حققت الثورة المصرية هدفها الأول بازاحة الرئيس السابق، أما قيام نظام ديموقراطي يقبل كافة فئات الشعب فهو الهدف الثاني الذي يواجه تحقيقه تحديات كبرى،أهمها مشابهة خطاب الرئيس محمد مرسي لخطاب سلفه المخلوع في التمسك بنظرية المؤامرة.


القاهرة: من المعروف أن الثورات بطبيعتها تتسم بأمور لا يمكن توقعها، والثورة المصرية ليست استثناء. وقد حققت تلك الثورة التي بدأت قبل أقل من عامين هدفها الرئيسي وهو الإطاحة بديكتاتورية مبارك، أما هدفها الثاني، فهو الأكثر إثارةً للتحديات والمشاكل، المتعلق بوضع نظام حكم ديمقراطي يقبل أغلبية المصريين.

مؤسسات الدولة لا تبنى بين ليلة وضحاها

لكن صحيفة الأوبزرفر البريطانية لم ترَ ثمة مفاجأة في أمر كهذا، مبررةً ذلك بأن مؤسسات الدولة ذات المصداقية لا يمكن أن تبنى بين ليلة وضحاها خاصة وأن أياً منها لم يكن موجوداً من قبل. وأعقبت الصحيفة بقولها أن المصالح الخاصة لا تتفرق على الفور في الوقت الذي يتعرض فيه النظام لحالة من الانهيار، منوهةً إلى أن الساسة لا يصبحون أمناء ذات فجأة.

ومضت الصحيفة تشير إلى التوترات التي لم تحسم بعد على مدار الأيام الماضية في مصر بين الإسلاميين والعلمانيين والمحافظين والليبراليين والأقباط والمسلمين بخصوص الاتجاه الذي ينتظر أن تسير فيه بلادهم خلال الفترة المقبلة. ونوهت الصحيفة إلى أن الأمر المثير تماماً للإزعاج هو المتعلق بدرجة الاستقطاب التي كشفت عنها الصدامات العنيفة حول القصر الرئاسي والتبادلات السياسية اللاذعة المتلاحقة.

انهيار الثقة

وقد وصفت روايات شهود العيان للقتال الذي نشب بين أنصار جماعة الإخوان المسلمين المؤيدين للرئيس محمد مرسي وبين جماعات المعارضة مشاهد دمار وفوضى في القاهرة تنطوي على غوغاء من المدنيين الغاضبين تقدر أعدادهم بالآلاف وقنابل حارقة ومسدسات وضرب دون شفقة وبعض الوفيات وإصابات بالمئات.

ورأت الصحيفة أن ذلك لم يكن اختلافاً في الرأي بقدر ما كان انفجاراً للكراهية يعكس انهياراً في الثقة، جعل معلقين مخضرمين يحذرون من أنه قد يكون بداية لحرب أهلية.

وأضافت أن تلك المواجهة كانت تختمر منذ فترة طويلة، وأنها خرجت الآن إلى العلن، وأن الخطر هو المتعلق بمدى تشبث كل طرف بموقفه في ما يتعلق بالدستور، لاسيما وأن المصريين يدركون بالتأكيد أن ثورتهم عند منعطف وتتعرض لخطر كبير.

وتابعت الصحيفة بتأكيدها على إمكانية التوصل لحل وسط تحتاج إليه جموع الشعب المصري على وجه السرعة، في ظل ما تشهده البلاد من حالة فوضى وسفك في الدماء.

وأوضحت أن إصرار محمد البرادعي وغيره من قادة ورموز المعارضة على ضرورة أن يقوم مرسي بإلغاء الاستفتاء على مسودة الدستور المقترح والمقرر إقامته يوم الـ 15 من الشهر الجاري، قبل مواصلة أي حوار، قد لا يكون في صالح الوطن.

خطاب مرسي

ولزيادة تسهيل المحادثات، يتعين على مرسي أن يحسن من عرضه الخاص بإصلاح المواد المثار حولها اعتراض في مسودة الدستور وأن يقبل بوضوح أن وضع قانون أساسي جديد من خلال لجنة تأسيسية قاطعها كثيرون ويهيمن عليها إسلاميون وحلفاؤهم ليس وسيلة معقولة أو توافقية لبناء مصر الجديدة. ولابد بشكل خاص من مراجعة المواد التي من شأنها أن تمنع تدقيق البرلمان في شؤون الجيش.

وختمت الأوبزرفر بتشديدها على ضرورة أن يتخلى مرسي عن طريقة حديثه المشابهة لطريقة حديث سلفه مبارك عن وجود مؤامرة خارجية تدعم quot;الطابور الخامسquot;، وأن يدين أعمال العنف التي حدثت مؤخراً، وأن يوجه بإجراء تحقيق دقيق.