في شريط كرتوني قديم تواتر على الانترنت، ظهر علم الثورة السورية، ما اثار سجالًا بين أنصار الصدفة، وأنصار المؤامرة الكونية على سوريا الممانعة والصمود.

لا يمكن الجزم إن كان في الأمر مصادفة أم سبق إصرار وترصد، لكن ظهور العلم الذي تتخذه الثورة السورية اليوم رايةً لها في أحد المقاطع الكرتونية الأميركية مسألة ينبغي التوقف عندها، كما فعل نحو 20 ألفًا ممن شاهدوا المقطع على موقع يوتيوب.
إنه مقطع قديم، نشر على الموقع في الأول من كانون الأول (ديسمبر) 2009، أي قبل عامين ونيف على اندلاع الحرب في سوريا، مستقى من النسخة الفرنسية للمسلسل الأميركي الكرتوني quot;عائلة سمبسونquot;، وتحديدًا من الحلقة الرابعة عشرة من الموسم الثاني من المسلسل، وبثت في شباط (فبراير) 2001، أي قبل عشرة أعوام من الثورة السورية، وشاهدها آنذاك أكثر من 10 ملايين مشاهد.
دليل المؤامرة
الصدفة تلعب هنا دورًا كبيرًا. ففي حينها، كان الاعلام الغربي يحضر الرأي العام للحرب على العراق، والعلم الوارد في المقطع لا يفترق عن العلم العراقي إلا بلون أحد ضفتيه.
لكن في سياق التوظيف السياسي للأمر، لا مكان لأي صدفة, فنظرية المؤامرة الكونية على سوريا لا تترك خرم إبرة إلا وتحاول الخروج منه بما يرفد اتهاماتها للثورة بتنفيذ أجندات العالم كله، لتدمير بلدها، وكأن سوريا لم ترزح أبدًا أربعة عقود ونيف من الزمان تحت جزمة عسكر نظام الحزب الواحد، الذي امتلأت سجونه بمعتقلين من كل شرائح الشعب السوري. فبادر بعض من الحاضرين على الانترنت إلى اعتبار المقطع كله دليلًا لا لبس فيه على المؤامرة التي حاكها الكون كله على سوريا الأسد، قلب العروبة النابض.
وكتب أحدهم معلقًا: quot;هذا الشريط دليل على أن ما سمي بالثورة السورية ليست سوى فكرة أميركية، هدفها إضعاف وتمزيق سوريا بأيدي صنيعتهم القاعدة.quot;
عراق وأفغانستان
الجدير ذكره أن الحلقة التي اقتطع منها الشريط تدس في عقل الأطفال الأميركيين رسالة مموهة، يراد منها تربيتهم على فكرة الانضمام إلى البحرية الأميركية، مظهرًا قوتها وعزمها على تدمير الأشرار، فيظهر مقطع قصف المقاتلات الأميركية مجموعة من المسلحين أمام عربة عسكرية صغيرة، عليها العلم موضع النقاش، ليتحول المشهد إلى شبه quot;فيديو كليبquot; لنساء عربيات مبرقعات لكن شبه عاريات، يرقصن على أنغام الموسيقى الغربية. وهذا التحول يبني فكرة التغيير الذي ترميه الولايات المتحدة من الجو، ليغير من في الأرض أفكارهم، من السير خلف القاعدة إلى اعتناق المبادئ الغربية.
ولا بد في هذا السياق استذكار حادثة جرت أيام الحرب الأميركية على طالبان في أفغانستان، إذ قامت الطائرات الأميركية حينها برمي الآلاف من المجلات الإباحية في مسعى منها لزعزعة إيمان طالبان القاعدية، وحرف الرجال عن جهادهم ضد القوات الأميركية الغازية.
ولعل ذلك يلتقي مع رأي أحد المعلقين على الشريط، إذ قال إن مسلسل آل سمبسون quot;من أعمال الماسونية، وقد ظهر فيه الكثير من الألغاز، مثل أحداث أيلول (سبتمبر) قبل حدوثها، فهذا مشروع صهيوني، وقد نجحوا في تفريق العرب.quot;
وتجدر الاشارة هنا إلى أن المقطع الذي يحتوي على علم الثورة السورية غير موجود إلا في النسخة الفرنسية المتداولة على الانترنت، كما أكد العديد من مشاهدي المقطع في تعليقاتهم.