الأردن خائف من وجود عناصر جبهة النصرة السورية على حدوده، وما وجود الجنود الأميركيين إلا لتعزيز الحدود، والتدخل لوضع اليد على السلاح الكيماوي السوري لحظة ينهار الأسد، وحماية المنطقة العازلة في جنوب سوريا.


عمّان: باتت الازمة السورية عبئًا ثقيلًا على الأردن، خصوصًا في ظل تسارع الاحداث. وتكاد تكون الاوضاع السورية مستنقعًا يحاول الاردن تفادي الغرق فيه، رغم ما يشكله من خطورة على أمنه الوطني ومصالحه الاستراتيجية بحكم حدوده الجغرافية. وبات الأردن في حصار متعدد الاشكال، من ظروف اقتصادية صعبة للغاية واستمرار للحراك شعبي، واستمرار تدفق اللاجئين السوريين الذينتجاوز عددهممليوناً ونصف مليونلاجئ.

غير أن الهاجس الأكبر الذي يقلق الاردن هو جبهة النصرة. تقول مصادر رسمية أمنية أردنية لـquot;ايلاف إن الاردن يحاول التصدى لخطر القاعدة منذ سنوات، ووجود عناصر جبهة النصرة على الحدود السورية الأردنية يخيف أركان الدولة من تسجيل اختراق أو من استهداف أمن الاردن أو السيطرة على مخازن الاسلحة الكيماوية السورية المنتشرة قرب الحدود الاردنية بعد سقوط الاسد.

أنبار ثانية

ثمة مصدر آخر للقلق الأردني، وخصوصًا على المستوى الشعبي، وهو التسريبات الاعلامية لوسائل اعلامية اجنبية عن فتح الاردن اجواءه امام الطيران الحربي الاسرائيلي في حال قررت تل أبيب توجيه ضربة عسكرية ضد النظام في دمشق.

نفى الاردن رسميًا هذه الانباء، كما يستبعد الخبير الاستراتيجي والمحلل السياسي الدكتور حسن البراري أن يسمح الاردن لطائرات اسرائيلية بالمرور في الاجواء الاردنية لضرب قواعد عسكرية سورية، quot;فلإسرائيل اجواء اخرى هي الجولان وجنوب لبنانquot;.

ويقول البراري لـquot;ايلافquot; إن الاردن على ما يبدو غيّر موقفه وفق مصالحه العليا، quot;لأن صاحب القرار في الاردن يعتقد أن جنوب سوريا سيتحول إلى منطقة أنبار ثانية، أي إلى مقر وممر لإرهاب القاعدة، وهذا يهدد الاردن بشكل مباشر، كما باتت مسألة اللاجئين تزعج كل المكونات الاردنية، الرسمية والشعبية والبرلمانية والسياسيةquot;.

ويضع البراري هذه التسريبات في خانة الحملة المركزة على الاردن لتأجيج الشارع الاردني، quot;وتصويره كأنه بلد متأمر على سوريا، من اجل إثارة الفوضي الداخلية واحراج الملك عبدالله، ورفع الكلفة الشعبية لمسألة التدخلquot;.

استغلال الأردن

من جانبه، يعتقد الدكتور علي الحباشنة، رئيس اللجنة الوطنية للمتقاعدين العسكريين، أن الأردن قد يسمح لطائرات اسرائيل بالمرور في الاجواء الاردنية، لأن التعاون الاستخباراتي بين الاردن واسرائيل قائم منذ توقيع وادى عربة، quot;وغياب التوضيح الرسمي واختصاره بنفي مقتضب يخلق التشكيك لدى الشارع الاردنيquot;.

ويرى الحباشنة أن ادارة الملف السوري ليست بيد الحكومة الأردنية وأنها لا تعلم شيئًا في هذا الاطار، ويعتبر أن زج الاردن عسكريًا في سوريا يأتي استغلالًا لظروفه الاقتصادية الصعبة، إذ يعاني من مديونية وصلت الى27مليار دولار، من قبيل وضعه تحت أمر واقع ما.

ولدى الحباشنة مخاوف فعلية من تطور الاوضاع بشكل عنيف ومتسارع خلال الاسابيع القادمة في سوريا، مدللًا على ذلك بوجود 200 جندي أميركي على الارض الاردنية، قيل إنها أتت للمشاركة في مناورة الاسد المتأهب، بحسب الرواية الرسمية الاردنية.

فالحباشنة يشكك بهذا التبرير، ويرى أن وجود هذه القوة الاميركية على الارض الاردنية هي مقدمة للسيطرة على مخازن الاسلحة الكيماوية القريبة من الحدود الاردنية بعد سقوط النظام السوري، ولمساعدة الاردن من أجل إقامة منطقة عازلة في جنوب سوريا.

تفتيت المملكة

من جانبه، يرى البراري أن تواجد القوات الاميركية في الاردن جاء برغبة وطلب اردني من الرئيس الاميركي باراك اوباما خلال الشهر الماضي، لتعزيز الحدود الشمالية مع سوريا، ونشر صواريخ في تلك المنطقة. ويعتبر البراري أن التحالف الاستراتيجي والتعاون العسكري الذي يجمع أميركا والاردن يجعل تواجد قوات أميركية في الاردن وضعًا اعتياديًا وطبيعيًا.

يؤكد البراري أن خطوة الاردن هذه تنطلق من امرين، هما نقل اللاجئين الذين من المتوقع أن يصل عددهم إلى ثلاثة ملايين في نهاية العام الحالي واستقبالهم في مناطق العزل التي سيتم استحداثها، والسيطرة على الاسلحة الكيماوية بعد سقوط النظام السوري لمنع وصول جبهة النصرة إليها.

وفي هذا الاطار، أكدت مصادر مطلعة لـquot;ايلاف quot; أن اعداد جنود القوة الاميركية في تزايد، وهم في معظمهم من خبراء التعامل مع الاسلحة الكيماوية، وخبراء التدريب والتخطيط العسكري.

لكن الشعب الأردني يرفض تدخل بلاده عسكريًا في القتال السوري، وينظم يوم غد الجمعة مسيرة للمتقاعدين العسكريين والحراكات الشعبية هدفها، وفق ما ذكر الحباشنة، إعلان رفضهم تدخل الجيش الاردني في سوريا، لما يشكل ذلك من خطر امني واجتماعي على الاردن وشعبه، ورفضهم أن تجعل القوات الاميركية من الجيش الاردني رأس الحربة في سوريا، quot;لأن هذا يعني تدمير المؤسسة العسكرية، آخر مؤسسة متماسكة في الدولة الاردنية، وبداية الكونفيدرالية بين الاردن وفلسطينquot;، كما قال الحباشنة.