إنتقدت منظمة العفو الدولية عجز الحكومة العراقية عن حماية المدنيين في بلادها ودعتها إلى نزع أسلحة جميع المليشيات وإلغاء الانتماء الديني في بطاقات الهوية وطالبت بوضع حد لعمليات الإعادة القسرية للاجئين إلى العراق، وقالت إنّ معظم عمليات قتل المدنيين يُرتكب من قبل تنظيم quot;القاعدةquot; الذي لا يزال يتمتع بوجود كبير في البلاد على الرغم من مقتل ثلاثة من كبار قادته مؤخرًا.

لندن: يوثِّق تقرير جديد أصدرته منظمة العفو الدولية اليوم بعنوان quot;العراق: المدنيون في مرمى النيرانquot; سقوط مئات القتلى والجرحى من المدنيين في كل شهر حيث تستهدف الجماعات المسلحة العديد منهم بسبب هويتهم الدينية أو العرقية أو الجنسية أو لأنهم يرفعون أصواتهم ضد انتهاكات حقوق الإنسان. واشارت المنظمة الى ان استمرار تأخر تشكيل الحكومة الجديدة قد ادى إلى تصاعد الهجمات مؤخرًا حيث شهد الأسبوع الأول من الشهر الحالي وحده مقتل أكثر من 100 شخص.

وقال مالكولم سمارت مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية quot;ان العراقيين ما زالوا يعيشون في ظل مناخ من الخوف بعد مرور سبع سنوات على الغزو الذي قادته الولايات المتحدة لبلادهم .. وبوسع الحكومة العراقية أن تفعل أكثر بكثير مما تفعله الآن للمحافظة على سلامتهم، ولكنها تعجز مرة تلو أخرى عن مساعدة الفئات الأكثر استضعافًا في المجتمعquot;.

وأضاف quot;إن استمرار حالة انعدام معرفة موعد تشكيل الحكومة الجديدة بعد الانتخابات التي جرت في الشهر الماضي يمكن أن يسهم كذلك في وقوع مزيد من حوادث العنف التي يكون المدنيون ضحاياها الرئيسين كما يهدد بجعل الأوضاع أكثر ترديًا وحيث يتعين على السلطات العراقية والمجتمع الدولي التحرك الآن لمنع وقوع المزيد من الوفيات بلا ضرورةquot;.

وطالبت منظمة العفو الدولية في تقريرها السلطات العراقية quot;بفعل المزيد لتوفير الحماية للناس المعرضين للخطر وتقديم المسؤولين عن الجرائم العنيفة إلى العدالة من دون اللجوء إلى فرض عقوبة الإعدامquot;. وقالت انه quot;في الوقت الذي تتحمل فيه قوات الأمن العراقية أو القوات الأجنبية أو أفراد العائلات المسؤولية عن بعض انتهاكات حقوق الإنسان فإن معظم عمليات قتل المدنيين يُرتكب على أيدي الجماعات المسلحة ومنها تنظيم quot;القاعدةquot; في العراق الذي لا يزال يتمتع بوجود كبير في البلاد على الرغم من مقتل ثلاثة من كبار قادته مؤخرًا.

واوضحت ان هناك مدافعين عن حقوق الإنسان وصحافيين ونشطاء سياسيين من بين الذين قُتلوا أو شُوِّهوا في العراق بسبب عملهم. وقد نجا ابراهيم الجبوري مدير العلاقات العامة في تلفزيون quot;الرشيدquot; من هجوم استهدفه في الثالث عشر من الشهر الحالي حيث فقد ساقيه في انفجار قنبلة زُرعت في سيارته أثناء توجهه إلى مكتبه ببغداد.

وأكدت أن الأقليات الدينية والعرقية ظلت هدفًا للهجمات حيث قُتل ما لا يقل عن ثمانية مسيحيين في الموصل في شباط 2010(فبراير) الماضي نتيجة هجمات طائفية على ما يبدو. وفي السابع عشر من الشهر نفسه أوقف رجال مسلحون مجهولو الهوية الطالبيْن المسيحييْن ضياء توما البالغ من العمر 22 عامًا ورامسين شميل البالغ من العمر 21 عامًا عند موقف للحافلات في الموصل وطلبوا منهما إبراز بطاقتي هويتهما وعندما فتح المسلحون النار قُتل توما وأُصيب شميل بجراح، ولكنه ظل على قيد الحياة، على ما يبدو.

واشارت المنظمة الى أنّ النساء والفتيات بشكل خاص عرضة لأعمال العنف من جانبين: الجماعات المسلحة وأفراد عائلاتهن. واوضحت أنّ عدد الرجال الذين عُرف بأنهم أُدينوا بجرائم الاغتصاب في العراق قليل جدا وكثيرًاماتذهب النساء ضحايا لما يسمى بـ quot;جرائم الشرفquot; على أيدي أقربائهن إذا اعتبروا سلوكهن منافيًا للمعايير الأخلاقية التقليدية من قبيل رفض الزواج من رجال اختاروهم أزواجًا لهن كما استُهدف نشطاء بسبب جهرهم بالدفاع عن حقوق المرأة.

واضافت انه في كثير من الاحيان تعجز السلطات عن إجراء تحقيقات وافية ومحايدة في الهجمات ضد المدنيين أو القبض على المشتبه فيهم أو تقديم الجناة إلى ساحة العدالة بل إنها تُتهم بالضلوع في الهجمات العنيفة في بعض الحالات.

وقالت انه نتيجة لاستمرار حالة انعدام الأمن أُرغم مئات اللآلاف من العراقيين ومن بينهم عدد كبير وغير متناسب من أفراد الأقليات على الفرار من ديارهم. كما أن النازحين واللاجئين يتعرضون أكثر من غيرهم لأعمال العنف فضلاً عن الصعوبات الاقتصادية.

ودعت منظمة العفو الدولية السلطات العراقية إلى اتخاذ تدابير فورية لتحسين مستوى سلامة المدنيين وان تتشاور مع أفراد الجماعات المعرضة للخطر من أجل التوصل إلى الطرق الفضلى لحمايتهم.

وقالت انه quot;في هذه الأثناء يتعين على السلطات البدء بإجراء تحقيق سليم في الهجمات ضد المدنيين وتقديم الجناة المسؤولين عن تلك الجرائم، أيًا كانوا، إلى العدالة وفقًا للقانون الدولي كما يتعين على السلطات نزع أسلحة جميع المليشيات وإلغاء بيان الانتماء الديني في بطاقات الهويةquot;. وطالبت الجماعات المسلحة في العراق بوضع حد فوري لانتهاكات حقوق الإنسان بما فيها الاعتداءات على المدنيين وعمليات الاختطاف والتعذيب.

كما دعت منظمة العفو الدولية ايضًا إلى وضع حد لجميع عمليات الإعادة القسرية للاجئين إلى العراق طالما ظلت البلاد في حالة عدم استقرار. واوضحت أن حكومات أوروبية متعددة تقوم بإعادة أشخاص قسرًا إلى العراق بما في ذلك إلى المناطق الأشد خطورة- وهو ما يعتبر انتهاكاً مباشراً للمبادئ التوجيهية التي وضعتها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

واشات المنظمة الى انها قد تحدثت الى عدد من العراقيين ممن أعادتهم الحكومة الهولندية قسرًا نهاية الشهر الماضي وكان من بين أولئك اللاجئين الذين بلغ عددهم 35 شخصًا رجل تركماني شيعي، عمره 22 عامًا، من quot;تلعفرquot; وهي مدينة تقع في شمال الموصل حيث قُتل مئات المدنيين في أعمال عنف طائفية أو غيرها من أعمال العنف التي وقعت في السنوات الأخيرة بدوافع سياسية وحيث يستمر العنف منفلتًا من عقاله وحتى الاسبوع الماضي كان الرجل لا يزال عالقًا في بغداد