بالرغم من اتفاق أصدقاء سوريا في اسطنبول على تسليح المعارضة السورية عبر قناة وحيدة هي المجلس العسكري، إلا ان أميركا ما تزال تشكك في تقيد بعض الدول بهذا الأمر، وهو ما سيبحثه أوباما والشيخ حمد في اجتماعهما القادم.


لندن: يلتقي الرئيس باراك اوباما في البيت الأبيض الثلاثاء أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني. ولا ريب في أن اوباما سينقل إلى الشيخ حمد شكر الولايات المتحدة على استضافة قطر قادة جوية أميركية كبيرة في منطقة الخليج، وعلى المساعدة في قضايا عديدة ابتداء من ليبيا إلى افغانستان.

لكن مراقبين توقعوا أن يطلب الرئيس الأميركي من ضيفه التأكد بأن الأسلحة التي ترسلها قطر إلى المعارضة السورية لا تذهب إلى جبهة النصرة، التي اعلنتها الولايات المتحدة منظمة ارهابية، ترتبط بتنظيم القاعدة، أو إلى جماعات اسلامية متطرفة أخرى تقاتل في صفوف المعارضة ضد نظام الرئيس بشار الأسد، بحسب صحيفة واشنطن بوست.

واشارت الصحيفة إلى أن دولًا خليجية مجاورة لقطر لديها مصالحها في مآل الانتفاضة السورية هي المصدر الرئيسي للاتهامات القائلة إن مساعدات الدوحة تتدفق على الجماعات المتطرفة. والمفارقة أن جميع هذه الدول تربطها علاقات صداقة بالولايات المتحدة، وان تنافسها وضع ادارة اوباما في موقف صعب، في وقت تحاول أن ترسم معالم سياستها تجاه الأزمة السورية بحدود واضحة.

عبر المجلس العسكري

كانت الولايات المتحدة، حتى الآونة الأخيرة، تحث الدول الحليفة في المنطقة على الامتناع عن ارسال أي اسلحة إلى سوريا، تفاديًا لمزيد من سفك الدماء. لكن بعد عامين من الاقتتال، من دون أن تلوح بوادر تشير إلى رحيل الأسد أو انهيار نظامه، أخذت الولايات المتحدة تزيد ببطء مساعدتها إلى المعارضة السورية، لتشمل معدات عسكرية غير فتاكة، مع الاعتراف بامدادات السلاح التي تقدمها دول خليجية، بينها قطر، والترحيب بها ترحيبًا غير معلن.

لكن اتضح أن السيطرة على وجهة هذه الأسلحة تثير إشكالية كبيرة. وخلال اجتماع اصدقاء سوريا في اسطنبول أخيرًا، بحضور قادة المعارضة السورية وهيئة اركانها العسكرية، اتفقت حكومات الدول الإحدى عشرة المشاركة على اعتماد المجلس العسكري الأعلى برئاسة اللواء سليم ادريس قناة وحيدة لإيصال المساعدات العسكرية. وتعهد المجلس بألا يقدم هذه المساعدات إلا لجماعات quot;مزكاةquot;.

واعتبر وزير الخارجية الأميركي جون كيري أن هذا الاتفاق واحد من أهم الإجراءات التي يمكنها أن تغير الوضع على الأرض. لكن السؤال المطروح الآن هو ما إذا كانت الدول ذات العلاقة ستنفذ هذا الالتزام. وكان كيري اجتمع في واشنطن في وقت سابق مع وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل وولي العهد الاماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان كلا على انفراد.

أحسن تسليحًا

في الأسابيع القليلة المقبلة، سيجتمع اوباما بالعاهل الاردني الملك عبد الله الثاني، ورئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان، اللذين تستقبل دولتاهما مئات ألوف اللاجئين السوريين.

وتخشى دول المنطقة بلا استثناء تداعيات الأزمة السورية اقليميًا، إزاء تنامي البعد الطائفي للحرب المستعرة في سوريا. فغالبية فصائل المعارضة ومقاتليها من السنة، وغالبية اركان النظام من الطائفة العلوية. وابدت مكونات أخرى مثل المسيحيين والدروز مخاوف من صعود دور الجماعات الاسلامية المتطرفة في النزاع، ما دفعها إلى التردد في مناهضة نظام الأسد.

وفرض الاسلاميون المتطرفون الذين يسيطرون على بعض المناطق قيودًا اجتماعية وممنوعات مختلفة، بينها حظر التدخين، ومنع المرأة من الخروج بلا حجاب. كما أن المعارضة السورية على اختلاف فصائلها لم تحقق نجاحًا كبيرًا في اقناع الأقليات السورية، بل وحتى بعض السوريين في معسكرها، بالتزامها باقامة حكم تعددي مدني على انقاض النظام، وقدرتها على صيانة وحدة سوريا وسلامتها الاقليمية.

وفي صفوف الجماعات المسلحة، يميل التأييد لصالح المقاتلين الأشد بأسًا والأحسن تسليحًا، وهؤلاء في احيان كثيرة من الاسلاميين المتطرفين، بحسب صحيفة واشنطن بوست. وقال مسؤولون أميركيون إن التسليح والتمويل لا يأتي كله من حكومات خليجية، بل يساهم في ذلك افراد خليجيون يدعمون فصائل ذات توجهات اسلامية معينة.

ماذا أقول لرجالي؟

روى مسؤول أميركي رفيع طلب عدم ذكر اسمه، حضر اجتماع اسطنبول، لواشنطن بوست حديثًا اجراه مع قائد عسكري كبير في المجلس العسكري الأعلى للثورة السورية. قال إن القائد العسكري السوري أخبره أن بعض رجاله يعرفون اشخاصًا في الخليج، من خلال علاقات عائلية وصداقة، أو رجال اعمال يستطيعون، بالمعنى الحرفي للكلمة، أن يمدوهم بملايين الدولارات في صناديق خلال ايام معدودة. ولخص المسؤول الأميركي موقف هذا القائد السوري الصعب ناقلًا عنه: quot;ماذا أقول لرجالي؟ لا تأخذوا المال من رجل الأعمال المدعوم بشبكة اسلامية؟quot;

ووصف كيري ومسؤولون أميركيون آخرون اجتماع اسطنبول بأنه نقطة تحول تعهدت فيه القيادة السياسية للمعارضة بإعادة تكريس طاقاتها للبحث عن حل سياسي، من دون لأن يكون الأسد شريكًا تفاوضيًا، ولتحقيق وحدة الهدف وحماية حقوق الأقليات.

وبعيدًا عن انظار ممثلي المعارضة السورية، ظلت الدول المانحة تتجادل فيما بينها طيلة ساعات وراء ابواب مغلقة بشأن خلافاتها. وتساءل دبلوماسي حضر اجتماع اسطنبول: quot;كيف نستطيع أن نطرح على المعارضة مطالبنا ونحن نعرف أن علينا أن نرتب بيتنا أولًاquot;.