من المتوقع أن يمثل الصحافي العراقي زياد العجيلي أمام القضاء غداً الخميس بتهمة المساس بالحكومة وإثارة خوف الرأي العام بسبب نشره تقريراً عن وجود تجاوزات كبيرة وتلاعب وغش وهدر في مشروع المدينة الرياضية في البصرة على مستوى تنفيذ التصاميم المعدة او المواد الانشائية المستخدمة.


مازالت الدعوى القضائية التي رفعتها وزارة الشباب والاعلام على صحيفة عراقية محلية مؤخرا مطالبة بتعويض قدره مليار دينار عراقي تثير ردود افعال كبيرة حيث كان الصحافي زياد العجيلي قد نشر تقريرا في صحيفة محلية عن وجود حالات هدر للمال العام في مشروع المدينة الرياضية في البصرة لاستيعاب قرابة 65 الف متفرج.

وقال العجيلي quot;اتفقنا على نشر التقرير الذي اعده مهندسون لصالح جهة رقابية في صحيفة quot;العالمquot; على ان ينشر بما حمل من معلومات مكتوبة بلغة علمية وكنا في انتظار رد علمي هندسي من الجهات المسؤولة عن المشروع الرياضي ووزارة الشباب والرياضة جهة تنفيذ المشروع الرسمية خصوصا وان المشروع يعتبر الاضخم في العراق وذلك لخلق قنوات حوار مهمة معها وبالتأكد من ان حق الرد مكفول لكن الرد جاء من المحكمة المختصة بقضايا الاعلام وجرى ابلاغ الصحيفة بوجود دعوى قضائية مقامة ضدها من قبل الوزارة تطالب فيها بان تدفع الصحيفة تعويضا لها مقداره مليار دينار عراقي (نحو مليون دولار) بسبب نشر التقريرquot;.

واشار العجيلي الى انه لم يكن ممكنا تجاهل التقرير الهندسي وعدم نشر فحواه لأن الامر يتعلق بمدرجات ملاعب عليها ان تتحمل شغف 65 الف متفرج ولا بد من اثارة الموضوع لدفع المسؤولين الى التأكد على الاقل من صحة ما جاء فيه او رده بطريقة علمية وطمأنة الرأي العام.

وقال العجيليquot;ان كشف النواقص مهمة كبيرة على عاتق الجميع يجب ان تحظى بتعاون من قبل جميع مؤسسات الدولة. فنحن كصحافيين لن ننجح في كشف المشاكل بمفردنا وسط هذه الضغوطات بل نحتاج الى أن نكون جزءا من منظومة تشمل الصحافة وهيئة النزاهة ومجلس القضاء والادعاء العام ومجلس النواب ووزارات الدولة نفسها.

وقال العجيلي في تصريح لإيلاف: quot;فوجئت برد وزارة الشباب والرياضة المتشنج وبدلا من ان تعمد لمتابعة التقرير والاستفادة من المواد الهندسية الدقيقة الواردة فيه فانها عمدت الى الرد عن طريق رفع دعوى قضائية ضدي وعلى الصحيفة التي نشرت التقرير بتهم عدة منها المساس بالحكومة واثارة خوف العامةquot;.

وعبر عن استغرابه من التهم الموجهة اليه وللصحيفة متسائلا quot;هل مصلحة الحكومة اهم من مصلحة المواطن والوطن وهل يتوجب علينا ان نحرص كاعلاميين على مصلحة الحكومة دون المجتمع العراقي وهل يجب ان نسكت عن التجاوزات وهدر المال العام وحالات الفساد من اجل حماية الحكومة ثم ما علاقة الحكومة بوزارة او مؤسسة هناك مؤشرات على حدوث هدر وتلاعب وغش في المال العام في مؤسساتهاquot;.

واشار العجيلي الى ان لجؤء وزارة الشباب والرياضة لرفع دعوى قضائية انما ياتي من باب التهديد والضغط quot;لمنعنا من ممارسة دورنا الرقابي في ملاحقة وكشف الفساد الاداري والمالي ويبدو ان الوزارة لاتريد للاعلام ان يؤدي مهمته لانها لاتؤمن بالاعلامquot;.

واوضح ان المادة 38 من الدستور كفلت حرية الاعلام والنشر quot;وعندي ثقة كبيرة بالقضاء العراقي الحريص على محاربة الفساد ونحن مطمئنون لنزاهة القضاء العراقي واستقلاليته خصوصا مع وجود قضاة يهتمون بالمصلحة الوطنية ومصلحة المجتمع وكشف الفساد وملاحقتهquot;.

وطبقا للتقرير المنشور في جريدة العالم فان مشروع (المدينة الرياضية في البصرة) الذي يعد احد أكبر مشاريع البنى التحتية في البلاد على مستوى التخصيصات المالية، يفتقر الى quot;المواصفات المرجعيةquot;، فضلا عن أن الخرائط التي تصدر عن مكتب التصميم quot;تحتوي على الكثير من الأخطاء وتفتقر إلى التفاصيل الدقيقة التي يحتاجها العملquot;.

وتتولى مجموعة عبدالله الجبوري وهي الشركة الفائزة بمناقصة إنشاء المدينة الرياضية في البصرة، تنفيذ المشروع، ويفترض ان الشركة تتحالف مع شركتين أميركيتين في إقامته. وتقول مجموعة الجبوري انها تقوم ببناء ملعب أولمبي رئيس يتسع لنحو 65 ألف متفرج، وآخر ثانوي يتسع لعشرة آلاف متفرج، الى جانب ثمانية ملاعب للتدريب وذلك الى جانب مبان سكنية مؤلفة من أربعة طوابق تخصص لإقامة وفود الفرق المشاركة في البطولة، إلى جانب إقامة مشاريع خدمية أخرى ضمن المشروع.

ومن المفترض ان يستمر 32 شهرا وينتهي في 31 كانون الأول/ ديسمبر 2012 أي قبل تسعة أشهر من انطلاق بطولة quot;خليجي 21quot; التي يستضيفها العراق. ويعد المشروع واحدا من اضخم المشاريع في العراق، من حيث مرافقه وميزانيته، حيث تبلغ كلفته نحو 650 مليار دينار عراقي (550 مليون دولار).

واورد التقرير المعد للعرض على الهيئات الرقابية العليا في البلاد ان مخططات هذا المشروع العملاق الذي تتولى وزارة الشباب والرياضة مسؤولية تنفيذه تفتقر الى quot;قائمة بالحسابات التصميمية تبين طريقة التصميم والأحمال المسلطة والإجهادات والكودات المستخدمة بالتصميمquot;، وهو الاسلوب المتبع في المخططات العالمية، ما يعرض منشآت المشروع الى خطر الانهيار، بسبب الافتقار الى المواصفات القياسية في البناء.

وكانت وزارة الشباب والرياضة تعاقدت مع شركة مقاولات محلية لتنفيذ المشروع، وقامت هذه الشركة بدورها بالتعاقد مع مكتب اميركي متخصص لاعداد تصاميم المشروع، كما تعاقدت الشركة مع مكتب ادارة أميركي لادارة العمل في المشروع حسب جدول زمني محدد، فضلا عن تعاقدها مع مكتب هندسي محلي لاجراء الفحوصات على اعمال الركائز. لكن التقرير الفني يؤكد ان مهندسا عراقيا يعمل في شركة المقاولات المحلية التي تعاقدت على العمل مع الوزارة هو من يقوم quot;بمعظم أعمال التصاميم الإنشائية للمشروع بدلاً من الشركة الأميركيةquot;.

ويقول التقرير انه quot;لا يوجد كادر أميركي تابع لهذه الشركة في موقع العمل لمتابعة الأخطاء التصميمية أو التغييرات التي تحصل على المخططات موقعياًquot;، مشيرا الى ان خرائط المشروع التصميمية المصادق عليها من قبل احد مكاتب التدقيق البريطانية quot;تحتوي على الكثير من الأخطاء وتفتقر إلى التفاصيل الدقيقة التي يحتاجها العملquot;.

ويخشى إعلاميون عراقيون حاليا من نشر تقارير تكشف حالات فساد في مؤسسات ووزارات الحكومة خوفا من ملاحقات قضائية وتعويضات مالية هائلة تفرضها الوزارات المتورطة في حالات فساد في ظل ارتباك واضح في الدولة العراقية التي مازالت خطواتها لتثبيت ركائز النظام الديمقراطي متعثرة بعد مرور 7 سنوات على تغيير النظام السابق.