رغم الحديث عن أدلة دامغة على استخدام نظام الأسد سلاحًا كيماويًا ضد الثوار والمدنيين، إلا أن الثوار السوريين يستبعدون تمامًا أي تحرك غربي أو أميركي ضده، إذ يئسوا بعدما ذهبت مناشداتهم سدى على مدى عامين.
تعاملت المعارضة السورية مع الاتهامات التي وجّهت إلى النظام السوري باستخدام أسلحة كيماوية بمرارة يشوبها التسليم بالأمر الواقع، تعبيرًا عن يأسها من أي تحرك أميركي أو غربي بعد أكثر من عامين على الانتفاضة.
وكانت بريطانيا وفرنسا أعلنتا امتلاكهما أدلة مقنعة على أن النظام السوري استخدم غاز الأعصاب أكثر من مرة منذ كانون الأول (ديسمبر) الماضي. وقالت حكومتا البلدين في رسالة إلى أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون إن عيّنات من التربة في مناطق سورية ومقابلات مع شهود ومصادر المعارضة تسند الاتهامات الموجّهة إلى النظام باستخدام أسلحة كيماوية.
لكنّ مقاتلين في فصائل المعارضة وناشطين سارعوا إلى التقليل من شأن الموقف الأوروبي، مستبعدين أن يؤثر في الواقع اليومي، الذي يعيشه المدنيون والمقاتلون في سوريا، حيث يُقتل عشرات كل يوم، وتدمّر مدن كاملة.
السوريون لا يكترثون
قال الناشط محمد نحل، لصحيفة واشنطن بوست عبر سكايب، إن مقاتلي المعارضة على الأرض لم يعودوا يكترثون لأي تحقيق أو اجتماعات أو تصريحات من أي بلدان غربية تتعلق بالثورة السورية.
وأضاف قائلًا إن العالم شاهد الرئيس السوري بشار الأسد يدكّ المدن والبلدات السورية بالغارات الجوية وقذائف المدفعية وصواريخ سكود منذ أكثر من عامين، من دون أن يفعل شيئًا للثوار حتى الآن.
رغم هذا اليأس، فإن تهمة استخدام الأسلحة الكيماوية تشكل اختبارًا عسيرًا لإدارة الرئيس باراك أوباما، التي امتنعت حتى الآن عن تسليح المعارضة السورية، ولكنها قالت إن استخدام هذه الأسلحة quot;خط أحمرquot;.
وأبدى بعض المقاتلين أملًا بعيدًا بأن تستحث التقارير الأوروبية عن استخدام غاز الأعصاب ردًا دوليًا جديًا. وقال أبو هدى الحمصي من الجيش السوري الحر في حمص قرب الحدود اللبنانية: quot;نأمل الآن أن تساعدنا الحكومات الغربية والعربية، لكن المشكلة تكمن في أنهم يعتقدون أننا متطرفون إسلاميون سنقتل الأقلياتquot;. أضاف لصحيفة واشنطن بوست: quot;هذا ليس صحيحًا، والشائعات عرقلت وصول مساعدات يحتاجها الثوارquot;.
...والأميركيون لا يتدخلون
كانت إدارة أوباما أدرجت جبهة النصرة، إحدى الفصائل الكبيرة في صفوف المعارضة المسلحة، على قائمة المنظمات الإرهابية. وأعقب ذلك إعلان قادة الجبهة مبايعتهم زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري.
اتفق سلمان الشيخ، مدير مركز بروكنز الدوحة، مع المقاتلين، الذين استبعدوا أن تؤدي التقارير الأوروبية عن استخدام النظام أسلحة كيماوية إلى تدخل الولايات المتحدة تدخلًا مباشرًا في النزاع.
وقال: quot;لا أرى تصميمًا على التدخل، وإذا استمر استخدام هذه الأسلحة أو توسع، فإنني لا أراه يتحول إلى قلق حقيقي إلا حين يبدأون برؤية هذه الأسلحة تخرج عن سيطرة النظامquot;. وأضاف أن المسؤولين السوريين ربما كانوا يجسّون نبض ما يسمّى بالخط الأحمر.
وتابع الشيخ قائلًا إن أحدًا في المجتمع الدولي لا يريد أن يتحمّل مسؤولية النزاع السوري، مشيرًا إلى أنه لم يتقدم بلد للتدخل دفاعًا عن السكان المحاصرين في حالات سابقة استخدم فيها النظام الحاكم الغارات الجوية أو ارتكب مجازر. quot;وهنا تكمن المشكلةquot; على حد تعبيره.
التعليقات