بدأتإدارة أوباما تظهر توترها المتزايد في وقت تبدو فيه عملية تشكيل حكومة جديدة بعد الإنتخابات العراقيَّة أكثر اضطرابًا ومللاً مما كان متوقعًا.

واشنطن: قالت صحيفة كريستيان ساينس مونيتور إن إدارة الرئيس باراك أوباما بدأت تظهر توترها المتزايد في وقت تبدو فيه عملية تشكيل حكومة جديدة بعد الانتخابات العراقية أكثر اضطرابا ومللا مما كان متوقعا. وبعد أسابيع من التشجيع من وراء الكواليس يتساءل المسؤولون الأميركيون علنا الآن عن تأثير هذه الحالة على العلاقات الأميركية العراقية وخاصة فيما يتعلق بخطط جدول انسحاب القوات الأميركية هذا الصيف. وقد بدأت المخاوف تزداد في واشنطن من أن العراق سيكون مثقلا بعبء حكومة ملطخة خاصة وأن رئيس الوزراء نوري المالكي قد استخدم ما يبدو أنها إجراءات أكثر يأسا للتشبث بمنصبه.

ونقلت الصحيفة عن المحلل السابق في الشأن العراقي بالخارجية الأميركية وين هوايت قوله إن الخوف يزداد من أن ينتهي الأمر بفوضى شبيهة بكرزاي، في إشارة إلى إعادة انتخاب الرئيس الأفغاني حامد كرزاي العام الماضي ووصم هذه الانتخابات بالتزوير. وأضاف هوايت أنه كان هناك قلق دائم طوال الوقت وكذلك التأثير الذي كان يمكن أن تتركه العملية المملة لترشيح حكومة عراقية. لكن مستقبل حكومة موصوفة بعدم الشرعية أصبح مشكلة أكبر بكثير. كذلك دعت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون القادة العراقيين لطرح خلافاتهم جانبا والتحرك السريع لتشكيل حكومة شاملة تمثل إرادة كل العراقيين.

ويعتقد بعض المحللين، وخاصة مسؤولين سابقين من إدارة بوش، أنه إذا ظل العراق بهذه الهشاشة السياسية فإن الولايات المتحدة ستضطر لدراسة تمديد بقاء بعض القوات لما بعد الوقت الذي حدده الرئيس أوباما للانسحاب. لكن هذا الخيار، كما يقول هوايت، يثير مشاكل أخرى لأميركا وخاصة فيما يتعلق بصورتها لدى الشعب العراقي وفي المنطقة. وقالوا إن استمرار هذا القلق السياسي يعني احتمال مرور شهور قبل تشكيل حكومة جديدة.

وقال هوايت إن إدارة أوباما ستكون أمام خيار موجع حقا بشأن كيفية تعاملها مع الحكومة إذا نجحت جهود المالكي في تمسكه بالسلطة. وهذا يمكن أن يعني تجدد عدم الاستقرار السياسي ويضع الولايات المتحدة في موقف حرج بأن تتعامل مع يفترض على نطاق واسع أنها حكومة غير شرعية.

الفوضى السياسية مستمرة

إلى ذلك قالت مجلة تايم الأميركية إن النظام الديمقراطي في العراق في محنة بعد قرار المحكمة العليا ببطلان ما حصل عليه 52 مرشحا من أصوات في الانتخابات التشريعية التي جرت في مارس/آذار الماضي. وفي تقرير لمراسلها أندرو لي باطرز، ذكرت المجلة في عددها الأخير أن تلك حقيقة أقر بها السفير الأميركي لدى بغداد كريستوفر هيل الاثنين الماضي لأول مرة. ولعل السبب في ما أبداه من قلق -تقول المجلة- مرده إلى قرار المحكمة العليا.

غير أن القلق الأكبر الذي يساور هيل بعد انقضاء سبعة أسابيع منذ انتهاء الانتخابات يكمن في أن السياسيين العراقيين لم يقبلوا نتائجها، بل إنهم لم ينهمكوا بعد في مفاوضات جادة لتشكيل حكومة جديدة. ونقلت تايم عن السفير قوله إنه يشاطر أولئك الذين يرون أن الوقت حان لكي ينخرط السياسيون في تلك المفاوضات قلقهم.

وترى المجلة أن ما دفع رجل أميركا في بغداد ليطلب من السياسيين العراقيين القيام بواجباتهم الأساسية ينبغي أن يكون بمنزلة إنذار لكل من كان يأمل أن تترك الولايات المتحدة وراءها عراقا ديمقراطيا مستقرا عندما يحين موعد انسحاب آخر جنودها من هناك بنهاية العام القادم.

ومن المزمع أن تنسحب القوات القتالية الأميركية بنهاية أغسطس/آب المقبل، بيد أن مسؤولين أميركيين بدأ يتطرق إليهم الشك في إمكانية أن تكون للعراق حكومته عند حلول ذلك الوقت. وكان مسؤولون أميركيون أشاروا فيما مضى إلى أنهم ربما يعملون على إبطاء سحب القوات إذا لم تمض العملية الانتخابية على نحو سلس.

لكن حتى إن أقدمت وزارة الدفاع (بنتاغون) على تأجيل الانسحاب -كما ترى المجلة- فربما لن تستطيع أن تفعل الكثير لمعالجة الفوضى السياسية في بغداد. ومع أن القوات الأميركية -تضيف المجلة- منخرطة في معظمها في تدريب الجيش والشرطة العراقيين وتحرس حدود البلد، تقوم كذلك بتأمين quot;الديمقراطية المدنيةquot; من الانقلابات العسكرية.