المتفاقمة.
التعليقات