أيًا يكن الرابح فى الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة، فليس من المتوقع أن يطرأ تحوّل لافت على سياسة الادارة الأميركية تجاه المنطقة العربية، خصوصًا في ما يخص العلاقة الأميركية الأردنية، بالرغم من اعتبار المملكة حليفًا وثيقًا، خصوصًا بعد توقيع اتفاقية وادي عربة للسلام مع إسرائيل.


انقسم الشارع الأردني بين المرشحين باراك أوباما الديمقراطي وميت رومني الجمهوري، واظهر الأردنيون عدم تفاؤلهم للمرحلة المقبلة، معتقدين أن الدعم المالي الأميركي لم يتطور ولن يتطور، لأن الاولوية الان هي للوضع الاقتصادي الداخلي، في ظل الازمة المالية التي تعيشها اميركا.

لا تستطيع روان العزة تصنيف رؤساء أميركا بين رجال حرب أو رجال سلام، quot;فأنا اعتقد أن قراري السلم والحرب مرتبطان بسياسة الدولة نفسها الموضوعة أصلًا، وليس بسياسة رجل يحكم هذه الدولة، كما أن لا فارق بين الشخصين، فالسياسة الأميركية لا تتغير بتغيير من يجلس على كرسي الرئاسةquot;.

واعتبرت العزة أن ميت رومني أو باراك أوباما غير معنيين بالأردن كشعب، إنما هما معنيان به من مجمل دول الشرق الاوسط، التي يريدون الحفاظ على علاقات جيدة بها، كي يستمروا في إنجاح ما يريدون إنجاحه أو تحقيقه من دعم لاسرائيل وحماية مصالحهم الاستراتيجية في الخليج العربي.

اما المواطن طارق الحميدي، فيعتبر أن اوباما أطلق وعودًا للعرب ولم يفِ بها، quot;لكنه افضل للأردن وللعرب، كونه يعتبر مرشحًا للديمقراطيين الذين يعتبرون أقل شغفًا بالحروب، بعكس الجمهوريين الذين نفذوا اغلب الحروب الأميركيةquot;.

ويعتبر الحميدي ان الجمهوريين سيحاولون الاستفادة من عامل المرمون ليستقطبوا بعض الجهات المانحة الكبرى من اليهود الأرثوذكس، ومن الناخبين اليهود من مؤيدي الحزب الديمقراطي على نطاق واسع.

بالرغم من ذلك.. أفضل أوباما

يرى المحامي الأردني اشرف المشاقي أن اوباما اثبت فعلًا انه رجل سلام حين قام بسحب القوات الاميركية من العراق، quot;لكن عليه، إذا ما عاد رئيسًا، أن يعمل لتحسين صورة بلاده في العالم الاسلاميquot;.

ويقول مشاقي إن العلاقة الأردنية الاميركية quot;علاقة مبنية على المؤسسات وليست على افراد، ولكن من الافضل ان يكون الرئيس هو اوباما نظرًا لقربه من العرب، خصوصًا إذا ما اتيحت له فرصة تنفيذ ما وعد به خلال خطابة في القاهرة في العام 2009quot;.

اما الطالبة الأردنية ولاء ابورصيص فترى رومني شخصية سياسية جمهورية، يسيطر عليها اللوبي الصهيوني، quot;كونه رجل اعمال له العديد من المصالحة الاقتصادية المشتركة مع جهات يهوديةquot;، مستشهدة بالزيارة التي قام بها رومني الى القدس ولقائه بالقادة الاسرائيليين ابان اطلاقه حملته الانتخابية.

وتضيف ولاء ان خيبة الامل التي اصابتها من الوعود التي اطلقها مرشحا الرئاسة الامريكية هي نتيجة لعدم تنفيذ اوباما وعوده بالدفاع عن حقوق الانسان العربي، إذ لم يستطع دعم الفلسطينيين، لكنها تقول: بالرغم من ذلك، انا أفضل أوباماquot;.

من جهته يستذكر الأردني سامي عفانة انه منذ وقت طويل لم تكتسِ حملات الدعاية الانتخابية الاميركية طابعًا دينيًا الى هذا الحد، quot;فللمرة الاولى في التاريخ الاميركي يترشح مورموني للمنصب الاعلى ويقترب من الفوز في المعركة، وميت رومني لم يتحدث مطلقًا عن ديانته، الا ان الطائفة المورمونية ستعتبر وصوله الى كرسي الرئاسة انجازًا تاريخيًا لها وبفكرها الدينيquot;

أول التقييم.. تطور العلاقات

قال سميح المعايطة، الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية، لـquot;إيلافquot; إن الأردن quot;يرتبط بعلاقات ايجابية مع الحزبين الجمهوري والديمقراطي، وخلال تناوب الحزبين في تولي الحكم، احتفظت العلاقات الأردنية الأميركية بمستويات إيجابية في كافة المجالاتquot;.

وأضاف: quot;أما الرئيس القادم فنقيمه أولًا من خلال المصالح الأردنية الناتجة من استمرار تطور العلاقات الثنائية، وثانيًا من منظور القضايا العربية وخصوصًا القضية الفلسطينية التي تعاني من جمود في مسارها السياسي، نتيجة التعنت الإسرائيلي، وما يتركه من أثر على حقوق الشعب الفلسطيني، وأهمها اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة التي تمثل مصلحة أردنية علياquot;.

مصلحتنا.. أوباما

ويرى وزير الاعلام الأردني الاسبق نبيل الشريف، في حديث خاص لـ quot;إيلافquot;، أن quot;العامل المحوري لدى الناخب الاميركي هو الملف الاقتصادي المحلي، ومن ابرزه معدلات البطالة والتأمينات الصحية، ووفق هذا الأساس يأتي الرئيس، لكن لا يمكن نكران أهمية هذه الانتخابات عالميًا، بالرغم من أننا لسنا ناخبين فيها. لكن علينا ان ندرك ان هنالك ثوابت ومصالح تحكم العلاقة الأردنية الأميركية، فنحن لا نعول كثيرًا على حدوث تغير في السياسية الأميركية، وانما هنالك فرق في الاسلوب، ومن مصلحتنا أن يأتي أوباما ليستمكل تنفيذ وعوده التي كانت الضغوط داخل اروقة البيت الابيض تقف عائقًا امام تنقفيذها في الفترة الرئاسية الاولىquot;.

توقع الشريف ان يتحرر الرئيس الاميركي المنتهية ولايته اوباما من ضغوط الديمقراطيين في حال فوزه، ما سينعكس إيجابًا على تنفيذ وعوده التي اطلاقها، بضرورة دفع عجلة احياء عملية السلام الفلسطينية الاسرائيلية المتعثرة بسبب الدعم الاميركي اللامتناهي للسياسية الاسرائيلية، مضيفًا أنّ مسؤولية الحكم quot;ستجعل المرشح الجمهوري ميت رومني معتدلًا أيضًا إن فاز بالانتخابات، تمامًا كما حصل مع الرؤساء السابقين، وأودّ أن أقول إنّ رومني سيبدو كأوباما بعد أربع سنوات من ولايته، فهذه هي الحال دائمًاquot;.

ويشدد الشريف على ان مصلحة الولايات المتحدة تكمن في ان تكون علاقاتها وفق المصالح المتبادلة المبنية على التوازن في التعامل مع القضية الفلسطينة، وعدم الانحياز إلى اسرائيل، خصوصًا في ظل ما تعيشه المنطقة العربية من تغير في انظمتها، التي كانت مدعومة من البيت الابيض، بعدما أثبتت شعوبها رفضها للتبعية لواشنطن

نحو اسلام معتدل

في السياق ذاته، قال الدكتور احمد العرموطي، رئيس مجلس النقابات المهنية الأردنية لـ quot;إيلافquot;: quot;تنعكس الانتخابات الأميركية في أهميتها على كل دول العالم، ومنها الأردن الذي يعتبر بموقعه الاستراتيجي وتكوينه الديموغرافي من اكثر دول المنطقة تأثرا بنتائجها، لتعايشه اليومي مع القضية الفلسطينية، منذ استقلال المملكة الأردنية في العام 1946.

ويؤكد العرموطي على ضرورة ان تعيد اميركا النظر في سياساتها الخارجية تجاة المنطقة العربية، لتكون مبنية على المصالح المتبادلة وليس على مبدأ فرض القوة العسكرية، مشيرًا إلى ان الدول العربية هي من تمتلك النفط والموقع الاستراتيجي، داعيًا البيت الابيض إلى الانحياز إلى الشارع العربي الذي اثبت رفضه للتسلط والتدخل الاميركي في شؤونه.

وخلال حديثه لـ quot;إيلافquot;، اعتبر العرموطي ان الغرب وأميركا يسعون إلى ايجاد تفاهمات سياسية مع القوى الاسلامية، التي استطاعت ان تصل إلى كرسي الحكم في بعض دول الربيع العربي، لخلق اسلام سياسي معتدل يضمن علاقة اسلامية اخوانية غربية لاحتواء التنظيمات الاسلامية المتطرفة.

رئيسًا لأميركا.. وليس رئيسًا لإسرائيل

انتقد زكي بني ارشيد، القيادي في حركة الاخوان المسلمين في الأردن، أي صلة للاخوان بأميركا، معتبرًا هذه الاتهامات مثيرة للاشمئزاز السياسي. قال:quot;مصلحة الأردن تفرضها ارادة الأردنيين، ولا تحددها نتائج الانتخابات الأميركية، فمنذ نشأت العلاقة الأردنية الأميركية نلاحظ انها كانت قائمة على التبعية، وهذا ما يدل على ضعف الارادة السياسية وعدم استغلال الاوراق السياسية التي يجب ان يستغلها الأردن، وفي مقدمتها وضع اتفاقية وادي عربة في الميزان السياسي، من اجل انتزاع الحقوق الأردنية، وليس الاستجداء، ما يعني علاقة قائمة على المصالح وليس التبعيةquot;.

ودعا بني ارشيد الرئيس الأميركي القادم لأن يكون رئيسًا للولايات المتحدة وليس لإسرائيل، في اشارة إلى الدعم المتواصل للحكومات الاسرائيلية المتعنتة، التي ما تزال تضرب عرض الحائط بكل الدعوات السياسية من اجل انهاء معاناة الشعب الفلسطيني.

المطلوب حياد وتوازن

يرى المحلل السياسي ماجد الامير ان الأردن لا يفضل مرشحًا على آخر، فالعلاقة مبنية مع الدولة وليست مع شخص الرئيس. ويعتقد الامير ان الفترة الرئاسية الاولى لاوباما حبلت بالضغوط السياسية الخاضعة للوبي الاسرائيلي، ما افشل أوباما في تنفيذه وعوده التي اعلنها خلال خطاب القاهرة قبل اربع سنوات.

وحول المطلوب من الرئيس الأميركي القادم، قال الامير لـ quot;إيلافquot;: quot;عليه ان ينظر إلى الشعب الفلسطيني، الذي يعاني نتيجة الدعم الاميركي الكبير لإسرائيل، بحياد وتوازن، وأرى أن اوباما سيكون أقدر من رومني على الاهتمام بالشرق الاوسط، خصوصًا مع التأكيد على ان الرئاسة الأميركية القادمة يجب ان لا تتدخل في الشأن الداخلي للدول العربية، مع ضرورة اعطاء الشعوب حرية تقرير مصيرها.