أجمعت التقارير الغربية على أن النظام السوري استعمل غاز سارين ضد قوات المعارضة، وأكدت إسرائيل ذلك، لكن الولايات المتحدة تريد دليلًا قاطعًا، ما دفع بالمعارضين السوريين إلى مهاجمة السياسية الأميركية، متهمين واشنطن بالكذب على الثوار، وبمباركة تقسيم سوريا.


بهية مارديني من لندن: بالرغم من تأكيدات وزير الإعلام السوري عمران الزعبي في موسكو أن دمشق لن تستخدم الأسلحة الكيماوية ضد مواطنيها، أو في حالة نشوب حرب مع إسرائيل، إلا أن التصريحات الإسرائيلية وشريط الفيديو، الذي بثته صحيفة تايمز، وتأكيدات الحكومة البريطانية حول استخدام الأسلحة الكيماوية، جاءت قاطعة، لكنها في المقابل تعكس حالة انقسام الموقف الدولي في قراءة أدلة استخدام هذه الأسلحة، والطريقة التي تتم وفقها هذه القراءة.

في خطوة جديدة، دعت الخارجية الإسرائيلية الولايات المتحدة إلى التحرك من أجل استعادة السيطرة على الأسلحة الكيماوية السورية، حتى لا يعطي عدم تحركها بعد حصولها على أدلة استعماله إشارة لإيران إلى أنها تستطيع استكمال برنامجها النووي من دون عقاب.

وكانت تصريحات مسؤولين كبار في جهاز الأمن الإسرائيلي كشفت عن تورّط نظام الأسد في استخدام السلاح الكيماوي، وسببت ما أسمته الصحافة الإسرائيلية حرجًا في البيت الأبيض، فالخط الأحمر، الذي وضعته واشنطن، اخترقه النظام السوري أكثر من مرة، من دون تحرّك أميركي جاد، كما إن واشنطن تعتبر التدخل العسكري خيارًا من ضمن خيارات عدة، أولها الحل السياسي، بحجة فشل التدخل في العراق.

واشنطن تكذب على الثورة
كشفت الدكتورة نغم الحافظ، عضو تيار التغيير الوطني، لـquot;إيلافquot;، أن الأسلحة الكيماوية تصنّع منذ الثمانينات في مركز البحوث في منطقة برزة في دمشق، بخبرات أصدقاء النظام السوري.

وأعربت عن استغرابها من تصريحات وزير إعلام النظام السوري بأن الاسلحة الكيماوية، التي استخدمت قرب حلب، وصلت على الأرجح من تركيا، واقتراحه بأن يقوم الروس بالتحقيق في احتمال استعمال السلاح الكيماوي.

وأشارت الحافظ إلى استعمال النظام غاز سارين في منطقة جوبر في دمشق، وقالت: quot;أصيب عدد من الأشخاص بالهلوسة، ثم الاختناق، وبعضهم انتهى بهم الأمر إلى الوفاة، وهذه من أعراض الإصابة بغاز سارين، وهناك غازات استخدمها النظام، من أعراضها الإصابة بالأمراض الجلديةquot;.

من جانبه، قال الناشط السياسي الكردي المستقل الدكتور سيف الدين سليمان لـquot;إيلافquot; إن واشنطن تكذب منذ بداية الثورة، وهي مستمرة في الكذب، متسائلًا: quot;ما الفارق إن قتل النظام عائلتي بالكيماوي أو بالقصف المدفعي أو بالرصاص؟quot;، معتبرًا أنها حجج يتمسك بها الغرب، الذي يريد بقاء النظام، حتى تنهك المعارضة والنظام معًا.

واعتبر سليمان أن كل ما يجري هو في عداد التصريحات الإعلامية، مثل تصريحات رجب طيب أردوغان رئيس الوزراء التركي، حول اعتبار حماه خط أحمر.

واشنطن تبارك التقسيم
لفت المهندس فهد الرداوي، مدير مكتب تيار التغيير الوطني في السعودية، في مداخلة له لـquot;إيلافquot;، إلى التخاذل العالمي والعربي، والذي يبدو جليًا في المشهد السوري. ووصف الموقف الأميركي بالمتخاذل والأكثر غرابة، مشيرًا إلى تناقضه مع إعلان واشنطن دعم الثورة السورية، بينما الواقع يؤكد عكس ذلك.

وحذّر الرداوي الولايات المتحدة من سياساتها في المنطقة، وقال: quot;تغنت بأنها راعية السلام والسلم الإنساني المعهود مرارًا وتكررًا، ولكنها غضّت النظر عن كثير من المجازر التي ارتكبها النظام، ومازالت تضيف خطوطها الحمراء، الخط تلو الخط، وتتغاضى عن استخدام الأسد للسلاح الكيماوي، الذي أثبتت التقارير استخدامه، وجاء التشكيك الأميركي على لسان وزير الخارجية، كما غضّت الطرف أيضًا عن تدخل إيران وحزب الله السافر في سورياquot;.

وتخوف الرداوي من المباركة الأميركية، التي اعتبرها واضحة، لمشروع تقسيم التراب السوري الموحد، وجعله دويلات صغيرة غير قادرة على حماية نفسها، وبهذا تكون قد تحققت نبوءات الجوار الضعيف لدولة إسرائيل. لكنه عوّل على وعي الشعب السوري، الذي سيرفض كل هذه المخططات، وسيردع أية محاولة لتقسيم ترابه.

أميركاتريد دليلًا
وكان عاموس يدلين، رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابق، قالquot; quot;بتقديرنا، يستخدم النظام في سوريا سلاحًا كيماويًا، وأغلب الظن غاز سارين، ففي سوريا ترسانة هائلة من السلاح الكيماويquot;.

وأكد يدلين أن مجرد استخدام السلاح الكيماوي من دون رد مناسب من جانب العالم يمكن أن يؤشر إلى أنه شرعيquot;. كما أشار إلى أنه quot;يجب أن نكون قلقين جدًا من إمكانية أن يصل سلاح كيماوي إلى جهات أقل مسؤولية، لا تحسن حسابات الربح والخسارةquot;.

أما جون كيري، وزير الخارجية الأميركي، فقال إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو لم يؤكد التقرير حول استخدام السلاح الكيماوي في سوريا.

ثم أكد الناطق بلسان البيت الأبيض، جي كارني، أن الإدارة تعتمد حاليًا فقط على تقديراتها هي، وقال: quot;نحن نشارك بوسائل أخرى في الرقابة على نقل السلاح الكيماوي في سورياquot;. أضاف: quot;نحن نبحث عن دليل قاطع، إذا كان مثل هذا الدليل قائمًا، وأنا لا أدخل في التخميناتquot;.